بيرنز يسلم العقيد القذافي رسالة من بوش حول العلاقات الثنائية ولندن تؤكد زيارة رئيس الوزراء البريطاني الى طرابلس اليوم

TT

اكدت لندن امس ان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير سيقوم اليوم بزيارة تاريخية الى طرابلس حيث سيلتقي العقيد معمر القذافي على مشارف طرابلس. من ناحية ثانية، سلم مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط وليام بيرنز الزعيم الليبي رسالة من الرئيس جورج بوش حول «العلاقات الثنائية والظروف الدولية»، حسبما افادت وكالة الانباء الليبية «جانا» امس. واضافت الوكالة من دون توضيحات ان القذافي اجرى محادثات مع بيرنز.

واعلن متحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية امس في مدريد ان بلير سيقوم اليوم بزيارة الى ليبيا. واوضح مصدر حكومي بريطاني انه سيتم استقبال بلير تحت خيمة، كما تعود الزعيم الليبي على استقبال الشخصيات، بالقرب من طرابلس. واضاف المتحدث الذي يرافق بلير في زيارته الى مدريد انها ستكون اول زيارة لرئيس حكومة بريطاني الى ليبيا منذ ستين سنة. واشار المصدر الحكومي الى ان هذه الزيارة تأتي في وقت تتعاون فيه ليبيا بشكل «جيد للغاية» منذ اعلانها في ديسمبر (كانون الاول) الماضي تخليها عن برنامجها لاسلحة الدمار الشامل.

الى ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي كولن باول ان مساعده بيرنز، وهو اعلى مسؤول حكومي أميركي يزور ليبيا منذ اكثر من 30 عاما، اجرى «مناقشات جيدة» مع القذافي . واضاف باول قائلا للصحافيين في واشنطن «انه (الاجتماع) يظهر اننا نسير قدما في خريطة الطريق السياسية التي وضعناها مع الليبيين كنتيجة لتصميمهم على التخلي عن اسلحتهم للدمار الشامل».

وأجرى بيرنز بعد قليل من وصوله الى طرابلس اول من امس محادثات مع وزير الخارجية الليبي محمد عبد الرحمن شلقم. ولم تعط مصادر حكومية تفاصيل. وكانت الطائرة التي تقل مساعد وزير الخارجية الأميركي قد هبطت في مطار معتيقة وهي قاعدة عسكرية أميركية سابقة خارج طرابلس. ولم تجر لبيرنز اي مراسم استقبال رسمية وكان في استقباله رئيس الوزراء الليبي السابق عبد العاطي العبيدي. ولم يدل الضيف الأميركي بأية تصريحات للصحافيين ونقلته سيارة بسرعة الى فندق في طرابلس. وكان من المقرر ان يغادر بيرنز ليبيا في وقت لاحق امس. وترى مصادر دبلوماسية ان الزيارة بادرة على ان الولايات المتحدة قد ترفع قريبا عقوبات مفروضة على دولة كانت تعتبرها حتى وقت غير بعيد دولة مارقة بسبب مناصرة القذافي لقضايا راديكالية في افريقيا واوروبا والشرق الاوسط. وما زالت ليبيا مدرجة في القائمة الأميركية للدول «الراعية للارهاب». وقد رفعت واشنطن اوامر سابقة كانت تمنع سفر الاميركيين الى ليبيا. وزارت العاصمة الليبية وفود من الكونغرس الاميركي منذ ديسمبر الماضي.

وتمثل زيارتا بيرنز وبلير اليوم دليلا اضافيا على ان القذافي الذي يحكم ليبيا منذ عام 1969 نجح في كسر العزلة المفروضة على بلاده بعد عقود حمل الغرب خلالها طرابلس المسؤولية عن هجمات مثل تفجير طائرة ركاب أميركية فوق بلدة لوكربي الاسكوتلندية عام 1988. يذكر ان اميركا وليبيا لم تقطعا قط علاقاتهما رسميا لكن واشنطن سحبت جميع دبلوماسييها من ليبيا في عام 1981 ثم فرضت عقوبات على طرابلس في العام التالي شملت حظرا على واردات النفط الليبي. واستأنفت الولايات المتحدة وجودا دبلوماسيا في طرابلس الشهر الماضي وأوفدت موظفين لقسم رعاية مصالحها في السفارة البلجيكية. وقالت واشنطن ايضا انها ستسمح لشركات نفط أميركية باستئناف العمل في ليبيا. واصبحت شركة «اوكسيدنتال بتروليوم» أول شركة أميركية للطاقة تحاول تنشيط العمليات لاعادة فتح مكتب في طرابلس في وقت سابق هذا الشهر. والاستثمارات الاجنبية حيوية لخطط ليبيا لفتح اقتصادها خاصة في صناعة النفط وهي المصدر الرئيسي لايراداتها من العملات الصعبة. ووصل بيرنز الى طرابلس اول من امس في اول زيارة لمسؤول في الادارة الاميركية الى ليبيا منذ 30 عاما. الى ذلك، اعلن عادل الدائمي رئيس جمعية الصداقة الليبية ـ الأميركية الذي يترأس وفد بلاده في اول زيارة من نوعها الى أميركا منذ ثلاثة عقود بأن المسؤولين الأميركيين اكدوا ان الحظر الذي تفرضه أميركا على ليبيا سيرفع قريبا جدا. وقال الدائمي في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» من طرابلس معه في مقر اقامته بواشنطن ان ستيفن بتلر المسؤول في الخارجية الأميركية عن ملف ليبيا اكد أن زيارة بيرنز لليبيا لها مدلولات مهمة وتعطي مؤشرات ايجابية لعودة العلاقات بين البلدين الى وضعها الطبيعي، مشيرا الى ان بتلر ابلغه بأن الحظر سيرفع قريبا عن ليبيا.

واشار الدائمي الى ان مسؤولي الخارجية الأميركية اكدوا للوفد الليبي خلال اجتماعاتهم معه بانه ليس هناك اية عقبات في منح التأشيرات لليبيين في ظرف ثمانية اسابيع من تاريخ تقديم الطلب عبر السفارة الأميركية في تونس.

وقال الدائمي ان الوفد الليبي التقى باعضاء الكونغرس الأميركي الذين زاروا ليبيا أخيرا في احتفال كبير اقامته جمعية الصداقة الأميركية ـ الليبية فيما التقى ايضا بالجالية الليبية التي تبلغ حوالي 40 الف نسمة. واعلن الدائمي ان وفدا من جامعة اوكلاهوما سيزور ليبيا الشهر المقبل لمنح اعلى وسام تمنحه هذه الجامعة العريقة للقذافي وكذلك منحه دكتوراه فخرية لدوره في الاسهام في تعزيز قضايا السلام في العالم.

الى ذلك، أكد جون بريسكوت، نائب رئيس الوزراء البريطاني، في معرض اجابته عن اسئلة اعضاء مجلس العموم امس بالنيابة عن بلير، ان «الاستمرار في الحديث (مع ليبيا) مهم للغاية». وأقر نائب رئيس الوزراء البريطاني بأن ما ذكره مايكل انكرام، نائب زعيم حزب المحافظين المعارض، عن «تورط» القذافي بدعم الارهاب ومسؤوليته عن تفجير لوكربي وعن مقتل الشرطية البريطانية ايفون فليتشر هي كلها «قضايا خطيرة» لا يمكن تجاهلها، لكنه اعتبر ان انتقاد المحافظين لتوقيت الزيارة بعد ايام من ضربات مدريد الارهابية. في غير محله. وشدد على ان «من الصحيح ان تستمر المناقشات» مع الزعيم الليبي، لأنها الوسيلة الوحيدة للتوصل الى تفاهم دائم بين لندن وطرابلس. واضاف «ان ما يتوجب علينا القيام به هو حفظ السلام والاستمرار في الحديث (مع طرابلس ومثيلاتها) والابقاء في الوقت نفسه على دفاعاتنا القوية ضد الارهاب».

وأخذ بريسكوت على المحافظين تبنيهم موقفاً غير واقعي بمعارضة الاتصالات مع ليبيا، مشيراً الى انهم هم من بدأوا الحوار مع «ارهابيي» الجيش الجمهوري الايرلندي مما ادى الى تحقيق السلام في ايرلندا الشمالية. وقال «لا بد من الحديث مع هؤلاء الناس (المهتمين برعاية الارهاب)»، مشدداً على ان «الاستمرار في الحديث» هو «الاجابة» الوحيدة لحسم الخلافات وضمان عدم تفاقمها بصورة خطيرة. وقد اعرب النائب فيز كامبل باسم حزب الديمقراطيين الاحرار، وهو ثالث اكبر حزب بريطاني، عن تأييده لنهج الحكومة في العمل على تحقيق تقارب مع طرابلس، كما رحب بزيارة بلير المحتلمة الى ليبيا.

وفي وقت سابق، اعتبر زعيم المعارضة البريطانية المحافظ، مايكل هاوارد، في مقابلة مع الـ«بي بي سي» ان انباء الزيارة المزمعة ستؤلم ذوي ضحايا لوكربي الـ270 فضلا عن بريطانيين آخرين.

واوضح «اعتقد انها ستسبب قدراً كبيراً من الالم لعائلات ضحايا لوكربي». الا ان المتحدث باسم اسر الضحايا البريطانيين، جيم سواير، رحب بالزيارة وقال ان التحرك نحو ادماج ليبيا بالمجتمع الدولي «سيقلص كثيرا فرص دعم الارهاب».