مرافقو الشيخ ياسين وأنجاله توقعوا له الموت الطبيعي قبل 36 ساعة من اغتياله بسبب التهاب رئوي حاد

TT

ليلة السبت الماضي، وقبل اغتياله بحوالي 36 ساعة، كاد الشيخ احمد ياسين، يسقط من كرسيه المتحرك بعد ان ألم به التهاب رئوي حاد، عادة ما يصيبه. فاسرع مرافقوه وانجاله الذين كانوا يتحلقون حوله في بيته، في حي الصبرة في جنوب مدينة غزة، واعادوه الى مكانه الطبيعي. ومن عوارض الالتهاب الحاد، اصابة الشيخ ياسين بضيق تنفس يجعله عاجزا عن الكلام. وما اثار خوف المرافقين والانجال انه كان يسمع من صدره من على بعد صوت صفير. فاسرعوا بنقله الى مستشفى «دار الشفاء»، حيث تلقى العلاج. ورغم من انه ظل يعاني، الا ان مرافقيه اصروا على اخراجه من المستشفى والتوجه به الى المنزل، بعد ان لوحظت تحركات عسكرية نشطة للجيش قبالة الشاطئ، الذي يبعد اقل من نصف كيلومتر وفي محيط مستوطنة نيتساريم القربية.

الذين شاهدوا الشيخ في هذا الوضع اكدوا ان الشيخ كان يوشك على الموت، حيث كان في حالة صحية سيئة جدا، ولم يستطع النوم للحظة واحدة بسبب المعاناة الناجمة عن ضيق التنفس. وصبيحة يوم الاحد اي قبل اقل من 24 ساعة على اغتياله، التزم الشيخ المنزل، وظل في حالة صحية بالغة الصعوبة، ولم يستطع تناول الطعام رغم اضطراره لتناول بعض العقاقير المهدئة لنوبات ضيق التنفس التي لم تفارقه طوال الوقت. ولاحظ مرافقو الشيخ طوال نهار يوم الاحد، نشاطا غير عادي لطائرات الاستطلاع الاسرائيلية بدون الطيار فوق حي «الصبرة» الذي يقع في اقصى جنوب المدينة اي على مقربة من مستوطنة نتساريم التي كانت تشهد تحركات عسكرية مريبة.

فقرر مرافقوه عدم السماح للشيخ بالمبيت في المنزل الذي يقع في اقصى جنوب الحي. وبعد التشاور معه، تقرر ان يتم نقله الى مأوى آخر بعد اداء صلاة العشاء في مسجد «المجمع الاسلامي»، الذي يبعد بضع مئات من الامتار عن البيت. بالفعل نقل الشيخ الى المسجد حيث ادى صلاة العشاء، لكن بعد ذلك فوجئ المرافقون وابناؤه بقراره البقاء في المسجد. ولم تفلح محاولات المرافقين والابناء، معه مؤكدا انه نوى هذه الليلة الاعتكاف في المسجد، وانه لن يغادره الا بعد ان يؤدي صلاة الفجر. لم يجد المرافقون بدا سوى الاستجابة لرغبته في حين عاد ابناؤه الى منزل العائلة، بينما ظل المرافقون يحيطون به، ورغم معاناته الشديدة من ضيق النفس، ظل يتهجد ويسبح طوال الليل.

واكد بعض من كان مع الشيخ ان تحسنا مفاجئا طرأ على وضع الشيخ الصحي قبل حلول موعد اذان الفجر، واخذ يتبادل اطراف الحديث مع مرافقيه ومع اوائل المصلين الذين بدأوا في الوصول الى المسجد لاداء الصلاة ليفاجأوا بوجوده قبلهم في المسجد.

واجل المؤذن تأجيل اقامة الصلاة، بعد ان لاحظ انخراط الشيخ في حديث مع بعض المصلين وطفل لم يتجاوز التاسعة من عمره حضر للصلاة. وبعد الصلاة انطلق به المرافقون الى البيت، بينما كان ولداه وجيران ادوا معه الصلاة يمشون بجواره.

وقبيل لحظات من اطلاق الصاروخ القاتل التفت احد المرافقين الى احد جيران الشيخ ليسأله بعض الشيء، وما ان استدار ثانية تجاهه حتى كان صاروخ «الهيل فاير»، الاول يخترق بطن الشيخ.

من المفارقات ان خليل ابو جياب، 28 عاما، احد مرافقي الشيخ، لم يكن من المفترض ان يدوام معه في هذه الليلة، بل واصل مرافقته استجابة لطلب احد زملائه الذي اعتذر لكي ينقل طفله للمستشفى.