مؤتمر أميركي في بيروت شعاره إرشاد الجمعيات الأهلية العربية إلى سبل «التغيير»

TT

بدأت في بيروت أمس أعمال المؤتمر الاقليمي حول «مشروع الشفافية والمحاسبة والادارة الجيدة» الذي تموله الوكالة الاميركية للتنمية الدولية بالتعاون مع مبادرة «الشراكة الشرق الاوسطية». ويشارك فيه 70 مدعواً من المؤسسات غير الحكومية والناشطين في 10 دول عربية بينها سورية والسعودية والعراق.

ويهدف المؤتمر الى «دعم المؤسسات الاهلية المحلية كي تلعب دوراً فعالاً وبناء في الدفاع عن التغيير وتشجيع الشفافية». وقد حرص منظمو المؤتمر على ابعاد الطابع السياسي عنه رغم ان السياسة كانت الشغل الشاغل للمشاركين ومادة أساسية في مداولاتهم خلال الاستراحة الاولى التي اخذوها عقب جلسة الافتتاح.

وقال مدير وكالة التنمية الاميركية الدكتور رؤوف يوسف لـ«الشرق الأوسط» ان الهدف من المؤتمر هو «تعريف المشاركين من الدول العربية بما يحصل في لبنان لأنه متقدم جداً في ما خص المنظمات الاهلية غير الحكومية». وابدى اعجابه بالتجربة اللبنانية التي سمحت لاربعة آلاف جمعية اهلية بالمشاركة في مفاصل الحياة، مشيراً في المقابل الى ان الدول العربية الاخرى «قد تسمح الى حد ما بنشوء جمعيات أهلية، لكن الأمر يحتاج الى تحرك أهلي وان يقتنع هؤلاء بإمكانية تحقيق تغيير ما».

وقال يوسف رداً على سؤال حول الفائدة التي تجنيها الولايات المتحدة من دعم هذه المشاريع: «القضية ليست قضية استفادة اميركية. ان فوائد هذه المشاريع يعم خيرها على العالم كله»، معتبراً «ان الخير الاقتصادي لا يحصر بحدود معينة». ورفض وضع «اطر سياسية» للتحرك الاميركي، مستغرباً وضع كل المشاريع التي تقوم بها المؤسسات الاميركية في اطار مشروع «الشرق الأوسط الكبير». وقال: «الناس تتكلم عن شيء غير موجود ولم يبصر النور بعد». وأكد ان دافع الضرائب الاميركي «طيب ولديه ميل فطري لمساعدة الآخرين».

وشدد يوسف على ضرورة التغيير في العالم العربي، لكنه رأى «ان هذا التغيير يجب ان ينبع من داخل العالم العربي لان اهله ادرى بما يحتاجون اليه»، داعياً المجتمع الاهلي الى الحصول على مطالبه بالضغط المتواصل.

اما السفير الاميركي في بيروت فنسنت باتل الذي حضر جلسة الافتتاح، فقد حرص بدوره على نفي «الابعاد السياسية» للدعم الاميركي لهذه المشاريع «ذات الطابع العالمي» والتي رأى انها «تفيد ايضاً دافعي الضرائب حول العالم». فيما وضع بيان صادر عن السفارة الاميركية مبادرة الشراكة الشرق الاوسطية التي اعلنها وزير الخارجية الاميركي كولن باول والمعروفة بـ«مبي» في اطار «دعم جهود التطوير الاقتصادي والسياسي والثقافي في الشرق الاوسط والدفاع عن الفرص للجميع خصوصاً بالنسبة الى المرأة والشباب».

وتستمر أعمال المؤتمر حتى يوم غد. وسيناقش المشاركون فيه «حرية الوصول الى المعلومات وجعلها في متناول الجمهور وحقوق الفئات المهمشة ومجموعات الضغط والعمل على حث الهيئات الرسمية على تغيير أو اعتماد قوانين جديدة».

واقيم على هامش المؤتمر معرض للبرامج والنشاطات الممولة من قبل الوكالة الاميركية وبينها لعبة أطفال «صنعت في لبنان ومولت من اميركا» عنوانها «فساد» وفيها دعوة الـ«محاربة الفساد من خلال اللعب والتسلية مع الاهل والاصدقاء». وقال سليم معوض من مركز «الديمقراطية المستدامة»، وهو من صمم اللعبة، انها تهدف الى توعية الأولاد من 12 سنة وما فوق على مضار الفساد.

وتشمل اللعبة بناء قريتين من دون فساد. واشار معوض الى انها تتضمن أيضاً «تثقيفاً سياسياً وأسئلة تتعلق بالمواطنة». وأوضح انه سيتم إجراء مسابقات في هذه اللعبة في أنحاء لبنان تنتهي بـ«ويك اند لمحاربة الفساد».

وكان يوسف قد القى كلمة في افتتاح المؤتمر اعتبر فيها ان كلمتي الشفافية والمساءلة «توأمان لا ينفصلان». ورأى «ان وجود الشفافية والمساءلة هو مدخل اساسي الى الحكم الجديد، إذ ان له تأثيراً مباشراً على عملية التنمية والتطوّر»، واعتبر انه «كما ان الحكومات مدعوة للقيام بالإصلاح، فإن على المجتمع المدني، كما القطاع الخاص، اخذ المبادرة».

اما السفير الاميركي فنسنت باتل فقال: «ان الحكومة الاميركية تؤمن بأن المجتمع الاهلي النابض مهم لبناء الديمقراطية. ولبنان محظوظ بوجود مجتمع اهلي ديناميكي يحتوي عدداً من المؤسسات غير الحكومية والاهلية الناشطة التي تساهم في تطوير المجتمع»، مضيفاً: «اننا نرى في لبنان مؤسسات ومواطنين لبنانيين يلعبون دوراً فعالاً في التأثير على الحكومة وفي الدفاع عن سياسات جديدة» واعتبر باتل «ان المشاركة الاهلية والنقاش حول الحياة العامة هما احد اوجه التطور التي ترغب الولايات المتحدة بدعمها من خلال مبادرة الشراكة الشرق الاوسطية المعروفة بـ«مبي» (Middle East Partnership Initiative). ومن أجل ذلك شارك برنامج مبادرة الشراكة الشرق الأوسطية مع الوكالة الاميركية للتنمية الدولية ومؤسسة اميديست لجعل انعقاد هذا المؤتمر ممكناً».