السودان: أنباء عن إحالة أكثر من 30 ضابطا في الجيش السوداني للصالح العام والحكومة تعترف باعتقال 10 من كبار العسكريين خططوا لانقلاب

TT

نيروبي ـ مصطفى سري: في وقت تتردد فيه انباء عن احالة عشرات الضباط في الجيش السوداني وجهاز الامن الى الصالح العام (الفصل من الخدمة)، اعترفت الحكومة السودانية امس بحدوث اعتقالات طالت 10 ضباط، لكنها تحفظت عن الحديث عن محاولة انقلابية. وقالت ان الاعتقالات تمت في «اطار العمل الذي يجري لسد اي اختراق يتعرض له الامن الوطني»، منبهة الى ان البلاد مازالت تعيش اوضاعا استثنائية (طوارئ).

وفي اول تعليق رسمي على الانباء التي اشارت الى احباط محاولة انقلابية في الخرطوم الاحد الماضي والتي ترافقت مع حملة اعتقالات واسعة طالت قيادات في حزب المؤتمر الشعبي المعارض بزعامة الدكتور حسن الترابي، قال الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية ان «الاجراءات المتينة التي اتخذت ضد عدد من الاشخاص هي اجراءات عادية لا جديد فيها وتاتي في اطار المراقبة التي تقوم بها الاجهزة الامنية لأية جهات تشكل خرقا للامن الوطني». لكن اسماعيل استدرك بالقول «لا علم لي ان كانت الاعتقالات طالت عناصر في المؤتمر الشعبي ام لا، وكل الذي اريد قوله هو ان البلاد تعيش في حالة استثنائية في عدة اجزاء من بقايا تمرد في دارفور وحالة تيقظ وحذر في الشرق، وفي الجنوب لم نصل بعد الى اتفاق سلام مع الحركة الشعبية وبالتالي لم نصل الى وقف لاطلاق نار نهائي وبين الحين والاخر تحدث خروقات هناك». وتابع «في ظل هذه الاوضاع لا بد ان هناك متابعة لمن تحوم حولهم الشبهات.. والاجهزة تقوم بالتحري معهم فاذا ثبتت الشبهات فان الاجراءات تتم وفقا لما هو معمول به في السودان».

وقالت مصادر سودانية مطلعة لـ«الشرق الاوسط» ان اكثر من 30 ضابطا في الجيش السوداني تمت احالتهم للصالح العام أي فصلهم من الخدمة. واعلن مصدر سوداني مسؤول ان عشرة من ضباط الجيش السوداني اعتقلوا بتهمة الضلوع في محاولة انقلاب مرتبطة على ما يبدو بالنزاع في دارفور. وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية امس «لقد تم بالفعل اعتقال عشرة او احد عشر ضابطا من القوات المسلحة بتهمة الضلوع في محاولة انقلاب عسكري». ورفض المصدر الادلاء بمزيد من الايضاحات او الكشف عن هوية الضباط المعتقلين. في غضون ذلك دخلت الامانة العامة للمؤتمر الشعبي في اجتماع مطول نهار امس في المركز العام للحزب في ضاحية الرياض برئاسة الترابي. وقالت المصادر المطلعة في الشعبي لـ«الشرق الاوسط» ان الاجتماع ناقش حملة الاعتقالات التي تعرض لها عناصر في الحزب وكيفية التعامل مع الاوضاع في الفترة المقبلة، وشوهد في الاجتماع كل من الحاج ادم يوسف وبدر الدين طه اللذين اختفيا امس قبيل مداهمة السلطات منزليهما في الخرطوم. يذكر ان الاعتقالات طالت 6 قيادات في الشعبي ونشطاء وعدداً من ضباط الجيش.

من جهته اتهم الدكتور حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي الحكومة بانها تريد تصفية ابناء دارفور من الجيش الحكومي. وقال ان فصل 10 من الضباط بسبب محاولة انتقلابية مزعومة يهدف لتصفية ابناء دارفور من الجيش وجدد نفي ضلوع حزبه في القتال المسلح في دارفور وقال «نحن نؤيد الجهات التي ترفع مظالم في كل اقاليم السودان».

وكشف مسؤول بارز في المؤتمر الشعبي ان حزبه حصل على معلومات منذ شهرين تقول ان جهات حكومية امنية وسياسية كلفت ضابط مخابرات كبير برتبة عميد بتكوين خلية عسكرية من 10 ضباط ينتمون الى ولايات دارفور، امروه بالعمل على توريطهم في مخطط انقلابي وهمي ينتهي باعتقال هذه المجموعة ونشر بعض احاديثهم المسجلة ثم ينسب ذلك كله للمؤتمر الشعبي تمهيدا لحل الحزب. ولم يستبعد المحبوب عبد السلام مسؤل الاعلام في الخارج «قيام حملة اعتقالات واسعة وسط قيادات الحزب وتقديمهم لمحاكمات قد تبلغ مستوى الاعدام. قد تطول الترابي نفسه».

وابان ان «الدوافع مفضوحة لان الحكومة اصبحت مدانة دوليا في مأساة دارفور التي وصفها ممثل الامم المتحدة في الخرطوم بأنها تطهير عراقي وفقا لتعريف القانون الدولي». وفي نيروبي قال مصدر غربي ان الانقلاب العسكري في السودان «محض اختلاق من النظام». وقال المصدر الذي فضل حجب اسمه ان «الانقلاب المزعوم محض اختلاق ارادت به الحكومة ابعاد الانظار عن محادثات دارفور». واعتبر الحدث «مناورة سياسية» لكنه قال ان ما جرى لن يؤثر على مفاوضات السلام الجارية في نيفاشا ولن يؤثر على مفاوضات انجمينا (العاصمة التشادية) التي بدأت امس بين الحكومة والحركات المسلحة حول دارفور.

من جهتها استنكرت الحركة بشدة الاعتقالات واحالة عدد من ضباط الجيش للصالح العام ووصفت الاجراءات بأنها مؤامرة عنصرية. وقال ياسر عرمان الناطق باسم الحركة لـ«الشرق الاوسط» ان «الاعتقالات خارج اطار القانون وان الاتهامات الجزافية تضع علامات استفهام كبيرة حول مدى التزام النظام بالتحول الديمقراطي واحترام الحريات وحقوق الانسان وسيادة حكم القانون». وفي هذه الاجواء بدأت امس في نجامينا بتشاد مفاوضات لحل نزاع دارفور بين الحكومة والحركات المسلحة ضدها. واعلن احد اعضاء الوفد السوداني الرسمي الى المفاوضات ان الخرطوم تعلق امالا على هذه المفاوضات التي تأمل ان تتوج بالنجاح. وقال كمال العبيد مسؤول العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان «ان مجرد نجاح الرئيس التشادي ادريس ديبي في جمع اطراف النزاع في هذه المحادثات التي يرعاها مؤشر على ان المحادثات ستكون ناجحة».