«لعنة» الإشعاعات تلاحق سكان المنطقة المحيطة بالموقع النووي قرب العاصمة العراقية

TT

بغداد ـ أ.ف.ب: يشتكي سكان المنطقة المجاورة للتويثة، اكبر موقع نووي عراقي، من حالات تسمم وامراض غريبة في حين لم يتم العثور على البراميل المشعة التي نهبت قبل عام من هذا المجمع. واكد محمد عباس، وهو خياط يقيم في منطقة التويثة جنوب بغداد ان «هناك اناسا يرون ظهور بقع على جلدهم ويفقدون شعرهم ويتغير لون وجوههم». واضاف «ان احد زبائني يعرف عائلة يمرض افرادها مع حلول الظلام. وهم لا يشعرون انهم على ما يرام الا عند تعرضهم للشمس». وتفسير ذلك يبدو بسيطا في رأي فؤاد عبيد، 27 عاما، «انهم لمسوا البراميل المشعة». فموقع التويثة تعرض للنهب بعد انتهاء الحرب العام الماضي. وقام السارقون بافراغ البراميل من موادها الملوثة ثم غسلوها في مياه نهر دجلة قبل بيعها. وكانت منظمة «الغرين بيس» (السلام الاخضر) المدافعة عن البيئة دقت ناقوس الخطر وقامت بحملة لاستعادة الحاويات السامة التي بدأت عائلات في تخزين المياه او المواد الغذائية فيها.

واشار حاتم كريم صاحب محل للنظارات، وهو عضو في المجلس البلدي «ان اكثر من الفي شخص لمسوا هذه الحاويات. انها كارثة على صعيد الصحة العامة والبيئة». واضاف بتأثر «هناك اطفال يعانون من امراض في الدم او المخ. لدينا بانتظام حالات جديدة».

واوضح وهو يعرض حزما من الوثائق انه شرع في دراسة حول التلوث في محافظة ديالى المحاذية للنهر الذي يحمل الاسم نفسه والتي تعد 125 الف نسمة. واكد «ان معظم السكان يواصلون العيش في جهل مطبق للخطر المحدق بهم. فهم لا يعرفون عواقب التعرض للاشعاعات. انهم اناس فقراء وليس عندهم حتى مجار». ويؤكد حاتم كريم انه لم يعثر على بعض الحاويات بينما وجد بعضها في الموصل على بعد مئات الكيلومترات. والاثنين الماضي اشار مقال صحافي الى بؤر تلوث جديدة حول الموقع النووي حيث يؤكد السكان انهم متروكون لامرهم. لكنهم نبهوا الصيف الماضي الرأي العام عبر التظاهر في بغداد ولدى مرور مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذين جاءوا يحققون بشأن حجم السرقات المفترضة للمواد المشعة خصوصا رواسب اليورانيوم. واكد حاتم كريم بلهجة يائسة «بعد غرين بيس لا شيء البتة. لا احد يهتم بنا. نحن بحاجة لتقنيين لقياس نسب الاشعاعات بينما لم نحصل على نتائج التحقيقات التي اجريت. نأمل في مجيء منظمات غير حكومية».

وفي مستوصف ديالى قال الطبيب ربيع الاسدي ان «غرين بيس» كشفت نسبا قياسية للاشعاعات لكن لا وجود لمرضى. وقال «ان الحالات الخطيرة ارسلت الى مستشفى الشهيد عدنان في بغداد». ويتذكر عبد الرضا ياسين وهو من سكان المنطقة «حتى ملابس النساء كانت مشبعة بالاشعاعات»، بينما اكد صديقه حسن فلاح انه لا يشرب ابدا من مياه ديالى. وتعتبر التويثة منذ زمن طويل بمثابة لعنة في نظر العراقيين من اهل الجوار. فمفاعل تموز الذي بني بمساعدة فرنسا قصف في عام 1981 بالطائرات الحربية الاسرائيلية. غير ان وزير العلوم والتقنية رشاد عمر مندان اعلن اواخر فبراير (شباط) الماضي ان السلطات العراقية ستعيد افتتاح موقع التويثة النووي في نهاية مارس (اذار) من اجل اجراء «الابحاث السلمية». وقال الوزير العراقي انذاك لوكالة الصحافة الفرنسية «نحن عازمون على تحويل موقع التويثة الى موقع علمي متميز في الاتجاه السلمي لتقديم الخدمات الى العراقيين وللمساهمة على النطاق العالمي في الدراسات والبحوث».