السلطات السودانية تعيد اعتقال الترابي وتوجه له اتهامات بالتورط في محاولة تخريبية

TT

أوقفت السلطات السودانية فجر أمس الدكتور حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي بعد أقل من ستة اشهر على الإفراج عنه، بعد اتهامه بالتورط في مخطط تخريبي في البلاد، بعضها فى الخرطوم، وبدأت السلطات التحقيقات معه من داخل سجن كوبر بمدينة الخرطوم بحري حول تلك الاتهامات.

وتراجعت الحكومة عن موقفها من وصفها للاحداث بانها انقلاب عنصري، الى مخطط تخريبي يهدف الى زعزعة استقرار البلاد. وقالت زوجة الترابي وصال المهدي أمس، ان نحو ستين عنصرا مسلحا من اجهزة الامن السودانية طوقوا منزلهم في الخرطوم في الساعة الأولى من يوم أمس، وأبلغوا حرس المنزل أنهم يريدون الشيخ الترابي. ودخل أحد الضباط الى المنزل وأبلغه بأنه موقوف. وقالت «خرج معهم، حيث اقتادوه بعيدا». وأوضحت ان زوجها اقتيد في البداية الى مقر أجهزة الأمن ومن ثم الى سجن كوبر في الخرطوم. من جهته قال الزهاوي ابراهيم مالك، وزير الاعلام السوداني الناطق الرسمي باسم الحكومة ان الاحداث الاخيرة التي تم بموجبها اعتقال عدد من عناصر المؤتمر الشعبي وضباط بالقوات المسلحة كان الهدف من ورائها عرقلة جهود السلام الجارية حاليا، وقال ان التخطيط الطويل كان يهدف الى قلب نظام الحكم، ولكن المحاولة الحالية هدفت الى ارتكاب اعمال تخريبية فى البلاد خاصة في مصفاة البترول في الجيلي شمال الخرطوم ومحطة كهرباء «قري». وذكر في المؤتمر الصحافي الذي عقده ظهر امس بمجلس الوزراء عقب الجلسة الطارئة للمجلس وزير الدفاع ونائب رئيس جهاز الامن الوطني: ان الاجهزة الامنية بالدولة كانت على وعي تام بما يجري الترتيب له وتتابعه منذ عام 2002 بصورة تفصيلية ودقيقة، مبينا ان التخطيط كان للقيام بمحاولة انقلابية، الا انها تحولت الى محاولة لتخريب بعض المنشآت الاستراتيجية وذلك لشعور المجموعة بعدم قدرتها على استقطاب اعداد كبيرة داخل القوات المسلحة وشعورها بأن كل تحركاتها متابعة ومرصودة بدقة من قبل الاجهزة الامنية.

وأوضح ان منفذي العملية من العسكريين ذوي الرتب الصغيرة سيجري تقديمهم للمحاكمة بعد اكتمال التحريات والتحقيقات معهم. واعتقل الترابي بعد يوم واحد من حملة اعتقالات طالت قيادات وناشطين في الحزب قالت انهم متورطون في محاولة انقلاب عسكري له أهداف عنصرية، كما طالت الاعتقالات 10 من ضباط الجيش السوداني برتب مختلفة اعلاها رتبة عقيد. وقال ابراهيم السنوسي احد نواب الترابي في المؤتمر الشعبي ان سبع سيارات تحمل جنودا مدججين بالسلاح طوقوا منزل الترابي في ضاحية المنشية الراقية بالخرطوم في الثانية من صباح امس قبل ان يدخلوا المنزل ويقتادوه الى سجن كوبر. ورفض السنوسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» خطوة اعتقال الترابي، وقال ان «أسباب اعتقاله وهي التخطيط مع الحزب لاحداث انقلاب عسكري مختلقة وكذب واضح، واضاف «ان اعتقاله السابق كان بسبب مذكرة التفاهم مع زعيم الحركة الشعبية جون قرنق لم تمكن الحكومة من تقديمه الى محاكمة، والان يقولون انه ضالع في التخطيط لانقلاب في محاولة جديدة لإقصاء المؤتمر الشعبي من الساحة السياسية وحظر نشاط الحزب». وقال ان دعاوى الحكومة بوجود محاولة انقلابية يهدف ايضا لابعاد ابناء دارفور من الحياة العامة. وحسب السنوسي، فإن الاعتقالات التي طالت زعيم الشعبي وقياداته ما هي الا غيرة سياسية من الحكومة على النشاط الذي انتظم في المؤتمر الشعبي على حساب عضوية المؤتمر الوطني الحاكم، وذكر ان الملاحقات مستمرة لعناصر الشعبي، الا انه قال حتى امس لم تتم اعتقالات اخرى بعد اعتقال الترابي. واتهم عصام الدين الترابي (نجل الزعيم المعتقل) السلطات السودانية «بتلفيق» قصة المحاولة الانقلابية لتبرير اعتقال ابيه. وقال «يريدون ربطه بالمحاولة الانقلابية» التي تحدثت عنها السلطات. وأضاف «لا علاقة لوالدي بموضوع محاولة الانقلاب التي أشكك أصلا بوقوعها». وقال عصام ان «الحكومة تلفق التهم للمؤتمر الشعبي ولوالدي لانه الوحيد القائم على المعارضة من الداخل وهذا شيء لا تتحمله السلطة». واضاف ان «هناك قائمة باكثر من اربعين من قيادة المؤتمر الشعبي تقوم قوات الامن باعتقالهم او ملاحقتهم». وقال «حسب معلوماتنا تم اعتقال 27 ضابطا من الجيش في اطار عملية تصفية ابناء غرب السودان من دارفور وكردفان، ليس لهم علاقة بالمؤتمر الشعبي». واضاف «اساسا المؤتمر الشعبي لا علاقة له بالتمرد المسلح في دارفور». وقال عصام الدين ان والده، الذي زاره «بخير وموجود في سجن كوبر في الخرطوم ومعنوياته جيدة جدا وكان مرحا». وتمكنت عائلة الترابي من حمل طعام الفطور اليه. وقبيل اعتقاله نفى الترابي تورط حزبه في التخطيط لمحاولة انقلاب كما نفى صلته بالضباط المعتقلين. لكنه قال ان عددا من الزعماء السياسيين في الحزب احتجزوا. وقدر الترابي عدد ضباط الجيش المعتقلين بما يصل الى 27 ضابطا.

وسئلت زوجة الترابي عن سبب اعتقاله ثانية فقالت «لأن الشيخ يمثل المعارضة القوية الوحيدة للحكومة في الوقت الحالي». وقالت ان قوات الامن كانت قد وصلت في حوالي خمس مركبات منها ثلاث شاحنات صغيرة حوطت المنزل في حي المنشية بالخرطوم. وأضافت «لقد قال لنا منذ مساء امس (الثلاثاء) انه سيعتقل بحجة» التخطيط لمحاولة الانقلاب وذكرت ان السلطات تريد فقط ان تضفي شكلا قانونيا على انتهاك حقوق الترابي.

وقالت مصادر سودانية ان الرواية الحكومية حول المؤامرة التخريبية تشير الى ان الضباط الذين تم اعتقالهم وفيهم عدد من الطيارين الحربيين من ابناء دارفور، كانوا يخططون لضرب مناطق استراتيجية في العاصمة مثل القصر الجمهوري، والقيادة العامة للقوات المسلحة، ومجلس الوزراء باعتبارها مناطق صنع القرار السياسي والعسكري، وكان هؤلاء قد رفضوا في السابق الاوامر بضرب اهلهم. لكن الرواية المقابلة التي يطلقها المؤتمر الشعبي تقول ان «المحاولة مفبركة والغرض منها تصفية ابناء دارفور من المواقع الحساسة في الجيش وجهاز الأمن خوفا من تبدل ولاءاتهم بعد تطور الحرب في مناطقهم». وتقول الرواية ان المؤتمر الشعبي حصل على معلومات منذ شهرين تقول ان جهات حكومية أمنية وسياسية كلفت ضابط مخابرات كبيرا برتبة عميد تكوين خلية عسكرية من 10 ضباط ينتمون الى ولايات دارفور، أُمر بالعمل على توريطهم في مخطط انقلابي وهمي ينتهي باعتقال هذه المجموعة ونشر بعض احاديثهم المسجلة ثم ينسب ذلك كله للمؤتمر الشعبي تمهيدا لحل الحزب.

وتشير رواية ثالثة الى ان جهات حكومية رتبت كل ذلك لعرقلة المفاوضات بعد بروز خلافات بين نائب الرئيس علي عثمان طه وبعض القادة الامنيين الذين يرفضون التنازلات التي يعتزم طه تقديمها حول النقاط الخلافية.