الرنتيسي يؤكد حرصه على تطوير العلاقات مع السلطة الفلسطينية على أساس خيار المقاومة

زعيم حماس في غزة لـ«الشرق الأوسط»: لا توجد قرارات فردية لدينا

TT

اعرب الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قائد حركة حماس في قطاع غزة في حوار مع «الشرق الأوسط» بعد اقل من اسبوع على تسلمه لمنصبه الجديد، عن يقينه في ان عملية تصفية الشيخ احمد ياسين مؤسس حماس لن تزيد الحركة الا قوة وصلابة.

وفي محاولة لطمأنة «البعض»، داخل حماس وخارجها، الذي تخوفوا من طبيعة المواقف التي يحملها الرجل، اكد حرصه على تطوير العلاقات مع السلطة الفلسطينية، على اساس خيار المقاومة، مشيرا الى انه لن يكون هناك قرارات ذات طابع فردي بعد انتخابه.

* البعض يقول إنه من العسير عليك ان تملأ الفراغ.

ـ في الحقيقة، ترك استشهاد الشيخ ياسين فراغا كبيرا جدا، ولا يمكن على الاطلاق اشغاله لكن ما ملأ هذا الفراغ هو استشهاده بما احدثه من ردة فعل واسعة في مختلف دول العالم خاصة الشعب الفلسطيني. الحركة الاسلامية كثيرا ما اصيبت في مسيرتها، وفقدت الكثير من قياداتها وعناصرها لكنها استمرت وواصلت عملها.

* ماذا بامكان الرنتيسي ان يضيفه كزعيم لحماس في غزة؟

ـ نحن سنسير على نهج الشيخ ياسين وفي كنف مبادئه وحكمته، والحركة كانت في زمن الشيخ في صعود مستمر ونحن سنحافظ على استمرارية الصعود للحركة.

* ما هي اولوياتك الان؟

ـ اؤمن دائما بان القوة في الوحدة ، نحن سنعمل على تجميع الكلمة الفلسطينية على اختلاف مشاربها السياسية في خندق واحد. ونعتقد بان الخندق الذي يمكن ان يتسع للجميع هو خندق المقاومة، لان الجميع ايقن بان خندق التسوية فشل وافلس. فلا يعقل ان نتحدث الان عن تسوية في ظل هذه المجازر واغتصاب الارض وبناء المستوطنات، او التنكر لحق العودة.

* هل سيكون لغياب الشيخ تأثير على توجهات الحركة؟

ـ تحتكم الحركة الى نظامها، وتستند عملية صنع القرار فيها الى الشورى، وبالتالي لا توجد قرارات فردية لا في زمن الشيخ ولا بعده. واثبت قادة حماس انهم نمط متميز وعلى مستوى المسؤولية.

* هناك محللون يقولون ان اسرائيل تركز بشكل قوي على حركة حماس لاهداف كثيرة منها تصفية المقاومة او تدشين مرحلة سياسية جديدة.

ـ نعم اتفق ان هذا ما يريده العدو وما يخطط له، لكن اؤكد ان ذلك لن يتحقق باذن الله. انا على ثقة بان (رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل) شارون لو استقبل من امره ما استدبر لما اقدم على اغتيال الشيخ بعد هذه الهبة العالمية التي اذهلته وكيانه. الحركة كان يراد لها ان تضعف لكنها قويت على كل المستويات المحلية والعربية والدولية، بل ما حدث هو العكس وهو ان المخططات الصهيونية باضعاف الحركة هي التي ضعفت وبالتالي ارتد سهم شارون الى نحره. نحن نؤكد ان الحركة تنتفع كثيرا بما يرتكب قادة العصابات الصهيونية من حماقات.. ارتفعت عندما حاولوا اغتيال خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي للحركة).. وارتفعت عندما ابعدوا قادة الحركة الى مرج الزهور، وعندما حاولوا اغتيال قادتها والان ترتفع ارتفاعا كبيرا باغتيال الشيخ.

* كيف تفكر حركة حماس للتصدي لمثل هذا المخطط.

ـ اذكر بكلمة الشيخ ياسين «ضربونا فارتفعنا.. فضربناهم فارتفعنا». بمواجهتهم وجهادنا ضدهم نرتفع. هم كم سيقتلون منا؟ هل يمكن ابادة الشعب الذي يلتف حول هذه الحركة؟ هذه الحركة فيها من القيادات والطاقات ما يذهل العدو. هذا الاستهداف لا يأتي في اطار رضا العدو لكنه مرغم على ذلك وكثيرا ما كانت حساباته خاطئة وادت الى عكس ما كان يتوقع.

* كيف ترى مستقبل علاقاتكم مع السلطة؟

ـ سنعمل على تحقيق الالتقاء والتقاطع مع السلطة، بالذات بعد ان يئست من الوصول الى أي تسوية. ونحن ندعوها لفرصة العمل معاً من اجل حماية شعبنا وقضيتنا. في نفس الوقت لا بد من تنظيم حياتنا الداخلية في ظل العدالة والاستقرار والابتعاد عن التمييز الفئوي.

* هناك من يعتبرك حادا في مواقفه تجاه السلطة، كيف سيؤثر هذا الانطباع على تعاطيك مع السلطة؟

ـ انا دائما كنت صادقا مع نفسي ولم اكن متجنيا على السلطة، واول احتكاك لي مع السلطة كان في قضية اغتيال محيي الدين الشريف التي وجهت فيها اصابع الاتهام للاحتلال وليس للسلطة، لكن السلطة ارادت ان انزع هذا الاتهام عن الاحتلال، ومن هنا حدث الاختلاف، وحدث التوتر وايقنت حينها ان السلطة كانت مرغمة على اعتقالي. الان انا على رأس قيادة حركة حماس في القطاع، حيث وجود السلطة وبالتالي اشعر بثقل الامانة، وسأعمل في خطين متوازيين; الخط الاول المحافظة على البندقية والخط الاخر المحافظة على الوحدة الوطنية.

* هل تتوقعون أي احتكاكات مستقبلية مع السلطة؟

ـ من جانبنا فلا على الاطلاق، ونرجو ان تكون سياسة السلطة مع الحركة سياسة معتدلة. حماس هي من هذا الشعب وعلى رأس المقاومة التى تدافع عن الشعب، ويجب ان يقدر لحماس ما بذلت وما قامت به والا تبخس حقها. اعتقد اننا سنحرص كل الحرص على ان نكون دائما باسطي ايدينا لاخواننا في السلطة لافشال المخططات الصهيونية.

* كيف ينظر الرنتيسي الى الرئيس عرفات؟

ـ لا احد ينكر على الرئيس عرفات رئاسته للشعب الفلسطيني، نحن من هذا الشعب الذي على رأسه السيد عرفات، ونتعامل معه من هذا المنطلق، ونسأل الله تعالى ان يتعامل معنا بما لا يكون فيه تبخيس للحركة كحركة فاعلة لصالح الشعب والقضية.

* ما نوع هذه المساندة؟

ـ نحن جنود للقضية الفلسطينية، سنعمل في كل ميدان لخدمتها لكن في ظل من العدالة والبعد عن التمييز والحفاظ على الثوابت الوطنية.

* الكل الان يتوقع بعد اغتيال الشيخ وجود رد قوي من حماس، لكن هناك من يقول لحماس لا تردي حتى لا تنجري الى المسلسل الدموي الذي يريده شارون.

ـ دعني اقول ان بعض المحللين يذهبون في متاهات غريبة وحسابات خاطئة، بل ومتناقضة، فكم مرة سمعنا عن الدمار المعنوي والاقتصادي الذي اصاب الكيان الصهيوني بسبب العمليات الاستشهادية، ونستغرب جدا في ظل هذا الامر الذي اطاح رؤوس وزراء صهاينة ان نتوقع ان شارون يريد استمرار المقاومة حتى يستمر التدهور الاقتصادي والمعنوي والامني لديه. لا يمكن ان يكون هذا ما يسعى اليه شارون. من جانب اخر الم نعط هدنة واستمر شارون في اعتداءاته؟ هل نتحمل الضربات حتى يتولد لدى شارون حس انساني فيتوقف؟ الحقيقة ان المخطط الصهيوني مستمر وهو يستهدف الوجود الفلسطيني والقضية الفلسطينية، والرد على هذا المخطط هو الضربات التى توجهها المقاومة.

* متى سيكون رد حماس «الشافي» الذي تحدثتم عنه كثيرا؟

ـ اقول بوضوح ان الرد القادم منوط بكتائب القسام، ولست على اطلاع بما يخططون ولكن اسأل الله ان يكون الرد في حجم المصاب.

* هناك كان قدرا من البلبلة بعيد الاعلان عنك خليفة للشيخ ياسين، بالذات بعدما اعلن خالد مشعل انه زعيم حماس في الداخل والخارج؟

ـ البلبلة خلقتها وسائل الاعلام التي استغلت استشهاد الشيخ وروجت لاقاويل واكاذيب تريد ان تنال من قوة وتماسك الحركة. نحن واحتراما لدم الشيخ لم نشأ ان نبادر بالاعلان عن القيادة الجديدة للحركة وقررنا ان يكون ذلك بعد الانتهاء من بيت التهنئة. في نفس الوقت كنت امارس عملي كقائد للحركة. نحن لدينا لوائح وانظمة واضحة تقول انه في حال غياب قائد الحركة فان النائب يحل مكانه، وهو ما حدث بالفعل.

* هناك من يقول ان العلاقة بين قيادة الحركة في الداخل والخارج شهدت احيانا بعض التوتر، كيف تقيمون هذه العلاقات الان؟ ـ المحللون يتكلمون عن امور بعيدة عن الحقائق وينشرون كثيرا من الاوهام والاضاليل، نحن لا نتطلع الى كراسي ولا الى مناصب ولا نتنافس على من يكون الرئيس او نائب الرئيس. نحن اولا طلاب شهادة، ولا يهمنا من يصل الى أي منصب عبر الطريق المتبعة في الحركة. لكن اؤكد انه ما من قرار صغيرا كان او كبيرا الا ويتخذ بالشورى بين الداخل والخارج وبقية الاخوة. ليست هناك قرارات فردية في الحركة ونؤكد اننا حركة مؤسسات وسنظل مستمرين على هذا النهج.