بريطانيا: مكالمة هاتفية في فبراير الماضي كشفت «خلية القاعدة» وجدل حول دعوة أئمة المساجد لمكافحة الإرهاب

أحد الأصوليين المحتجزين لاعب كريكيت وآخر يدرس الصحافة وثالث كان يشعر بالغضب من الحرب على أفغانستان

TT

واصلت الشرطة البريطانية امس التحقيق مع الاصوليين الثمانية المعتقلين في مركز شرطة بادنغتون غرين بوسط لندن. ولم يستبعد متحدث باسم الشرطة في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط» مزيداً من الاعتقالات خلال اليومين المقبلين. وقال ان خبراء المعمل الجنائي ما زالوا يفتشون 24 منزلا ومحلا تجاريا تمت مداهمتها اول من امس. ويمكن احتجاز المتهمين بموجب قانون مكافحة الارهاب الصادر عام 2000، بحد اقصى اسبوعين. وكشفت مصادر مقربة من الشرطة البريطانية ان مراقبة المتهمين الثمانية وهم بريطانيون من اصول باكستانية تمت عقب تنصت الاستخبارات البريطانية على مكالمة هاتفية لاثنين منهم في فبراير (شباط) يناقشان فيها الاهداف المزمع تفجيرها. وبعد ذلك بستة اسابيع شارك في عملية التنصت التي حملت اسم «كريفس» ضباط من الفرع الخاص التابع لاسكوتلنديارد ومركز المراقبة الحكومي للتنصت في تشلتنهام، وضباط من جهاز الاستخبارات «إم أي 5». وتعتقد مصادر الشرطة البريطانية بأن المعتقلين كانوا يشكلون خلية دعم لوجستي مرتبطة بـ«القاعدة».

وكشفت مصادر مطلعة في لندن ان احد المحتجزين لاعب كريكيت وكان مرشحا للالتحاق بالمنتخب الانجليزي، وهو طالب يدرس الكومبيوتر يبلغ من العمر، 22 عاما. واعتقل المذكور مع شقيقه 17 عاما، وابن عمهم الذي يدرس الصحافة في مقاطعة سياسكس اول من امس.

وقالت مصادر مقربة من عائلة الثلاثة انهم كانوا في طريقهم الى باكستان في 6 ابريل (نيسان) الجاري. واضافت انهم كانوا من المترددين على المركز الاسلامي في مدينة كرولي. وتعرف منطقة كرولي بالمد الاصولي فيها منذ سنوات، وارتبطت بالبريطاني ياسر خان، 24 عاما، الذي زعمت المصادر البريطانية ان حركة «المهاجرون» الاصولية جندته قبل ارساله الى افغانستان، ليلقى حتفه في الغارات الاميركية في اكتوبر (تشرين الاول) 2001 . وفيما اعتبرت منظمات اسلامية في بريطانيا طلب شرطة اسكوتلنديارد من اجهزة الاعلام عدم الربط بين حملة الاعتقالات الاخيرة في لندن ومنظمة «القاعدة»، مؤشرا جيدا على تفهم السلطات للضغوط الملقاة على ابناء الجالية المسلمة، دعا زعماء الجاليات الاسلامية في بريطانيا امس ائمة المساجد في بريطانيا الى مساعدة الشرطة في مكافحة الارهاب.

وادى توزيع طلب اليقظة والتعاون على ائمة المساجد في اكثر من الف مسجد في بريطانيا، الى جدل واسع بين الاصوليين والاسلاميين المعتدلين حول دور المسجد في بريطانيا. وقال اقبال ساكراني الامين العام للمجلس الاسلامي البريطاني في رسالة الى ائمة المساجد: «لن نتسامح مع الارهاب. من المهم ان نكون يقظين في اداء واجبنا. اذا كان هناك ما يجب ان ندركه فهو واجبنا في ابلاغ الشرطة فورا». وفي المقابل احتج عدد من رموز التيار الاصولي على توزيع طلب اليقظة والتعاون على ائمة المساجد، وقال ياسر السري مدير «المرصد الاسلامي» وهو هيئة حقوقية تتخذ من لندن مقرا لها وتهتم باخبار الاصوليين: «بيوت الله من دخلها كان آمناً فماذا يريدون أن يكون دور المسجد». الى ذلك اكدت مصادر الشرطة ان مادة نترات الامونيوم التي ضبطت مع المعتقلين مشابهة للمادة التي استخدمت في تفجيرات بالي في اندونيسيا عام 2002 .

وشارك في عملية المداهمة، التي بدأت في السادسة صباحا بالتوقيت المحلي اول من امس، واستمرت لعدة ساعات، 700 من عناصر الأمن البريطاني.

وتخشى بريطانيا التي تعد اقرب حلفاء الولايات المتحدة في «الحرب على الارهاب وفي غزو العراق للاطاحة بالرئيس السابق صدام حسين ان تصبح هدفا رئيسيا للمتطرفين الاصوليين». وقال رئيس شرطة لندن مرارا انه يعتقد ان تعرض البلاد للهجوم امر حتمي. وتعد بريطانيا في حالة تأهب منذ هجمات 11 سبتمبر (ايلول) على نيويورك وواشنطن. وقال ماغنوس رانستوب الخبير في مكافحة الارهاب بجامعة سانت اندروز: «أعتقد انه كان دوما مطروحا ان ينمو الخطر من الداخل». وقال «اعتقد ان مفهوم الجنسية لا يعني الكثير حين يتعلق الامر بمن ينجذبون نحو المتطرفين الاسلاميين». وتعتقد الشرطة البريطانية ان المشتبه فيهم كانوا يخططون لتفجير سيارة او شاحنة بقصد استهداف المدنيين.

ومن جهته قال وزير الداخلية البريطاني ديفيد بلانكيت امس ان ما جرى التوصل اليه هو تذكير في اوانه بان المصالح البريطانية في الداخل والخارج ما زالت مستهدفة. وقال بيتر كلارك رئيس قسم مكافحة الارهاب في شرطة لندن خلال مؤتمر صحافي، انه عثر على نترات الامونيوم في حقيبة بلاستيك في مستودع بغرب لندن.

وقال كلارك: «جانب من التحقيق سيركز على شراء هذه المواد وتخزينها والغرض المستهدف من استخدامها». وأكد كلارك ان العملية لا علاقة لها بالتحقيقات الجارية في التفجيرات المنسقة التي استهدفت قطارات في العاصمة الاسبانية مدريد يوم 11 مارس (اذار) وادت الى مقتل ما يقارب المائتين او بالمتطرفين الايرلنديين.

وقال كلارك ان المعتقلين الثمانية بريطانيون تتراوح اعمارهم بين 17 و32 عاما وانهم اعتقلوا للاشتباه في اعدادهم لتنفيذ اعمال ارهابية.

وكثرت التكهنات في الصحف البريطانية امس عن الاهداف المحتملة للهجوم من المطارات الى المجمعات التجارية الى ملاعب كرة القدم.