أميركا: خبرة كيري في السياسة الخارجية سلاح ماض في معركة الرئاسة

TT

جون كيري، مرشح الرئاسة المتوقع عن الحزب الديمقراطي الاميركي، شن هجوما متكررا على الرئيس جورج بوش لما وصفه بانفراده اتخاذ قرارات في مجال السياسة الخارجية. ويأتي هذا الهجوم بطريقة طبيعية.

فطوال عشرين عاما قضاها في مجلس الشيوخ، عبر كيري، سناتور ولاية ماساشوستس، عن التزام عميق بالتفاوض والمؤسسات الدولية كطريقة لتحقيق المصالح الاميركية، طبقا لمقابلات صحافية مع المرشح ومساعديه ونظرة الى خطاباته وبياناته في المجلس وسجل تصويته.

فطوال تلك السنوات، دافع كيري عن الاتصال مع جماعة الساندينستا في نيكاراغو والشيوعيين في فيتنام والملالي في ايران. وقد انتقد جورج بوش لشن الحرب ضد العراق بدون مشاركة الامم المتحدة والحلفاء الرئيسيين.

وقد علمه والده، وهو دبلوماسي مخضرم في وزارة الخارجية، «فائدة معرفة كيف تنظر الى الدول الاخرى ومشاكلها وآمالها وتحدياتها من وجهة نظرها، بدرجة ما، في اطار محاولة فهمها»، كما ذكر كيري. واضاف «اننا لا نفعل ذلك بطريقة جيدة. فنحن نميل الى النظر الى الاخرين من منطلق تاريخنا واحلامنا وتطلعاتنا».

وفي الوقت الذي تتحول فيه ـ وبسرعة ـ السياسة الخارجية والامن القومي الى قضية رئيسية في اول انتخابات رئاسية منذ هجمات 11 سبتمبر، وصف مديرو حملة بوش استعداد كيري للعمل مع دول اخرى بأنه فرصة يمكن استغلالها لزرع بذور الشك بين الناخبين.

فقد اتهم واحد من الاعلانات التلفزيونية لحملة بوش كيري بأنه «يريد تأخير الدفاع عن اميركا الى ان تقر الامم المتحدة الامر»، كما يشير الى انه يتبنى نوعا من التعددية التي يمكن ان تضعف قدرة الولايات المتحدة على الرد على التهديدات. ففي الاسبوع الماضي هاجم نائب الرئيس، ريتشارد تشيني، آراء كيري ووصفها بأنها «خطرة». واعلن ان الانتخابات القادمة تقدم اوضح الاختيارات في الانتخابات الرئاسية منذ اكثر من عشرين عاما.

وتجدر الاشارة الى ان كيري، الذي كان عضوا في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ منذ انضمامه الى المجلس، يملك خبرة في مجال السياسة الخارجية اكثر من اي منافس اخر منذ ريتشارد نيكسون عام 1969. كما انه صاحب العديد من المواقف والخطابات حول عدد من اكثر قضايا السياسة الخارجية اهمية.

الا ان كيري لم يرأس لجنة العلاقات الخارجية وركز اهتمامه على قضايا انتقائية مثل الضغط من اجل تطبيع العلاقات مع فيتنام او القضاء على الجريمة المنظمة. ولا يتذكر مساعدوه انه كانت له رؤية واسعة النطاق في مجال السياسة الخارجية قبل ان يسعى للترشيح لمنصب الرئيس. وتجدر الاشارة الى ان خطاباته في مجلس الشيوخ كانت مطولة وتتميز بالاتزان وتعكس فهما للقضايا المعقدة ولكن ايضا الميل الى تشكيل العديد من الظلال بحيث يسود الغموض المنطق وراء مواقفه.

وقال توماس فاليلي، الاداري في جامعة هارفارد والصديق القديم لجون كيري: «لا اعتقد ان هذا من الامور السهلة بالنسبة لأي شخص، ولم يكن سهلا بالنسبة اليه ان يضع سياسة خارجية متكاملة ومنسجمة في عالم يتغير بهذه السرعة العاصفة. ولذلك ليس سهلا ان تضعه في خانة الصقور او الحمائم.

وبناء على تقديرات «ناشونال جيرنال»، التي تقيم اعضاء الهيئات التشريعية حسب مواقفهم في القضايا المهمة، فإن كيري يصنف دائما في يسار الوسط في ما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية. وهو يكن كثيرا من الشكوك لنظم التسلح الباهظة التكلفة مثل القاذفة المقاتلة «بي 2» او مبادرة الدفاع الاستراتيجي (حرب النجوم) الخاصة بالرئيس ريغان، رغم انه ايد عام 1999 مشروع قانون لاقامة شبكة الدفاع الصاروخية.

ووقف كيري مع مشاريع تدعو لصيانة حقوق الانسان في الصين وابدى اعتراضا على تمويل الولايات المتحدة لمجموعة «الكونترا» بنيكاراغوا في الثمانينات. وايد في الوقت نفسه معاهدات التجارة مثل اتفاقية التجارة الحرة لشمال اميركا.

وقد نال كيري تقديراته اليمينية من ناشونال جيرنال عامي 1993 و1994، وهما العامان اللذان كان الديمقراطيون يحتلون فيهما البيت الابيض ويتمتعون بالأغلبية في مجلس الشيوخ. وقال جوناثان وينر، احد مساعديه القدامى: «انه ديمقراطي وليس جمهوريا. والتصويت يعكس في كثير من الاحيان ان السناتور يريد ان يسجل موقفا ما، اي انه انفعالي وليس مبادرا. فهو يضطر في كثير من الاحيان لأن يختار بين موقفين لا يرضي اي منهما طموحه بصورة كاملة».

وجون كيري من الزوار الذين كثيرا ما يترددون على منتدى دافوس بسويسرا، حيث يلتقي بالقادة الاجانب ويبحث مشاكل السياسة الخارجية الانية. وقال ستيتسون: «كيري في دافوس مثل السمكة في الماء». وعندما سئل السناتور عن تلخيص منهجه في السياسة الخارجية قال ان بناء التحالفات هو جوهر هذه السياسة. وأضاف: «ملخصها هو الدور القيادي لاميركا، والارتباط القوي بالقضايا، والتحالفات القوية، والتعاون الاوسع الذي يخدم اغراضنا ومصالحنا. لن اسمح لأي مؤسسة او دولة بفرض فيتو على الكيفية التي نعرّف بها هذه المصالح»

* خدمة «واشنطن بوست» (خاص بـ«الشرق الأوسط»)