زيباري: السيستاني لن يعارض دورا فعالا للأمم المتحدة ودول مجاورة للعراق لا ترغب بانجاز عملية تسليم السيادة بنجاح

TT

نفى وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري امس احتمال اتخاذ آية الله علي السيستاني موقفا متصلبا حيال قيام الأمم المتحدة بدور فعال في العملية السياسية الراهنة في العراق، واستبعد ان تعارض مختلف الاطراف في البلاد قيام مبعوثي المنظمة الدولية بالمساعدة في انجاز عملية استعادة السيادة، واعتبر ان «دولا مجاورة للعراق لا تريد للعملية السياسية التي ستتوج باعادة السيادة ان تنتهي بصورة هادئة وناجحة».

وأعرب زيباري الذي كان يتحدث امس الى مجموعة من الصحافيين في مبنى وزارة الخارجية البريطانية لمناسبة زيارته الرسمية للندن عن اطمئنانه الى ان السيستاني لن يعارض قيام الأمم المتحدة بدور فعال في العراق. وقال «نحن نكن احتراما كبيرا لآية الله السيستاني ونعترف بمكانته وتأثيره». واضاف «لكن في الوقت نفسه، فهو اكد مرارا انه غير مهتم بالسياسة ويركز اهتمامه على الشؤون الدينية». وزاد ان «بعثة الأمم المتحدة التي جاءت لتدرس امكان اجراء الانتخابات او عدمه» قد زارت البلاد في يناير (كانون الثاني) الماضي «بدعم كامل من آية الله السيسيتاني الذي التقاها ايضا حينذاك». ورأى ان «شيئا لم يتغير» بين ذلك التاريخ والآن. وأوضح ان اعضاء مجلس الحكم الذين ترددوا في توفيع القانون الاداري الانتقالي قد عمدوا الى مهر الوثيقة بتواقيعهم في النهاية «بسبب مباركة آية الله السيستاني لذلك، كما نعرف من مصادر موثوقة مقربة (من الزعيم الديني)». وتابع «اننا نقوم حاليا بمناقشات واسعة» مع كل الاطراف تمهيدا لاستعادة السيادة والزعيم الديني الشيعي طرف في هذه المناقشات. وقال ان «السيستاني رحب منذ البداية بدور للأمم المتحدة»، معربا عن شكه في ألاّ يلقى مبعوثو المنظمة الدولية «بعد وصولهم الترحيب» في العراق من قبل الجميع.

ووزير الخارجية العراقي الذي اشار في مقدمة تمهيدية الى ان «بعض جيراننا لا يرغبون في رؤية عملية اعادة السيادة تنتهي بهدوء ويريدون (منعنا) من اقامة العراق الجديد، قد اعتذر لاحقا عن عدم ذكر اسماء هذه الدول. وقال، ضاحكا، «كوزير للخارجية العراقي لن اذكر هذه الاسماء». غير انه اضاف «في كل مشاوراتنا مع الدول المجاورة قلنا لهم اننا نريد مساعدتهم في حفظ الأمن في العراق»، مؤكدا لهم ان «استتباب الأمن والاستقرار في العراق يحقق مصلحتكم». وأوضح ان ابلغ هذه الرسالة لجميع الدول المجاورة، مشددا على ان من مصلحة هؤلاء الجيران ان تنتهي عملية اقامة عراق مزدهر ومستقر بنجاح.

وتكهن بتواصل اعمال العنف، التي ستزداد حدتها في الاشهر الثلاثة التي تسبق استعادة السيادة. وقال ان «الهجمات ستزداد وقد توقعنا ان وتيرة العنف ستتصاعد مع اقتراب الثلاثين من يونيو (حزيران) لأن فلول النظام السابق والعناصر الارهابية الخارجية لا تزال قادرة على توجيه ضربات وحشية من قبيل تلك التي راح أول من امس عدد من المقاولين الاجانب ضحية له». الا انه اكد ان «هذه العناصر بدأت تخسر المعركة»، معتبرا ان احراز «تقدم سياسي» مطرد من شأنه ان يوجه لها مزيدا من الضربات القاصمة.

ولفت زيباري في رد على سؤال آخر، الى ان الادارة العراقية تسعى الى ضبط تدفق المتشددين وغيرهم عبر الحدود الايرانية. وقال «قد اتخذنا اخيرا اجراءات عدة لضبط الحدود وأبقينا 3 نقاط عبور (على الحدود) مفتوحة من 19 نقطة». واضاف ان «جميع الزوار الايرانيين يحتاجون الآن الى الحصول على تأشيرة دخول مسبقة» قبل عبورهم الى العراق. وشدد على حرص بلاده على اقامة علاقات طيبة مع ايران لا سيما ان الاخيرة «دولة مهمة لنا معها حدود طويلة وتربطنا بها علاقات تاريخية وثيقة» وذلك على رغم وجود «مشاكل عدة وملفات مفتوحة مثل أسرى الحرب وعرقلة وصول الحجاج الى النجف وكربلاء». واشاد بموقف ايران من الادارة العراقية الحالية، مشيرا الى انها «كانت أول من اعترف بمجلس الحكم».

وقال وزير الخارجية العراقي ان علاقات بلاده مع الكويت «ممتازة» معربا عن تقديره البالغ للتأييد الكويتي للعراق في المحافل العربية والاسلامية كالجامعة العربية وغيرها. وشدد على حرص العراق على «احترام السيادة الكويتية» واستعداده لتوقيع اتفاقية مع الكويت لهذه الغاية، مؤكدا ان بلاده لا ترغب باقامة «قاعدة بحرية» هناك كما اشيع قبل فترة. وكشف عن ان السلطات العراقية عثرت اخيرا على «مكتبة كاملة لمجلس الأمة مؤلفة من 2300 كتاب، عرضنا اعادتها للكويت مباشرة من دون الرجوع الى مجلس الأمن»، وذلك على سبيل التأكيد على حسن نية العراق تجاه الكويت.

وعن احتمال اقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، أكد زيباري انه أوضح مرارا في الماضي ان الادارة الحالية «ليست في موقع يسمح لنا باتخاذ قرار بهذا الشأن». واضاف ان هذا القرار لا يمكن ان يتخذ «ما لم تكن لدينا حكومة عراقية شرعية، فهذه قضية حساسة للغاية». وزاد «نؤيد مبادرات السلام العربية» كلها و«نؤيد القيادة الفلسطينية الشرعية». ولفت الى وجوب «عقد قمة عربية بالسرعة الممكنة لأن التحديات كثيرة»، معربا عن أسفه لعدم التئام القمة الاخيرة التي كان من المقرر ان تستضيفها تونس. وتحدث عن ضرورة البت في ملفات كثيرة من قبل الزعماء العرب مثل «الاصلاح والتحديث وجعل الجامعة العربية اكثر فعالية».

ووجه زيباري في مستهل اللقاء الشكر للحكومة البريطانية لاستضافتها عددا من الدبلوماسيين العراقيين الجدد في دورة تدريبية سيعودون بعدها الى اداء مهماتهم في الخارجية العراقية. وقال ان وزارته تسعى حاليا الى اعداد الكوادر الجديدة، وذلك في اطار عملية اعادة البناء الشاملة للعراق الجديد. وذكر ان 250 دبلوماسيا عراقيا قد اوفدوا الى 19 دولة لتلقي التدريب هناك. وقال أحد الدبلوماسيين الموفدين الى بريطانيا لـ«الشرق الأوسط» ان عدد المتدربين بلغ 12 دبلوماسيا خدم بعضهم في سلك الخارجية في ظل النظام السابق. واضاف الدبلوماسي الذي اعتذر عن عدم ذكر اسمه، ان الموفدين قضوا 3 اسابيع في بريطانيا تدربوا خلالها على المهارات الدبلوماسية، كما التقوا مسؤولين، في مقدمتهم وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ووزيرة الدولة للشؤون الخارجية المكلفة ملف الشرق الأوسط البارونة اليزابيث سايمونز. وأوضح ان الدورة قد انتهت امس، وانهم سيعودون الى العراق قريبا.