شارون يرفض طلب أبو علاء التنسيق حول خطة الانفصال وواشنطن توافق على دفع ثمن سياسي «جزئي» لإسرائيل

TT

رفضت اسرائيل بشكل شبه رسمي طلب رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع (ابو علاء)، ان يكون هناك تنسيق بين مكتبه ومكتب نظيره الاسرائيلي، ارييل شارون، حول خطة الانفصال الاحادي الجانب. وقالت مصادر سياسية اسرائيلية ان خطة شارون تقوم على مبدأ الاحادية، وسبب انطلاقها هو غياب شريك فلسطيني في القيادة الحالية، لعملية السلام. لذلك فانها لن تتجاوب مع الطلب.

وجاء هذا الموقف في الوقت الذي كان فيه المسؤولون من الطرفين، الاسرائيلي والفلسطيني، يستعدون امس لاجراء محادثات مع الوفد الاميركي برئاسة مساعد وزير الخارجية وليام برنز الذي يبحث في بنود خطة الانفصال. وتزامن مع وصول معلومات جديدة (مصدرها اسرائيل) من واشنطن تفيد بان ادارة الرئيس جورج بوش قبلت بشكل جزئي مطالب اسرائيل لقاء الانسحاب من قطاع غزة وبعض مستوطنات الضفة الغربية.

وكان ابو علاء قد اثار في ما قاله في خطابه في المجلس التشريعي الفلسطيني اول من امس، اهتماما اعلاميا كبيرا في اسرائيل. اذ اعلن رفضه القاطع للعمليات التفجيرية ضد المدنيين الاسرائيليين «كونها تدمر المصالح الفلسطينية وتشوه النضال الفلسطيني العادل من اجل الحقوق المشروعة وتشكل ذريعة لشارون حتى يواصل اعتداءاته الاجرامية على شعبنا الفلسطيني ورموزه النضالية». وبارك ابو علاء بشكل مشروط الانفصال الاحادي الجانب الذي اقترحه شارون وقال انه ينطوي على العديد من الخطوات الايجابية لمصلحة السلام. ودعا اسرائيل الى ان تنفذ هذه الخطة بالتنسيق مع حكومته. وقال: «ان احد اهم اسباب نجاح هذه الخطة يكمن في مدى التنسيق بيننا وعلاقة هذه الخطة بعملية السلام برمتها. فيجب ان تكون هذه الخطة جزءا من مشروع سلام كامل وشامل، في صلبه ازالة الاحتلال من جميع الاراضي العربية التي احتلت في العام 1967».

وصعقت القيادة السياسية الاسرائيلية من الاهتمام الاعلامي الكبير في الصحافة المحلية من تصريحات ابو علاء. فأصدر مكتب رئيس الوزراء بيانا بعنوان «تصريحات من مصادر سياسية عليا» جاء فيها ان حكومة ابو علاء لا تفعل شيئا على الارض ضد الارهاب والعمليات الارهابية وانه «حتى عندما اراد ابو علاء التعبير عن رفض العمليات، برر ذلك بانها تضر بالمصالح الفلسطينية وليس لانها اعمال ارهاب تهدر دماء اليهود وتتناقض وروح السلام».

ورفضت هذه المصادر عرض ابو علاء لاجراء التنسيق. وقالت ان عليه ان يستعد لتسلم المناطق التي تنسحب منها اسرائيل ليمارس فيها صلاحياته السياسية والامنية وليس اكثر من ذلك.

ولكن، في وقت لاحق، عادت المصادر السياسية لتعدل من هذا الموقف وتشير الى انه بطبيعة الحال هناك مواضيع لا بد من التنسيق بشأنها «ولكن على مستوى القيادات المحلية الميدانية لقوات الامن».

من جهة ثانية، ذكرت مصادر اسرائيلية، امس، المزيد من المعلومات حول التجاوب الاميركي المتوقع مع المطالب الاسرائيلية التي تطرحها على الولايات المتحدة لكي تكون ثمنا تقرره واشنطن ويدفعه الفلسطينيون وتقبضه اسرائيل مقابل خطتها للانسحاب.

وقالت هذه المصادر ان التجاوب الاميركي جاء جزئيا على نحو «رسالة ضمانات» اعدتها الادارة الاميركية ويقوم على اساس «ان اسرائيل حققت مرادها من دون ان يشعر الفلسطينيون بان الولايات المتحدة فرطت بحقوقهم».

وفي التطبيق العملي، جاء الموقف الاميركي على النحو التالي، وفقا لتلك المصادر الاسرائيلية: اسرائيل طلبت من الولايات المتحدة موقفا مؤيدا لضم عدد من مناطق التكتلات الاستيطانية في الضفة الغربية الى الحدود الاسرائيلية، او على الاقل السماح لليهود بان يوسعوا الاستيطان فيها بشكل شرعي، كما يحدث حاليا في القرى الشرقية. فهذه منطقة محتلة (عام 1967). والولايات المتحدة لا تعترف بضمها الى اسرائيل ولا حتى بكونها عاصمة اسرائيل. ومع ذلك، فانها تسكت عن مشاريع الاستيطان فيها. وجاء الرد الاميركي الاخير على النحو التالي: «الحدود الاسرائيلية ـ الفلسطينية المستقبلية ستأخذ بالاعتبار الامر الواقع الحالي». وحسب المصادر الاسرائيلية فان بامكان اسرائيل ان تعتمد على هذه الصيغة لتوسيع الكتل الاستيطانية القائمة من دون معارضة اميركية.

اللاجئون: اسرائيل طلبت تصريحا اميركيا ينفي ويرفض عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا عام 1948، ورفضت الولايات المتحدة اطلاق تصريح كهذا. لكنها وافقت على القول ان اللاجئين الفلسطينيين في الخارج بامكانهم العودة الى الدولة الفلسطينية التي ستقوم وفقا لرؤية الرئيس بوش.

وينكب المسؤولون الاميركيون والاسرائيليون حاليا على صياغة هذه المواقف بشكل نهائي مقابل صياغة اسرائيلية لخطة الانفصال الاحادي الجانب. وعندما تكتمل، ستقوم الادارة الاميركية بكتابتها في رسالة ضمانات لاسرائيل.

وعلمت «الشرق الاوسط» ان مصر تحاول منح الفلسطينيين رسالة ضمانات مقابلة، تضمن لهم حقوقهم في عدد من القضايا الاساسية مثل: ازالة الاحتلال وآثاره في الاراضي الفلسطينية، واقامة دولة مستقلة ذات سيادة وضمان ان لا تعتدي اسرائيل على سيادتها ولا تهدد حياة ومكانة منتخبيها.

يذكر ان شارون وابو علاء عقدا لقاءين منفردين، امس، مع الوفد الاميركي الذي يضم الى جانب بيريز نائب مستشارة الامن القومي، ستيف هدلي، ورئيس دائرة الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي، اليوت ابرامز.

من جهة ثانية علم ان رئيس المعارضة الاسرائيلية، شيمعون بيريس، يعمل في الولايات المتحدة على تجنيد دعم بقيمة 5 مليارات دولار من اجل تطوير منطقة النقب الجنوبية. وهو يدير هذا النشاط بالتنسيق مع شارون. ويقول ان عملية تطوير النقب مربوطة بالانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة وجنوب الضفة الغربية. فهذه ستصبح منطقة سلام.