مقر أسبوعية «الدار» المدمر دليل ساطع على المخاطر التي تواجه الصحافيين في غزة

TT

غزة ـ أ.ف.ب: لا تزال شاشات اجهزة الكومبيوتر المهشمة والطابعات المحطمة تشهد على المصاب الذي الم باسبوعية «الدار» الفلسطينية التي تعرضت مكاتبها للتخريب مطلع فبراير (شباط) على ايدي مجهولين.

وبلغت خسائر «الدار» 15 الف دولار. وقال حسن الكاشف، مدير المجلة التي بدأت بالصدور السنة الماضية، «لم يسرقوا شيئا»، مؤكدا ان الرسالة من هذا العمل التخريبي واضحة. فالمقالات التي نشرتها المجلة عن الفساد داخل السلطة الفلسطينية هي الدافع برايه وراء هذا التحذير.

وقرر الكاشف، المحلل السياسي المعروف في غزة، تعليق صدور مجلته موقتا، مقدما للمعتدين ما يريدونه. وابدى ارتياحه لكون الاعتداء لم يؤد الى سقوط اصابات بشرية.

ولكن الامر لم يقف عند هذا الحد بالنسبة الى الصحافي خليل الزبن (59 عاما) الذي كان ايضا مستشارا مقربا من رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات وقتل في الثاني من مارس (آذار) بـ12 رصاصة اطلقها مجهولون في مدينة غزة.

ولا يقتصر هذا النوع من الاعتداءات الذي يستهدف الصحافيين على هذين الحادثين اللذين سجلا في الفترة الاخيرة. وفي معظم الاحيان، يجري تحقيق في القضية، من دون ان يتم توقيف احد. ومن الارجح ان اي عمليات توقيف لن تحصل في المستقبل. فقانون الصمت والخوف هو السائد، وكل يبرر الامر على طريقته الخاصة.

ويقول مصدر مطلع طلب عدم الكشف عن هويته «طالما ان المنفذين معروفون فسيظلون مجهولين»، بما يوحي ان كل الناس يعرفون من هم المسؤولون عن العملية، الا انهم متنفذون جدا لدرجة لن يكون في الامكان المس بهم.

وقال نائب رئيس نقابة الصحافيين الفلسطينيين توفيق ابو خوصة ان كل هذه الاعتداءات متصلة «من دون شك» بنزاعات داخل حركة فتح الفلسطينية.

ويمزق حركة فتح نزاع على السلطة يتجلى بتنافس بين الاجهزة الأمنية في الاراضي المحتلة، الامر الذي ينعكس سلبا عليها. ويزيد في تعقيد وضعها خسارتها شعبيا في مواجهة الفصائل الفلسطينية المتشددة.

الا ان النزاع يبدو اكثر شدة في قطاع غزة بعد اعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون عزمه على سحب الجيش الاسرائيلي من المنطقة.

وبدا ان عملية تصفية الحسابات توقفت بعد اغتيال مؤسس حركة حماس الشيخ احمد ياسين، الا ان هناك اجماعا على ان هذا الهدوء موقت.

وقال ابو خوصة وهو عضو في حركة فتح وقد كان يكتب بانتظام في «الدار»، ان «سبب الخلاف الرئيسي يتعلق بطبيعة التغيير داخل فتح». واضاف «البعض مؤيد للتغيير والبعض معارض. هناك من يؤيدون التغيير ولكن ليس الآن»، مشيرا الى ان «الاعتداءات الاخيرة التي استهدفت صحافيين لم تستهدفهم كونهم صحافيين فحسب»، وانما لانهم صحافيون «لهم وجهة نظر» معينة.

ويتفق الجميع على ان الدافع الى اعمال العنف الاخيرة كان الشلل وغياب الديمقراطية داخل فتح.

وقال المصدر المطلع «لم يتم تغيير السؤولين بتاتا في الحركة، ولا رؤساء الاجهزة الأمنية».

ويسعى بعض اعضاء حركة فتح الى عقد مؤتمر عام واجراء انتخابات داخلية جديدة بهدف تجديد هيئاتها القيادية التي تولت مناصبها قبل حوالى عشرين عاما. ونجح الرئيس ياسر عرفات حتى الساعة في الحؤول من دون حصول ذلك. واضاف المصدر ان «من يقترفون الاخطاء لا يعاقبون»، مضيفا ان «التغيير لن يكون سلميا».

اما الكاشف فلا يزال يأمل بغد افضل. وقال «انا مسؤول عن 15 شخصا»، مضيفا «لن يكون من الحكمة استئناف النشر من دون الحصول على ضمانات بان احدا منهم لن يتعرض لاذى».

الا انه اضاف «لكنهم يعلمون انهم لا يستطيعون اسكاتي»، من دون ان يحدد هوية الذين يتكلم عنهم.