معرض الفنان الذي يفرح بالتراب فرغلي عبد الحفيظ يثير الاندهاش في جدة

TT

انكسار المسافة في بوتقة الزمن يعني الالتقاء في نقطة واحدة، وتجربة الدكتور فرغلي عبد الحفيظ، الفنان الذي يعد من رواد الفنانين التشكيليين في الوطن العربي تلتقي عندما يحاول أن يمحو الزمن والمسافة في أعماله التشكيلية ليرجعهما إلى منبع واحد فيحيل الحياة الانسانية برمتها إلى أصلها الأول ـ التراب أو الطين، وبذلك يستوي الهم الإنساني الحقيقي. عن أعماله يقول الناقد الدكتور أحمد نوار «فرغلي نشأ في قلب الحضارة المصرية وتمركزت في ذاكرته روافد الحضارة غير المسبوقة بين حضارات العالم القديمة، بل تعد تجربته «الانبثاق» نهجا جديدا وصياغة غير مسبوقة، فقد اعتبر الفراغ الكوني جسدا ملموسا باستدعاء العناصر المنبثقة من داخل هذا الكيان. الدكتور فرغلي عبد الحفيظ، وبعد عدة محطات عالمية ودولية، حطّ في معرضه الشخصي الأخير في المملكة العربية السعودية حيث رعته الأميرة هيفاء بنت منصور بن بندر بن عبد العزيز، وقالت: «هو فنان غني عن التعريف، فهو القادم من ثراء تاريخي وتجريبي، وبالذات تجربته (انبثاق) حيث ينطلق في نتاجه من حضارة عريقة كالفرعونية ليمتد في آفاق حديثة تعبر عن قلق العصر وتسارعه، إذ أن أهم ما يفصح عنه إبداع الفرغلي هو جسارته على الاختلاف وعلى التجريب ليحول العمل الفني لفضاء محفز داخل الفضاء الكوني». فلوحاته، كما رأتها راعية الحفل، آتية من بيات فكري حيث تخرج تجديداته من بين ركام زمني وتقالباته، وقد أقيم المعرض بأتيليه جدة للفنون الجميلة يوم الأحد 28 مارس المنصرم واستمر المعرض مدة أسبوعين متتاليين والذي كان بالتعاون مع مؤسسة المنصورية للثقافة والابداع في استضافة الفنان التشكيلي فرغلي عبد الحفيظ الذي يعد من رواد الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة وهذا من اجل إثراء الساحة التشكيلية العربية، و قد حظي المعرض بالحضور ولقيت أعماله احتفاء من قبلهم. والفنان فرغلي عبد الحفيظ هو أحد رواد الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة وهو من مواليد ديروط عام 1941 تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة بفلورنسا وقد انتخب عميدا لكلية التربية الفنية بمصر لمدة عشر سنوات، ومن أهم إنجازاته قيامه بتصميم ديكورات وإضاءة أوبرا عايدة وصدرت عنه ثلاثة كتب منها التنقيب عن الطاقة الروحية للناقد نبيل فرج، ويشارك فيها منذ حوالي نصف قرن تقريبا، وقد أقام العديد من المعارض الشخصية في مختلف دول العالم ومنها إيطاليا التي أقام فيها عشرة معارض كان أبرزها معرضه الخاص في بينالي فينيسيا الدولي لثلاث دورات على التوالي، وكذلك في القاهرة وفي بعض الدول العربية منها الكويت والأردن وقطر وأخيرا معرضه في المملكة العربية السعودية، كما شارك أيضا في معارض دولية منها بينالي باريس الدولي وفي فلورنسا وإسبانيا واليابان والعراق وقد حاز الدكتور فرغلي عدة جوائز وتقتني عدة متاحف أوروبية وعالمية بعضا من أعماله الفنية. وقد استطاع الفنان أن يرسم ملامح الانسانية في أعماله خلال رحلته بين أروقة الفن التشكيلي التي قاربت نصف قرن من الزمان. «في تجربة الدكتور عبد الحفيظ ثمة أشياء وملامح شتى تستحق الرصد والتسجيل ولكن أهم ما فيها أنها بحق شهادة انسانية فريدة على عصر يمور بالأحداث والمستجدات التي لا تتوقف» هكذا يراها هشام قنديل مدير أتيليه جدة، فقد استطاع هذا الفنان أن يلفت النظر لتجربته الفنية بصفاء ولعل انتماءه للصعيد المصري وامتزاجه بالحضارة الأوربية ألغيا كل مسافات بين الانسان هنا والانسان هناك لتتجسد لغة الحضارة الانسانية وان تعددت صورها وأماكنها وأزمانها لنكتشف سرا من أسراره وهو اختزال المسافات الزمنية للالتقاء في نقطة الأصل ـ التراب.