عبد الرحمن بن محفوظ يتحدث عن المعركة مع مؤلف «الحقيقة الضائعة»: قصة طائرة الـ300 مليون دولار التي حطت بالسودان خرافة

نفى لـ«الشرق الأوسط» مصادرة الحكومة السعودية لأملاك والده

TT

قال رجل الأعمال السعودي عبد الرحمن بن خالد بن محفوظ ان فريقا من المحامين عن والده يرفعون دعوى قضائية امام محاكم أوروبية بهدف محاسبة تشارلز بريسار، المحقق الفرنسي الرئيسي في قضية تعويضات اهالي ضحايا 11 سبتمبر.

واكد عبد الرحمن بن محفوظ ان بريسار «سيجد مصداقيته محطمة بسبب نشر معلومات وقصص كاذبة وملفقة عن والدي في كتابه الحقيقة الضائعة».

وفي حديث هو الأول من نوعه فتح نجل المصرفي السعودي الشهير الباب امام «الشرق الأوسط» لتناول معلومات وقصص ترددت عن والده في الداخل والخارج، قال ان معظمها مبني على معلومات كتاب «الحقيقة الضائعة».

وكان والده حصل على حكم المحكمة العليا في لندن ألزم بموجبه مؤلفاً بريطانياً ودار نشره برد الاعتبار الى خالد بن محفوظ وتعويضه ماليا بتهمة القذف والتشهير في سمعته، والاعتذار علنا في اكثر من موقع مطبوع والكتروني. وكسب مطلع العام الجاري قضية مماثلة ضد صحيفة «ميل أون صنداي» البريطانية. واعتبر عبد الرحمن بن محفوظ ان انتصار والده قضائيا في تلك القضيتين «يمهد لما وصفه بالضربة القاضية التي سيتلقاها بريسار كونه المصدر الرئيسي لحملة القذف والتشهير من خلال كتابه الذي اعتمدت على ما ورد فيه كل من الصحيفة والمؤلف البريطانيان». ومن شأن انتصار خالد بن محفوظ في دعواه ضد المحقق القضائي ومؤلف كتاب «الحقيقة الضائعة» تدمير قضية أكبر وأهم بكثير هي قضية دعاوى التعويضات المرفوعة ضد 700 شخصية، ومؤسسة، ودول إسلامية معظمهم من السعوديين متهمين بتورطهم في تمويل «الإرهاب» وتنظيم «القاعدة». وتعد قضية تعويضات اهالي ضحايا 11 سبتمبر المرفوعة حاليا امام محكمة جنوب نيويورك اكبر قضايا التعويضات في التاريخ، حيث يطالب المدعون بألف مليار دولار (ترليون).

وكشف عبد الرحمن بن محفوظ خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن الحقائق الصحيحة، حسب تأكيده، لما دار من إشاعات ربطت والده بدعم تنظيم القاعدة وزعيمها اسامة بن لادن، حيث تناول الحديث قصة الطائرة الخاصة المحملة بـ300 مليون دولار نقدا التي قيل انها حطت في مطار داخلي في السودان اثناء إقامة زعيم تنظيم القاعدة هناك تلك الفترة. وتحدث عبد الرحمن الذي يتولى الإدارة التنفيذية في أعمال والده التجارية ومعاملاته الرسمية، عن خلفيات ما اثير حول ملكية مستشفى «السلامة» سابقا و«التخصصي» حاليا بسعر زهيد. ونفى في الحديث معه ما ردده المؤلف الفرنسي من معاقبة الحكومة السعودية لوالده ومصادرة بعض أملاكه وسحب جواز سفره، وسجنه في مستشفى عسكري، نتيجة ما تكشف للسلطات بعد التدقيق في حسابات سرية اثبتت تورط بن محفوظ.

وبسؤال نجل المصرفي السعودي الشهير، عن ما راج من احاديث عامة حول معاقبة الحكومة السعودية لوالده وتجريده من منصبه في رئاسة مجلس ادارة البنك الأهلي التجاري، بحجة اكتشاف السلطات لتورطه في دعم الإرهاب الدولي عقب تتبع الحسابات السرية، قال «هذه تلفيقات مزعومة لا تستند لما يدعمها على الإطلاق وقد أوردها بريسار في كتابه. وأكد عبد الرحمن «لم يعاقب والدي من قبل حكومتنا بأي شكل من الأشكال، بل على العكس من ذلك».

* ماذا عن الطائرة الخاصة التي قيل انها نقلت 300 مليون دولار بأمر من والدكم وتسليمها لاسامة بن لادن اثناء اقامته في العاصمة السودانية؟

ـ هذا كلام غير صحيح على الإطلاق، بل هو ما يندرج تحت خانة الخرافات.

* وتردد أيضا انه جرت مصادرة ملكية مستشفى «السلامة» سابقا من والدكم وتحويلها الى الحكومة؟

ـ ايضا هذا كلام لا وجه له من الصحة لا من قريب ولا من بعيد، سأروي لك ما جرى في مسألة شراء الدولة لمستشفى السلامة، مشيرا الى ان ذلك جاء بناء على حاجة جدة، بإنشاء مستشفى تخصصي فيها. وحيث كانت الحاجة سريعة، كان مستشفى السلامة بعد تطوير مرافقه مهيأ لمهام مستشفى كبير مثل التخصصي وجرت الاتصالات معنا وكانت مفاوضات صريحة فيها بيع وشراء وموثقة بعقود صريحة، كانت نتيجتها إنهم، كعادتهم حفظهم الله أعطونا أكثر من حقنا، وهذه الحقائق كنت مفاوضا رئيسيا ومباشرا عليها لحظة بلحظة. وأقول اننا حصلنا على حقوقنا بزيادة في ملكية مستشفى السلامة.

* كيف ستتعاملون مع هذا القصص؟

نحن بإذن الله ماضون في ملاحقة مصدر هذه التلفيقات، وشخصيا سألاحق المؤلف الفرنسي حتى يتم انصافنا قضائيا وبصورة قانونية وموثقة. وبفضل من الله كسبنا قضيتين منفصلتين بدعوى القذف والتشهير في حقنا خلال شهرين فقط امام القضاء البريطاني، وهما بالمناسبة قضيتان من المنتظر ان تؤثرا في نتيجة القضية الأكبر لصالحنا ضد بريسار لأن المدعى عليهما اعتمدا في ما نشراه على معلومات كتاب بريسار.

وتعهد عبد الرحمن بن محفوظ برد اعتبار والده، ومحاسبة المتسبب في تشويه سمعته، مشيرا الى أن «ما ذكره في كتابه خطير وقد يؤثر على سمعتنا ومعاملاتنا التجارية دوليا، لذلك نحن جادون في ملاحقته وردعه». وتناول الحديث الموقف الحالي لعبد الرحمن ووالده من قضية التعويضات المرفوعة في محكمة جنوب نيويورك وقال «بتوفيق الله سنصل الى إبراز الحقائق عن عائلاتنا، وفريق المحامين للدفاع عن موقفنا يحصل على نتائج متقدمة منها اسقاط أسم شركة نمر بتروليوم من قائمة الأدعاء، وصولا بإذن الله الى التبرئة الكاملة لجميع الأطراف». ويتابع بن محفوظ قائلا ان «من واجبنا ان ندافع عن موقفنا حتى النهاية، ونحن كرجال أعمال سعوديين نحمل في اعتبارنا البعد الوطني للقضية، وأي نصر (قضائي) يحرزه احد الأطراف السعودية نعتبره نجاحا مباشرا لنا». وقال «أود ان أشير الى التكاتف الحقيقي الذي يجمعنا في هذه القضية». وعن تبادل المعلومات حول مجريات وتطورات القضية بين فرق محامي الاطراف السعودية، قال «لدينا قدر عالٍ من التواصل مع من نعرفه من المتهمين في قضية التعويضات، العم صالح كامل مثلا، وآخرون يتبادلون بعض تطورات القضية مع والدي ومعي، وهو بمثابة تنسيق فاذا احتجنا معلومة معينة نسألهم او يسألونا بدورهم، ونرجو التوفيق لنا جميعا».

وكان محامو أسر ضحايا 11 سبتمبر (ايلول) 2001، عندما قرروا رفع قضية تعويضات قيمتها تريليون دولار (الف مليار دولار)، ضد بعض البنوك والجمعيات الخيرية والأفراد، المشتبه في أنهم حولوا أموالا الى منظمة القاعدة، قرر هؤلاء المحامون تعيين جان تشارلز بريسار، محققا رئيسيا في قضيتهم. وتشارلز بريسار، هو مؤلف كتاب «الحقيقة الضائعة» الذي يبحث قضية تمويل المنظمات الإرهابية. ولكن المحلل والمحقق المالي الفرنسي، أصبح هو نفسه موضوعا للتحقيق حين رفع بن محفوظ، في منتصف فبراير(شباط) 2003 قضية اساءة سمعة وتشهير ضده، بعد ان وصفه بريسار بانه الممول الرئيسي لأسامة بن لادن.

واتخذ محامو بن محفوظ عدة خطوات قضائية في وقت متزأمن تقريبا، فعندما رفعوا القضية التي قدمت في حينه امام القضاء البلجيكي، ضد بريسار وشريكه في التأليف غيلوم داسكي، كانوا قد رفعوا قبلها بيومين قضية أخرى ضد صحيفة بريطانية هي «ميل أون صنداي»، لأنها رددت العديد من اتهامات بريسار، تكشف ما سماه محامو بن محفوظ سلسلة من الأخطاء الواردة بالكتاب. وهو الأمر الذي تكرر مع مؤلف كتاب «حصاد الدوامة» ودار النشر البريطانية. ووفق تسلسل خطوات مقاضاة محامو خالد بن محفوظ لأكثر من طرف فأن الامور تبدو في صالح بن محفوظ قضائيا، حيث من المنتظر ان يكون من شأن كسب المصرفي السعودي قضيته فانه سيدمر مصداقية بريسار، كما ستنهار نتيجة لذلك قضية ضحايا 11 سبتمبر.

وبسؤال عبد الرحمن بن محفوظ عن ما اذا كانوا قد خططوا عن قصد لملاحقة بريسار بهدف تحطيم مصداقيته ومن ثم انهيار قضية التعويضات، قال «لم يجر التخطيط هكذا، فالأمور شهدت اكثر من تطور عزز توجهنا ولله الحمد». واضاف «الكتاب صدر بعد أحداث 11 سبتمبر وهو مليء بعشرات الأخطاء الشنيعة والساذجة التي من شأنها التأثير على سمعتنا ومصالحنا ان لم نضع لها حدا عن طريق القضاء». ومن ضمن مزاعم الكتاب القول ان هناك مؤامرة سعودية لتمويل القاعدة، ويصف بن محفوظ بانه «مصرف الارهابيين» وانه «واحد من المؤيدين الاساسيين لابن لادن».

وكان الكتاب قد نشر أواخر 2001 بفرنسا، بعدها نشر في العام 2002 بالولايات المتحدة وبريطانيا. ووفق محامي بن محفوظ فان رفع القضية في بلجيكا جاء لان القانون الفرنسي يحدد فترة قضايا القذف وإساءة السمعة بـ3 اشهر من صدورها. وتبعها قضية أخرى امام القضاء البريطاني عقب صدور الكتاب وتوزيعه فيها. وتقول الشكوى ان الكتاب «يستند الى معلومات كاذبة وغير موثقة، تسيء الى سمعة بن محفوظ الذي نفى نفيا قاطعا أن يكون من مؤيدي المنظمات الإرهابية او يدعم نشاطاتها».

وقال عبد الرحمن ردا على سؤال حول امتداد تأثير أحكام القضاء الأوروبي على قضية نيويورك، «بمجرد حصولنا بإذن الله على حكم قضائي في بلجيكا او بريطانيا سيؤثر تلقائيا على مصداقيته امام القضاء الاميركي». واضاف «على كل حال نحن متفائلون بنجاحنا في هذا الاتجاه، وندعو مخلصين بالتوفيق لجميع اخواننا السعوديين والمسلمين الذين تعرضوا لمثل هذه الادعاءات المزيفة والباطلة».