باريس: المؤتمر الدولي حول العراق مخرج من المأزق الراهن

TT

احتل الوضع العراقي مكانا بارزا في المحادثات التي اجراها وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنيه مع نظيره البريطاني جاك سترو ونائب رئيس الحكومة الايطالية جيانفرانكو فيني في باريس صباح امس، كما تمت مناقشة الموضوع نفسه في قصر الاليزيه، في اللقاء الذي ضم، عصرا، رئيس الجمهورية الفرنسي جاك شيراك ونائب رئيس الجمهورية السورية عبد الحليم خدام، بحضور بارنيه.

وعلم في باريس ان الوزير الفرنسي اعاد طرح موضوع المؤتمر الدولي حول العراق على المسؤولين البريطاني والايطالي فيما جددت موسكو، المتحمسة لهذا المشروع، دعوتها لعقد مثل هذا المؤتمر «تحت اشراف الامم المتحدة». وكان هذا الموضوع قد اثير خلال الزيارة السريعة التي قام بها الرئيس الفرنسي الى موسكو نهاية الاسبوع الماضي. وقالت ماري ماسدوبوي، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، ان المؤتمر الذي كانت فرنسا اول من دعا الى عقده ابان جولة موسعة لوزير الخارجية السابق دومينيك دو فيلبان الى خمس دول خليجية قبل شهرين، «يمكن ان ينعقد قبل نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل (موعد نقل السلطة الى العراقيين)، اذا حصل اجماع حوله من قبل المجموعة الدولية وبداية من قبل دول المنطقة». غير ان الخارجية نفت ان يكون قد تم حتى الآن طرح تاريخ لالتئام المؤتمر، مكتفية بالقول ان «الاتصالات والمشاورات مستمرة مع الشركاء الاساسيين ومنهم شركاؤنا في المنطقة». وعرف ان الولايات المتحدة الاميركية لم تبد حماسا لهذا النوع من المؤتمرات، كما انها مترددة في اعطاء دور حقيقي للامم المتحدة في العراق.

وكان شيراك قد دعا من موسكو الى «نقل كافة المسؤوليات الى حكومة شرعية عراقية بحيث يتم بعدها ومع انعقاد مؤتمر دولي يبدو على الارجح ضروريا، التعبير عن الدعم الدولي للمؤسسات العراقية الجديدة وبما يسهل اعادة انخراط العراق في محيطه الاقليمي».

وبموازاة ذلك، طالبت فرنسا المجموعة الدولية بالبدء بتحضير انتقال السلطة الى العراقيين منذ الآن وعدم انتظار حلول هذا التاريخ للاهتمام بهذا الموضوع. ويفهم ان النداء الفرنسي موجه الى مجلس الامن الدولي الذي تريد منه فرنسا ان يصدر قرارا لمواكبة انتقال السلطة الى العراقيين. وقالت الخارجية انه يتعين على المجموعة الدولية ان تكون «جاهزة من اجل ان تتم عملية نقل السلطة في افضل الظروف».

وحتى الان، ما زالت فرنسا «حذرة» ازاء اضطلاع الحلف الاطلسي بدور امني واسع في العراق وفق ما يرغب فيه الاميركيون، وهذا ما يفسر الموقف الفرنسي كما عبر عنه وزير الخارجية ميشال بارنيه خلال الاجتماع الاخير لوزراء خارجية الحلف في بروكسل يوم الجمعة الماضي.

وكررت فرنسا، على لسان ناطقة باسم الخارجية «قلقها العميق» من التطورات التي يعرفها الوضع العراقي، وجددت الدعوة الى جميع الاطراف لتتحمل «مسؤولياتها» من اجل اعادة الهدوء الى العراق «بأسرع وقت».

وتبدي المصادر الفرنسية «تشاؤما كبيرا» من المسار الذي تسلكه الاوضاع العراقية وتتخوف بالتحديد من انجرار جزء من الشيعة الذين يشكلون الاكثرية السكانية الى اعمال العنف السياسي بما «يهدد بانهيار كل سيناريوهات نقل السلطة والسيادة ويضع العراق على منزلق الحرب الشاملة».

وكانت فرنسا من اشد المعارضين للحرب الاميركية ـ البريطانية على العراق في مجلس الامن وخارجه. لكن اهتمامها منصب في الوقت الحاضر، كما تقول مصادرها، على «لملمة» الوضع العراقي لأن ما يحصل فيه «ليس في مصلحة أحد».