عناصر «حماس» يتجندون لحراسة قادتهم رغم مقتل 10 منهم في عمليات اغتيال

TT

طال الانتظار بعلي، 8 سنوات، على قارعة الطريق، فقد مضت أكثر من ثلاث ساعات على موعد عودة والده عبد الحكيم المناعمة، 35 عاما، للبيت. عاد الطفل مهرولا ليسمع العويل والصراخ قد انبعثا من منزل العائلة، اذ وصل للتو نبأ مقتل رب الاسرة عندما اطلقت عليه دبابة اسرائيلية قذيفة مدفعية قرب «مقبرة الشهداء»، شمال شرقي مدينة غزة، بينما كان يهم بإطلاق قذائف هاون على موقع عسكري للاحتلال في المنطقة.

مبعث المفاجأة في العائلة التي تسكن مخيم المغازي، وسط قطاع غزة، كان ظروف مقتل عبد الحكيم، الذي كان مرافقا شخصيا للشيخ احمد ياسين مؤسس وزعيم «حماس». فلم تكن زوجته تعرف انه اضافة الى عمله كمرافق للشيخ ياسين، كان عبد الحكيم يمارس دورا في عمليات المقاومة، ضمن عضويته في كتائب عز الدين القسام ـ الجناح العسكري لحركة «حماس» رغم انه يعيل اسرة من ثمانية اشخاص.

وقع ذلك في منتصف ابريل (نيسان) 2001 حيث أصر اعضاء حركة «حماس» في مخيم المغازي على ان يحل احدهم محل المناعمة في حراسة الشيخ. وأحد الذين ابدوا حماسا منقطع النظير للحلول محل المناعمة كان خليل ابو جياب، 28 عاما، الذي فاجأ الجميع بإصراره هذا، اذ انه كان يعمل مقاولا في مجال البناء، وكان ناجحا في عمله الى حد كبير. وبعد ثلاث سنوات على عمله كمرافق للشيخ ياسين قتل ابو جياب ولحق بالمناعمة في عملية اغتيال الشيخ ياسين في 22 مارس (آذار) الماضي اذ كان الاكثر قربا منه خلال عملية الاغتيال، رغم انه لم يكن من المقرر ان يكون مع الشيخ في تلك الليلة. كانت الحراسة في تلك الليلة لزميله محمود العماوي، الذي اضطره التزام طارئ للاعتذار عن عدم القيام بعمله. الاقبال على حراسة قادة حركة «حماس» هو أمنية الكثيرين داخل صفوف الحركة، رغم المخاطر الجمة التي ينطوي عليها هذا العمل، اذ ان عشرة من المرافقين قتلوا في عمليات اغتيال استهدفت هؤلاء القادة. ومن المفارقة انه في بعض الحالات كان المرافقون في غزة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وزميله الدكتور محمود الزهار.

ومن الدلائل على استهانة عناصر «حماس» بالمخاطر الناجمة عن حراسة قادتهم، هو حقيقة ان اكثر من شاب من نفس العائلة يصر على حراسة قادة «حماس»، مع مقتل من سبقهم في هذا العمل في محاولات اغتيال. ولعل المثال الاوضح على ذلك هو اكرم نصار، 36 عاما، وهو المرافق الحالي للرنتيسي، الذي يلازمه كظله. وسبق لابن عمه زاهر ان قتل في عملية اغتيال الشيخ صلاح شحادة القائد العام لكتائب القسام، وكان مرافقا له.

يذكر ان عائلة نصار التي تعتبر من اكبر عائلات حي الزيتون بغزة قدمت لـ«حماس» اكبر عدد من اعضاء كتائب عز الدين القسام. ويعتبر وائل نصار من ابرز المطلوبين من قادة كتائب القسام بالنسبة لإسرائيل.

بعض مرافقي القادة الذين اصيبوا في محاولة الاغتيال، اصروا على العودة لحراستهم بعد ان تماثلوا للشفاء، كما فعل عامر عيسى، 32 عاما، الذي اصيب في محاولة اغتيال الرنتيسي، وأصر على العودة للعمل في حراسته بعد ان تعافى من جروحه.