إقبال على مزاولة المهن الحرفية والبسيطة في المنطقة الشرقية

TT

تشهد المهن البسيطة والحرفية في المنطقة الشرقية خلال الآونة الأخيرة ارتفاعا ملحوظا، بعد أن كانت الأحلام الوظيفية لغالبية الشباب السعوديين قبل أكثر من عقدين، لا تتجاوز تمنيات الحصول على وظيفة ذات مرجعية حكومية، وتستبعد الانتساب عمليا في القطاع الخاص تماشياً مع ذرائع متعددة يأتي في مقدمتها افتقاد القطاع الخاص للاستقرار الوظيفي، والنظرة الدونية لدى المجتمع للعامل المهني. وساهمت التحولات الاقتصادية التي شهدتها البلاد من قبل العمالة الأجنبية وقلة العروض الوظيفية، في تبدل قناعات الكثيرين، وأصبحت هناك مسايرة للأمر الواقع وإدراك بوجود مصادر متعددة للدخل متى ما وجدت العزيمة والطموح.

فخلاف اسواق الخضار والفواكه التي كانت الهدف الاول لخطط التوطين وأصبحت تدار بأيد سعودية، ارتفعت في المنطقة الشرقية نسبة أعداد الشباب العاملين في صيد وتجارة الاسماك التي يحققون من خلالها مكاسب مادية مرتفعة وفق ما ذكره لـ«الشرق الأوسط» عاملون في هذا المجال، ووجد آخرون فرصا مناسبة في مطاعم الوجبات السريعة، وتلوح وجوه جادة تعمل من دون كلل في قيادة سيارات الأجرة العامة والليموزين، وتحولت ساحة مجاورة لمستشفى الدمام المركزي مخصصة لمواقف السيارات الى مكان للعمل وكسب الرزق بعد أن اتخذت مجموعة من الشباب السعوديين من غسيل السيارات وسيلة للعمل ونواة لاكتساب الخبرات والمال.

ويقول ناصر المحمود انه قد بدأ في مزاولة غسيل السيارات منذ عامين تقريبا، ووجد في هذا المجال مصدر دخل يحقق الربح الوفير، وأكد أنه تجاوز انعكاسات حرج مزاولة هذه المهنة، مشيراً إلى أنه لا يفكر في ترك هذا العمل في الوقت القريب وان كان يخطط خلال السنوات المقبلة للاستفادة من العوائد المادية التي يحققها ومحاولة توسيع نشاطه وتدشين مشروع مشابه بعد أن اكتسب خبرات كبيرة.

ويسترجع أحمد الضويان، 38 عاماً، ذكريات بدايات مزاولته للعمل المهني بقوله «تلك البدايات ما زالت راسخة في الذاكرة رغم ما رافقها من متاعب، فهي تعتبر بداية دخولي للحياة العملية الحقيقية، وأتذكر أن أول رحلة عملية لي كانت برفقة والدي في ميناء الملك عبد العزيز في الدمام، قبل أن انتقل للمنطقة الصناعية للعمل في المصنع الذي تعود ملكيته لوالدي، وكانت أولى الأعمال التي أسندت لي هي غسيل شاحنات النقل العملاقة، وواجهت متاعب كبيرة في ذلك الوقت وتدريجيا تأقلمت مع الوضع الجديد وبجدي واجتهادي تدرجت وزاولت مختلف التخصصات الميكانيكية والكهربائية حتى أصبحت مشرفا عاما على الموقع ورغم ذلك ما زلت أجد متعة في مزاولة العمل المهني ومشاركة بقية العاملين.

ويذكر أحمد العمري الذي يزاول العمل في شركة متخصصة في الشحن ونقل الطرود، ان مجالات العمل المهني والحرفي واسعة متى ما كانت هناك جدية في مزاولة هذه الأعمال وإصرار على تجاوز صعوبات البدايات، مشيراً إلى أنه تأقلم سريعا مع طبيعة عمله، وعلى مدى 4 أعوام من انخراطه في هذا المجال لم يجابه صعوبات تذكر. وعلق فهد الحميداني القاضي بمجمع الدوائر الشرعية في الخبر، على الموضوع بقوله «ان اتجاه الشباب لمزاولة الأعمال المهنية البسيطة والحرفية توجه رائع، وخطوة يجب أن تكون موضع تشجيع من قبل الجميع، وطريق أتمني أن يسلكه الشباب العاطلون عن العمل لكون العمل سنة من سنن الأنبياء والشرفاء، وما من نبي إلا ورعى الغنم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم رزقه تحت رمحه، وكان داود حدادا، وكان نوحٌ نجارا». هذا في وقت تجرى خلاله جهود لمعالجة العقبات التي تواجه مسألة توطين الوظائف ومحاولات لتوظيف أكبر عدد ممكن من المواطنين، حيث يتوقع أن تتقلص نسبة العمالة الوافدة عام 2011 إلى 20 في المائة من عدد السكان.

يذكر أن المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني التي تخصص لها الدولة ميزانية تقارب مليارين وأربعمائة مليون ريال تنفذ العديد من المشروعات لتوظيف عدد كبير من المواطنين في الوظائف التعليمية والمهنية والحرفية والتقنية، وشغل مليون ونصف المليون وظيفة.

واستقبل برنامج التدريب العسكري المهني الذي تشرف عليه المؤسسة ما يزيد عن 2467 متدربا في قطاعات وزارة الداخلية ووزارة الدفاع والحرس الوطني، وهو البرنامج الذي يهدف إلى تأهيل عشرة آلاف شاب سنوياً.

وسيتم تقسيم خريجي البرنامج بواقع 25 في المائة في القطاع العسكري، و25 في المائة من المتقدمين لديهم فرصة إكمال الدراسة التقنية في إحدى الكليات التقنية، ويحتضن سوق العمل نسبة الـ50 في المائة من المتدربين.