من قيظ الصحراء إلى أسفل قمة الأرض: سعوديان ينفذان قفزات حرة بالمظلات في القطب الشمالي المتجمد

TT

بخطوات واثقة وجريئة يخوض شابان سعوديان غمار مغامرة عالمية وذلك بالتوغل في مجاهل القطب الشمالي المتجمد وتنفيذ قفزات حرة بالمظلات في أجواء مناخية قاسية لا تخلو من المخاطرة في جميع مراحلها. وتبدأ رحلة المغامران السعوديان وهما الرائد مبارك السويلم، ورئيس رقباء إبراهيم أحمد الصياد، من جدة في الثأمن من الشهر الجاري إلى باريس ومنها إلى النرويج حيث تبدأ الرحلة الفعلية من لونق إيربيان، أسفالبارد «جزيرة قطبية في شمال النرويج» ومنها إلى قاعدة قطبية يطلق عليها «بورنيو» بهدف التأقلم والتزود باحتياجات الرحلة ثم التوجه للقطب الشمالي الحقيقي بطائرات عمودية استعدادا لتنفيذ القفزات الحرة هناك. وقال لـ«الشرق الأوسط» الرائد مبارك السويلم، إن الرحلة القطبية التي سيشارك فيها هو وزميله إبراهيم الصياد، هي استمرار لرحلات سابقة كانت في إطار جولة «الثقافة والوفاء» العربية التي نفذا خلالها قفزات حرة في كل من مصر والأردن والإمارات عام 2001 وذلك احتفالاً بالرياض عاصمة الثقافة وفاء للأمير الراحل فيصل بن فهد.

ويضيف «وجدنا في استمرار القفزات المظلية للفريق السعودي في الخارج أنها قد سلطت الأضواء على المملكة العربية السعودية وساهمت بشكل كبير في التعريف بالتراث والثقافة والرياضة السعودية ككل».

وتابع «اعتقد أن الرحلة المرتقبة هي مميزة وتجربة جديدة بالنسبة لنا وإن لم تكن هكذا بالنسبة للآخرين الذين سبقونا في القفز في تلك المنطقة البعيدة من العالم, خاصة أن رحلات القطب الشمالي للقفز الحر تمارس منذ عام 1991، وهي رحلات ناجحة بحسب سجلاتها».

ويضيف «من هنا قررنا خوضها وأطلقنا عليها رحلة السلام والعطاء، ومعنى السلام يعني أن المملكة تحمل رسالة سلام وحب وأخاء لجميع دول العالم وهي التي سنحملها معنا خلال الرحلة، أما العطاء فيعني أن الشباب السعودي بما يحمله من طموحات ويتمتع به من إمكانيات يمكنه مشاركة أقرانه من الدول الأخرى في اكتشاف أشياء جديدة ومفيدة في نفس الوقت للمجتمع والعالم».

وقال «الرحلة بدون شكل سوف لن تكون في ظروف عادية، بل هي غير عادية بالنسبة للقفز المظلي نظراً للظروف المناخية في القطب الشمالي المتجمد، ونحن سنتحرك من جدة إلى باريس ومن هناك إلى أوسلو بالنرويج، ثم إلى جزيرة تقع في أطراف القطب الشمالي، حيث نمكث بها لمدة 3 أيام من أجل التأقلم ثم ننتقل إلى قاعدة ثلجية تدعى «بورنيو» بالطائرات ومن ثم إلى نقطة الصفر في القطب الشمالي بطائرات عمودية لتنفيذ القفز المظلي الحر في المكان المتفق عليه في ظل درجة حرارة قد تصل إلى 30 درجة مئوية تحت الصفر وعواصف ثلجية ومناخ سيئ».

وأشار إلى أن زيارات القطب الشمالي لا تتم إلا لمدة أسبوعين في العام أي في الفترة من 15 ـ 31 من إبريل (نيسان) من كل عام، وقال «وجودنا هناك في تلك الفترة سوف يتوافق مع وجود النهار الكامل (24 ساعة نهار) لأن القطب الشمالي يمر بـ 6 أشهر ليل و6 اشهر نهار».

وحول تقديرهم لحجم المجازفة قبل الشروع في الخطوة قال «نحن مقدرين حجم المجازفة بعد أن اطلعنا على سجل الرحلات السابقة خاصة أن هذه القفزات تتم منذ عام 1991 وهي من أنجح القفزات التي تتم في القطب الشمالي، صحيح أن البعض قد لا يعلم بها ولكنها موجودة». ويضيف «صحيح أن القفزات تتم في مناخ ليس بالسهل فيما يتعلق بالقفز المظلي، ولكننا سنشارك مع بقية الفرق في تنفيذها وهي فرق من بريطانيا وأميركا ودول أخرى عديدة، ويساندنا في هذه الرحلة طاقم مكون من 30 شخصاً برعاية شركة ليبتون».

ويمارس الرائد السويلم هواية القفز بالمظلات منذ عام 1992 وله إسهامات كبيرة في انتشارها في السعودية وهنا يقول «بدأت القفز المظلي في أميركا وسجلي يحوي 3200 قفزة حرة، أما زميلي إبراهيم فأنه يمارس القفز منذ 26 عاماً ولديه 5 آلاف قفزة حرة ونكون مع بعضنا فريقاً متجانساً ويجمعنا حب هذه الرياضة، وقد وجدنا في الرحلات الخارجية التي نقوم بها قد أثمرت وأعطت نتائج كبيرة أوجدت مناخا جيدا للقفز المظلي في السعودية».

ورداً على سؤال فيما إذا كانا قد جوبها بمعارضة من قبل الأهل أو الأصدقاء للحيلولة من دون تنفيذ ما عزما عليه قال «أقولها لك صراحة من يستشير والديه في مثل هذه الخطوة فأنهم بلا شك سوف لن يتقبلوا الأمر يسهولة، أما بالنسبة لي فأنا أضع الصورة أمامهم واضحة خاصة فيما يتعلق برحلاتي الخارجية وهم يدعوا لي بالتوفيق دوما، خاصة الوالدة، أما بالنسبة لزميلي إبراهيم فالأسرة والأبناء جميعهم على دراية كاملة بهذه الرحلة» ويضيف «أما بالنسبة للأصدقاء والمعارف الذين يحذروننا من خطورة الرحلة، فنقول لهم ما دام سجل الرحلات السابقة جيد ولا تشير إلى مغامرة من أي شكل كان، فأنها تعد مغامرة يتوجب علينا القيام بها من أجل رفعة اسم المملكة العربية السعودية خاصة أننا سنقيم الصلاة في تلك البقعة الثلجية وهي قد تكون الأولى».

وقال إن الرحلة التي ستستغرق 14 يوماً وتبدأ من جدة، سننفذ فيها قفزات حرة من علو 5 آلاف قدم خلاف قفزاتنا التي كانت تتم من علو 12 ـ 13 ألف قدم لأسباب مناخية، وسنحمل معنا أثناء القفز العلم السعودي وصورة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ونحن أول عرب وسعوديين ينفذون قفزات حرة بالمظلات في القطب الشمالي.

من جهته، تحدث إبراهيم الصياد رفيق السويلم في رحلته القطبية، عن ضعاف النفوس الذين يحاولون التشويش عليه وثنيه عن الفكرة بشتى الطرق مستغلين خطورة المجازفة بالرغم من تجاهل هذه المحاولات من جانبي وقال «لماذا اخترت الموت في بقعة متجمدة في القطب الشمالي خاصة وأنت من منطقة جازان (منطقة معروفة بجوها الحار) وعشت في الطائف.. وأنا اعتبر عباراتهم هذه مجرد مزحة من أصدقاء ولا شيء أكثر».

ورئيس رقباء إبراهيم الصياد متزوج وله 7 من الأبناء ولكنه يقول عنهم إنهم مدركون لعمله ويدعمونه في جميع خطواته فيما يتعلق بالقفز لإدراكهم بأنه في طريقه لتسجيل إنجاز جديد لبلاده وهو ما يدفعه إلى الأمام.

وحول هواية القفز لديه قال «بما أنني أحد أفراد القوات المسلحة كنت في البداية أمارس القفز المظلي لأنها كانت من صميم عملي، ومع مرور الأيام تحولت إلى هواية، وأنا أمارس القفز المظلي الحر منذ 26 عاماً وقد سجلت أكثر من 5 آلاف قفزة، واحمل شهادتين في هذا المجال واحدة من الاتحاد البريطاني للقفز الحر والثانية من الولايات المتحدة تخولني تدريب الأفراد على القفز الحر».

وحول مدى خطورة الرحلة القطبية، قال «رياضة القفز الحر هي في الأصل مخاطرة بحد ذاتها، والآن وبعد ممارسة هذه الرياضة لسنوات طويلة من المؤكد إدراك خطورتها خاصة ونحن أشخاص ننتمي إلى منطقة معروفة بارتفاع درجة الحرارة فيها ولا نستطيع التأقلم مع الأجواء الجليدية الباردة». ويضيف «صحيح نفذنا من قبل قفزات في مناطق باردة أو مناطق ثلوج، ولكن تعتبر درجات الحرارة فيها معتدلة مقارنة مع درجات الحرارة في القطب الشمالي لذلك فأن المغامرة والمجازفة في القفز الحر موجودة أصلاً ونحن اتخذنا جميع الاحتياطات اللازمة لمواجهة ما يطرأ من تطورات تتطلب سرعة اتخاذ القرار والتصرف الصحيح في جزء من الثانية في حالة حدوث أية مشاكل لمجابهة الخطر».