البرلمان اللبناني يصوت اليوم على موازنة الدولة بعد تلطيف الأجواء وسحب كلمات بعض النواب

TT

يصوّت مجلس النواب اللبناني اليوم على الموازنة العامة للدولة لعام 2004 بعد ثلاثة ايام من «المناقشات الباردة» التي خرقتها مواقف متفرقة لبعض المعارضين في ظل غياب لافت للاقطاب السياسيين الذين فضل معظمهم الغياب عن الجلسة وعدم القاء الكلمات.

وتخطى المجلس امس «ازمة» الهجوم الذي شنه النائب نقولا فتوش على رئيس الجمهورية اميل لحود و«ردود» نواب كتلة رئيس الحكومة رفيق الحريري على مواقف لحود الاخيرة في ما خص مواضيع الخلاف بين الرئيسين، بعد اتصالات جرت ليلاً وأدت صباحاً الى تلطيف الاجواء وسحب عدد من نواب الحريري كلماتهم المقررة وفق ما اكد نائب بارز لـ«الشرق الأوسط».

وكانت الجلسة قد استأنفت اعمالها صباح امس بكلمة طلبها النائب نقولا فتوش تحدث فيها عن «هجمة اعلامية» يتعرض لها بسبب كلامه الذي ادلى به في الجلسة المسائية اول من امس وتناول فيها بالنقد الشديد رئيس الجمهورية ووزير الداخلية الياس المر. واستغرب ان يكون «من المسموح لصحافيين ان يكتبوا اكثر مما نتكلم فلا يحاسبهم احد وتقوم القيامة علينا». وأكد انه «لم يتعرض لأحد». وقال: «لقد تكلمت في الدستور والقانون ولم اتعرض لأحد شخصياً لأنني اعرف انه اذا كان النائب لا يسمي الاسماء بأسمائها فإنه يفقد دوره الديمقراطي».

ثم تحدث النائب عبد اللطيف الزين الذي اثار قضايا انمائية، داعياً الحكومة الى «الرأفة بالمواطن الجنوبي ورفع الحرمان عنه». وانتقد النائب غسان الاشقر بشدة وزير المال فؤاد السنيورة واتهمه بالسعي لـ«تحرير الدولة من القطاع العام»، رافضاً تحميل هذا القطاع مسؤولية الدين العام، بل «الهدر والسرقات والتسلط السياسي على هذا القطاع»، واصفاً الموازنة بالـ«جنازة»، معتبراً مناقشتها «جهداً مهدوراً».

ورأى النائب جورج قصارجي ان الموازنة «أتت خالية من اي خطة اصلاحية او سعي لضبط تنامي الدين العام»، واعتبرها «ورقة استقالة من الشأن العام»، واصفاً الحكومة بأنها «حكومة العجز»، معلناً انه لن يصوت بالموافقة على الموازنة.

ورأى النائب صالح الخير ان الموازنة «لا تختلف عن سابقاتها» ولاحظ انها «أتت متأخرة الى المجلس النيابي بفعل الخلافات السياسية»، مشيراً الى ان الخلافات «كانت على المغانم والحصص لا تنظيم الموازنة». وطالب بقانون انتخاب عصري والفصل بين النيابة والوزراء والعام والخاص، معتبراً ان «لا مشروع يقوم في البلد الا فيه يد سياسيين ومسؤولين».

وتدخل رئيس الحكومة لدى حديث الخير عن سياسة تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية، فأكد ان المصرف المركزي لم يتدخل منذ سنوات لتثبيت سعرها والدفاع عنه.

وتحدث النائب اسامة سعد فاعتبر ان الحكومة «تجيد المقاولات والتلفيقات»، ورأى ان «الناس ملَّت الموالاة والمعارضة على السواء ولم تعد لديها ثقة بقدرتهما على تقديم الحلول». وطالب النواب بـ«اطلاق رصاصة الرحمة على الحكومة».

واعتبر النائب غسان مخيبر ان الموازنة أتت متأخرة جداً وانه سيصوت ضدها، ورأى ان المناقشة فيها «لم تعد مجدية».

ولاحظ النائب محمد برجاوي (حزب الله) ان هذه الموازنة «أتت ـ كما سابقاتها ـ لتكرس الاتجاهات السلبية لجهة ارتفاع الدين العام»، محذراً من «النزعة الطائفية التي يسوق لها البعض ويحاول ان يبني حولها اصطفافات سياسية».

ودخل النائب سليم سعادة (الحزب السوري القومي الاجتماعي) في جدال حول ارقام الموازنة مع وزير المال فؤاد السنيورة الذي رد على سعادة محذراً من «رمي الارقام»، ومن اثارة هذا الكلام علمياً وإعلامياً، فيما نبه سعادة الى مخاطر استمرار السياسة الحكومية مالياً.

ورأى النائب جورج نجم (متحالف مع «حزب الله») ان الحكومات المتعاقبة اخفقت في لجم الدين العام وتحسين الوضع الاقتصادي، وأشار الى «التحديات المقبلة التي ستواجه المالية العامة في ظل المعطيات القائمة».

وأخذ النائب انور الخليل على الحكومة «عدم الاستفادة من الصدمة الايجابية التي احدثها مؤتمر باريس ـ 2». ورأى ان الموازنة تكاد تكون «مستنسخة عن الموازنة السابقة». ودعا الحكومة الى «حزم امرها واتخاذ القرارات الصعبة»، ملاحظاً ان اعضاءها «يشكون وكأنهم في المعارضة».

وأكد النائب عبد الله قصير (حزب الله) «ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية والالتفاف حول خيار المقاومة في ظل الضغوط القائمة على دول المنطقة». ودعا المجلس والحكومة الى التعاون لحل المشكلة الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة، مبدياً اسفه لغياب الرؤية الإصلاحية في الموازنة التي وصفها بأنها «موازنة العجز الحكومي عن الاصلاح وموازنة استمرار العجز». وأثار قصير ما سماه «فضائح الجوال» (الهاتف الجوال) وخلص الى ان شركتي الهاتف الجوال «وضعتا ايديهما على هذا القطاع بتواطؤ مع بعض السلطة».