الولايات المتحدة تسعى لتشكيل قوة متعددة الجنسيات لحماية الأمم المتحدة وعملياتها في العراق خلال المرحلة الانتقالية

TT

افاد مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية بان الولايات المتحدة طلبت من اكثر من 12 دولة المشاركة في قوة عسكرية دولية جديدة لحماية انشطة الامم المتحدة وممثليها في العراق، معتبراً انه اقتراح غاية في الاهمية لإقناع المنظمة الدولية بالعودة الى العراق الذي انسحبت منه اثر هجومين انتحاريين على مقرها الرئيسي في بغداد العام الماضي. وأكد مسؤولون اوروبيون واميركيون ان الولايات المتحدة تقدمت بهذا الطلب الى فرنسا التي قادت المعارضة على الحرب ضد العراق، كما تقدمت بطلب مماثل الى كل من الهند وباكستان، ودول اخرى احجمت في السابق عن المشاركة في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة لغزو العراق. وتعتبر القوة الجديدة خطوة اساسية في تحقيق الاستقرار في العراق، اذ ان ادارة الرئيس جورج بوش تعتمد على الامم المتحدة في العودة الى العراق للمساعدة في تنظيم انتخابات عامة عقب إنهاء الاحتلال في 30 يونيو (حزيران) المقبل. ومن المفترض ان تتضمن مهمة الامم المتحدة المساعدة في إجراء تعداد سكاني وقوائم للناخبين وتدريب الموظفين المسؤولين عن المراكز الانتخابيه، فضلا عن مراقبة صناديق الاقتراع في المناطق التي لا تنتشر فيها حاليا قوات التحالف. وقال مسؤول في الخارجية الاميركية انه من المحتمل ان تكون هناك مناطق كثيرة تحتاج الى ارسال قوات عسكرية اليها، وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع، ان الجميع يتفهم ضرورة عودة منظمة الامم المتحدة الى العراق مؤكدا انهم «يريدون توليها المسؤولية والتأكيد على وجود حماية كافية».

وتحاول ادارة الرئيس بوش، التي تدرك انه ليس واردا ارسال المزيد من القوات من الدول الـ33 التي تشارك بقوات في العراق حاليا، ان تؤكد على ان هذا التفويض هو لحماية الامم المتحدة ولا صلة له بالهدف العسكري لقوات التحالف الرامي الى بسط الاستقرار في العراق خلال مرحلة ما بعد الحرب. وقال مسؤولون اميركيون ان القوة الجديدة ستكون من الناحية الفنية تحت مظلة التحالف وتنسق بشأن المسائل الامنية، خصوصا في حال وقوع هجمات او أعمال عنف بعد 30 يونيو (حزيران) المقبل، وأوضح المسؤول ان الجهات المعنية يجب ان تعمل على ترتيب الكثير من التفاصيل الخاصة بهذا الشأن. وكشف مسؤولون ايضا ان الولايات المتحدة تأمل في مشاركة عدد من الدول بقوات قوامها 1500 فرد على الاقل، وأوضحوا ان عدد هذه القوات يعتمد على حجم طاقم موظفي الامم المتحدة الذي يتراوح بين 150 و500 شخص اعتمادا على مرحلة العملية الانتخابية. وجاءت الاتصالات الاولية من جانب سفارات الولايات المتحدة في عواصم الدول التي تأمل الولايات المتحدة في مشاركتها بقوات في العراق. وتأمل وزارة الخارجية الاميركية في تلقي رد خلال الاسبوعين المقبلين، خصوصا أن عملية تحديد هذه القوات ربما تستغرق عدة اسابيع او عدة شهور قبل نشرها في المواقع التي سيتفق عليها في وقت لاحق. واعرب مسؤول اميركي عن أمله في ان وصول جزء كبير من هذه القوات الى مواقعها قبل تسلم السيادة للعراقيين في 30 يونيو المقبل. جدير بالذكر ان مسؤولا بوزارة الخارجية الاميركية افاد بأن بعض الدول ابدت ردا ايجابيا، فيما طلب آخرون بعض الوقت لدراسة المسألة، كما أكد المسؤول انه ليس هناك دولة اغلقت الباب في وجه واشنطن في هذا الشأن. وقال دبلوماسي فرنسي ان بلاده حذرت الولايات المتحدة من ان الوقت لا يزال مبكرا لاتخاذ موقف بهذا الخصوص، ذلك ان الامم المتحدة لم تحدد بعد دورها المستقبلي في العراق او ما اذا كانت ستساعد في إنشاء حكومة انتقالية تتسلم سيادة العراق من سلطات التحالف في 30 يونيو المقبل. وأضاف الدبلوماسي الفرنسي ان مبعوث الامم المتحدة الى العراق، الاخضر الابراهيمي، الموجود حاليا في العراق يعمل مع طاقم محدود في مناقشة السبيل نحو تسلم السيادة في البلاد من سلطة التحالف، كما اوضح انهم لا يعرفون توصيات الابراهيمي للامم المتحدة ولا كيفية وضع الامانة العامة للامم المتحدة الحالة الامنية في العراق في الاعتبار. واختتم الدبلوماسي قائلا انه من الصعوبة بمكان الاجابة على سؤال لا يزال افتراضيا الى حد بعيد. تجدر الاشارة الى ان لفرنسا قوات قوامها 40 الف فرد في الخارج، بما في ذلك 4600 في ساحل العاج و4500 في البلقان و1200 في هايتي و530 في افغانستان. وتأتي المساعي الاميركية في وقت ابدى فيه عدد من دول فيه التحالف اول مؤشرات على ضغوط جدية. فقد اكدت كازاخستان بأنها ستسحب قواتها (30 فردا) من العراق عند انتهاء فترة عملها في مايو (أيار) المقبل. كما اعلنت الحكومة الاسبانية الجديدة الشهر الماضي انها ستسحب القوات الاسبانية من العراق بعد 30 يونيو في حال عدم حصول التحالف على تفويض دولي بموجب قرار جديد للامم المتحدة. وكان الامين العام للامم المتحدة، كوفي أنان، قد اعرب عن قلقه ازاء ارسال موظفي المنظمة مرة اخرى الى العراق بعد مقتل مبعوثه الخاص سيرجيو فييرا دي ميلو و20 من موظفي المنظمة وجرح عشرات في اغسطس (آب) الماضي في العراق. وقال مسؤولون اميركيون ان مهمة الامم المتحدة الجديدة ستكون في الغالب اكبر بكثير من مهامها السابقة. وفي غضون ذلك، تعمل وزارة الخارجية الاميركية على إعداد مسودة قرار للحصول على تأييد لتوفير عطاء من الامم المتحدة للتحالف الذي تقوده الولايات في العراق بعد 30 يونيو. ومن المحتمل ان ينص القرار المقترح على منح شرعية دولية للحكومة العراقية الجديدة وتحديد دور الامم المتحدة في العراق.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»