مراقبون: رايس ذكية لكنها عاجزة عن التأثير على فريق السياسة الخارجية الحالي بسبب نفوذ تشيني ورامسفيلد

TT

في عام 1989 تمكنت كوندوليزا رايس، التي كانت في ذلك الوقت مساعدة في مجلس الامن القومي، من اعادة اعضاء محبطين في اجتماع لعدد من الاجهزة الحكومية الى صوابهم، فيما يتعلق بتأثير تفكك الاتحاد السوفياتي على اوروبا الشرقية، طبقا لما ذكر عضو كبير في ذلك الفريق.

واوضح فرتز ايرمارث الذي كان آنذاك رئيسا لمجلس الاستخبارات القومي ويشغل الآن منصب مدير برنامج الامن القومي في مركز نيكسون، انها اعجبته خلال تلك المناقشات «بسبب ذكائها الحاد وجدية هدفها» في الوقت الذي كانت فيه «متسامحة للغاية مع وجهات النظر المختلفة. ولكنها غير متسامحة فيما يتعلق بالخشونة او الابتعاد عن الهدف الاصلي الاكاديمي». واليوم، يندب رايس، بعدما لم تتمكن مستشارة الرئيس بوش لشؤون الامن القومي والمفروض ان تكون اقوى بكثير عما كانت عليه قبل 15 سنة بحكم منصبها، من التأثير على فريق السياسة الخارجية الحالي، وهو الامر الذي يرجع جزئيا الى التعمد وجزئيا لأنها كانت محجوبة من قبل الذين يصفهم بأنه «غوريلات» الادارة في اشارة الى نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد.

ويؤكد العديد من التصريحات غير الدقيقة الفكرة المنتشرة القائلة بأنها لم تلعب الا دورا محدودا في تشكيل خطط مكافحة الارهاب سواء قبل او بعد 11 سبتمبر (ايلول).

فقد قالت، على سبيل المثال، في اجتماعات خاصة مع الهيئة، انه لم يكن لأحد ان يتكهن بأن الارهابيين سيستخدمون الطائرات كصواريخ ويرتطمون بها في المباني. وبعدما ذكر مساعدها السابق لشؤون الارهاب ريتشارد كلارك ان وكالة الاستخبارات المركزية قد حذرت من هذا الاحتمال، عادت رايس وابلغت الهيئة بانها ادلت بتصريحات خاطئة. وقالت في مقال نشر في الشهر الماضي ان الادارة طورت، قبل هجمات 11 سبتمبر، خططا عسكرية للقضاء على نظام طالبان في افغانستان. ولكن نائب وزير الخارجية ريتشارد ارميتاج اكد امام الهيئة عدم وجود مثل هذه الخطط قبل 11 سبتمبر.

وزعمت رايس قبل عامين ان بوش طلب من وكالة الاستخبارات المركزية تقريرا حول «القاعدة» قبل شهر من الهجوم لأنه كان قلقا بخصوص الادلة الاستخبارية المتزايدة باقتراب هجوم شامل، غير ان وكالة الاستخبارات المركزية قالت للهيئة انها هي وليس الرئيس، التي طلبت الاجتماع مع بوش.

وتجدر الاشارة الى ان رايس لم تدخل البيت الابيض في يناير (كانون الثاني) 2001 بلا أي علم على الاطلاق بأن الارهاب يمكن ان يمثل تهديدا شاملا للأمن القومي. فقبل فترة قصيرة من احتفالات تنصيب الرئيس اطلعها تشارلز بويد الذي اكمل لتوه العمل لمدة سنتين ونصف السنة كمدير تنفيذي لهيئة هاررومان للأمن القومي، على النتائج التي توصلت اليها الهيئة لمدة ساعة على الهاتف. وحذر التقرير المعد للادارة القادمة، ضمن اشياء اخرى من انه من المرجح وقوع «كارثة ارهابية» على الاراضي الاميركية تؤدي الى وقوع عدد كبير من الضحايا، وحث على انشاء وزارة الامن الداخلي.

وقال بويد، وهو جنرال متقاعد عمل سابقا بسلاح الجو الاميركي، عن مستشارة الرئيس بوش لشؤون الامن القومي: «رايس مستمعة جيدة وتطرح اسئلة جيدة وتفهم تماما وزن وأهمية ما نحاول طرحه... لكنني لا استطيع القول انها قبلت ذلك كأولوية امنية قصوى بالنسبة للولايات المتحدة». وأضاف قائلا انه على الرغم من ان رايس تلقت التنوير وأقرت بأهميته، فإن بوش وتشيني لم يطلبا مطلقا تلقي أي تنوير او الاطلاع على التقرير. اما فرانك آندرسون، المسؤول السابق عن قسم الشرق الاوسط بوكالة الاستخبارات المركزية، فقال ان مساعدا في مجلس الامن القومي اعترف له في حديث خاص بينهما بأن «المجلس ليس مكانا يتمتع بالقوة والنفوذ»، وأنه «يتحرك في المساحات التي يسمح له كل من رامسفيلد وديك تشيني بالتحرك فيها». وأضاف قائلا انه بسبب عدم وجود شخصيات قوية في طاقم مجلس الامن القومي، فإن أي نزاع داخلي يظهر «ينتهي بمعركة أحادية الجانب في الغالب». وعندما تسلمت رايس العمل في المجلس اكدت انها تريد ان تكون «وسيطا امينا وعادلا»، إلا ان عجز المجلس وافتقاره الى النفوذ للتوسط في الخلافات حول السياسات ظهرت في عدد من الخطوات الخاطئة فيما يتعلق بافريقيا. فقد قال مساعد في مجال السياسة الخارجية خلال فترة رئاسة بيل كلينتون ان ليبيريا عندما تعرضت للتفكك العام الماضي وتعرض الآلاف لمذابح كان مجلس الامن القومي بلا نفوذ عندما كان العالم يتطلع الى الولايات المتحدة لإرسال قوات وبسط الاستقرار في ليبيريا، وهو وضع تفضله وزارة الخارجية. واضاف المساعد السابق قائلا ان «المجلس القومي لا يشكل أي عامل حسم عندما يكون رامسفيلد وتشيني في مواجهة وزير الخارجية كولن باول». واستطرد قائلا ان نقاط اعتراضهما كانت تتركز اساسا في نشر عدد كبير من القوات الاميركية في مواقع متعددة في العالم. ويرى ايضا ان دور مجلس الامن القومي يجب ان يكون منصبا على كونه وسيطا بين (الجانبين)، ولكن في حالة ليبيريا فإن مكتبي وزير الدفاع ونائب الرئيس تخطيا وزارة الخارجية.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز وواشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»