الخرطوم تبدي بعض التجاوب مع الضغوط الدولية وتوقع هدنة مع المتمردين في دارفور

TT

ابدت الحكومة السودانية امس بعض التجاوب مع الضغوط الدولية من اجل انهاء المعارك في دارفور والسماح لمنظمات الاغاثة الانسانية بمساعدة مئات الآلاف من اللاجئين ولكنها رفضت اي تدخل عسكري دولي في هذه المنطقة.

وأكد وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل ان الجيش السوداني سيقوم «بمحاصرة اي مجموعة او قوات خارج القوات المسلحة تقوم بأي محاولات لإيذاء المدنيين او تعطيل وصول الاغاثة وستتم السيطرة عليها» في اشارة الي ميليشيا «الجنجويد» الموالية للحكومة.

وأضاف الوزير ان السلطات الحكومية شكلت لجنة وزارية للتأكد من «فتح ممرات للاغاثة» ومن انه سيتم توفير مأوى للسكان المتضررين من النزاع قبل حلول موسم الامطار في يوليو (تموز) المقبل. وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية نجيب الخير عبد الوهاب بأن السودان وقع هدنة مع المتمردين في منطقة دارفور خلال محادثات تهدف الى وقف ما وصفه مسؤولون بالأمم المتحدة بأنه «تطهير عرقي». وأضاف «لقد وقعوا هدنة انسانية في انجمينا الليلة قبل الماضية لفتح ممرات للمعونات حتى يمكن تقديم المساعدة لمن يحتاجونها». وقال عبد الوهاب ان وقف اطلاق النار سيسري فورا. وقالت مصادر في انجمينا ان وفد الحكومة السودانية ووفدي حركتي التمرد وافقوا على وثيقة تنص على وقف للنار لمدة 45 يوما وإجراءات للاغاثة، كما باشروا البحث في التسمية التي ستطلق في الوثيقة على الميليشيات العربية المقربة من الخرطوم، في اشارة الى الجنجويد، والتي يبدو انها تشكل اخر العقبات امام توقيع الطرفين. وترفض الخرطوم استخدام تعبير «الجنجويد» الذي يطلق على الميليشيات التي تتهمها الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان بارتكاب «فظائع» وعمليات «تطهير عرقي» ضد سكان دارفور المحاذية لتشاد.

ويقول تريس لويس وهو المدير المحلي في الخرطوم لمنظمة ميدير السويسرية التي تقدم مساعدات غذائية للسكان في دارفور ان «الطريق ما يزال طويلا لتأمين وصول الاغاثة الي مناطق النازحين رغم التقدم الذي حدث أخيرا».

وقال لويس ان المحصول الزراعي لن يحصد اذا لم يسمح للمزارعين الذين ينتمون اصلا الى قبائل افريقية سوداء بالعودة الى حقولهم التي طردتهم منها الميليشيا الموالية للحكومة.

ويقول موظفون آخرون في منظمات اغاثة دولية ان حقولا وقرى بكاملها احرقت بالفعل. وتؤكد مرسيدس تاتيي، نائب مدير منظمة اطباء بلا حدود، التي عادت لتوها من غرب دارفور، ان المشكلات عديدة حتى في المناطق التي تعمل فيها منظمات الاغاثة، ففي مورنييه في ولاية غرب دارفور هناك طبيب واحد لكل 100 الف لاجئ. وتقول تاتيي التي تؤكد انها عالجت ثماني نساء تعرضن للاغتصاب ان حوالي 300 طفل في هذه المدينة يعانون من سوء تغذية حاد و1500 آخرين يعانون من سوء التغذية ويواجهون خطر الاصابة بوباء الحصبة المتفشي.

وتضيف الطبيبة التي تم الاتصال بها في باريس ان رجالا ونساء وأطفالا عولجوا في المستشفيات من اصابات بأسلحة نارية وآخرين من تعرضهم للضرب. ويمتد النزاع في 3 ولايات كبيرة هي غرب دارفور وجنوب دارفور وشمال دافور.

وحسب آخر احصاءات الامم المتحدة فان ما يقرب من مليون شخص نزحوا بسبب المعارك وعبر حوالي 110 آلاف نازح الحدود الى تشاد.

وقال عثمان حميدة سوداني يترأس المنظمة السودانية ضد التعذيب في لندن ان النزاع يجد جذوره في الخصومة بين قبائل العرب الرحل وبين المزارعين الافارقة ولكنه اتخذ أخيرا طابعا عرقيا سافرا.

ويتهم بعض مسؤولي الامم المتحدة الخرطوم بـ«التطهير العرقي» ولكن موظفا من موظفي الاغاثة الدولية يعتقد ان الحكومة تتبع اسلوب الارض المحروقة حتى لا تترك للمتمردين اي مكان للاختباء. وقال هذا الموظف الذي طلب عدم ذكر اسمه «انني لا اتحدث عن ابادة جماعية ولا عن تطهير عرقي».

وقد اندلع النزاع في فبراير (شباط) 2003 بين القوات الحكومية وميليشيا الجنجويد الموالية لها من جهة وحركة تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة من جهة اخرى. ويطالب المتمردون بتقاسم عادل للثروة مع المناطق الشمالية.