سورية تتطلع لتوقيع «اتفاق الشراكة» مع أوروبا ولكنها لن تكرر «المثل الليبي» وأرضها محتلة

TT

تعرضت جهود سورية للتوقيع على اتفاق الشراكة التجارية مع أوروبا، قبل فرض الولايات المتحدة المحتمل لعقوبات اقتصادية عليها، للعرقلة نتيجة رفض الحكومة السورية الضغوط الأوروبية عليها كي تتخلى عن برامج أسلحتها الكيماوية، حسبما قال دبلوماسيون أوروبيون ومسؤولون سوريون.

وقد يستتبع هذا المأزق مع الاتحاد الأوروبي احتمال مواجهة سورية لعقوبات اقتصادية ودبلوماسية اميركية لا يخفف من وطأتها تسهيل تبادلها التجاري مع بلدان أوروبا الغربية.

ويشتكي المسؤولون السوريون من أن الاتحاد الأوروبي، الواقع تحت ضغط الإدارة الأميركية، تشدد في شروطه لتوقيع سورية اتفاق الشراكة التجارية معه، وهي المبادرة التي من شأنها خفض الرسوم الجمركية وفتح ابواب التبادل التجاري بين اوروبا والدول الواقعة على امتداد ساحل البحر المتوسط. وحسب أنظمة الاتحاد الأوروبي التي وضعت السنة الماضية يجب ان تتضمن الاتفاقيات التي تعقد بينه وبين الدول الاخرى على بند يحرم امتلاكها لأسلحة دمار شامل.

وتقول بثينة شعبان وزيرة شؤون المغتربين «نحن نشعر أن الصياغة اللغوية هي محاولة متعمدة لوضع شروط يصعب تحققها. وهذا له تأثير سلبي علينا بشكل كبير».

وتوصلت سورية والاتحاد الأوروبي إلى اتفاقية حول صيغة لغوية تتعلق بأسلحة الدمار الشامل في ديسمبر(كانون الاول) الماضي. لكن بريطانيا وهولندا وألمانيا طلبت التزاما أقوى، حسبما قال مسؤول دبلوماسي غربي رفيع. وفي يناير(كانون الثاني) الماضي رفضت سورية فقرة جديدة مشتكية من أن الاتحاد الأوروبي لم يطلب الشيء نفسه من إسرائيل التي تمتلك ترسانة غير معلن عنها من الأسلحة النووية.

ويمتلك الاتفاق التجاري حظوظا بالنجاح بنسبة 50% كي يتم التوقيع عليه حسبما قال دبلوماسي. وفشلت المحادثات بين المسؤولين السوريين ومن الاتحاد الأوروبي والتي جرت في الأسبوع الماضي من حل الخلاف. وقالت شعبان «نحن نريد هذه الاتفاقية لكن ليس بأي ثمن كان».

وفي حال التوقيع على هذا الاتفاق فإن سورية سيكون بإمكانها أن تخفض من الرسوم الجمركية لما تستورده من بلدان الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي سيلغى فيه الكثير من الرسوم على السلع السورية المصدَّرة وسيفتح الباب أمام الشركات المالية الأجنبية للعمل في سورية مما قد يحفز على بدء عمليات الاستثمار فيها.

وتفكر إدارة بوش بعدد من العقوبات الاقتصادية ضد سورية بعد أن وافق الكونغرس عليها في سنة 2003. وحسب التشريع الأميركي فإن الرئيس يمتلك أي خيار يشاؤه لفرض العقوبات وهذه تشمل منع التبادل التجاري والاستثمار وتجميد أرصدة الحكومة السورية في الولايات المتحدة وتقليص التمثيل الدبلوماسي بين البلدين ومنع الطيران السوري من دخول الأجواء الأميركية.

وعلى الرغم من أن سورية لا تمتلك أي أسلحة نووية كما قال بولتون «لكننا نؤمن أن سورية مستمرة في تطوير أسلحة بيولوجية هجومية». واشار ايضا الى دعم سورية للمنظمات المسلحة الفلسطينية واللبنانية التي تضعها وزارة الخارجية الأميركية ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في العالم. وقال بولتون «نحن لا نستطيع أن نسمح لأكثر الأسلحة خطورة في العالم أن تقع بيد أكثر الأنظمة الخطيرة عالميا».

ويعتبر المسؤولون السوريون التهديد القائم بالعقوبات الاقتصادية كتعبير عن انحياز الولايات المتحدة لصالح إسرائيل التي احتلت هضبة الجولان من سورية في حرب 1967. وهم يرفضون ما ظلت الولايات المتحدة تقترحه من أن تكرر سورية المثل الليبي حينما قام نظامه بتفكيك برنامجيه النووي والكيماوي خلال الأشهر الأخيرة. وقالت شعبان «ليبيا ليست لديها أرض محتلة من قبل إسرائيل. لماذا يمكن لإسرائيل التي تحتل أراض أن تمتلك أسلحة بينما أولئك الذين قد احتُلت أراضيهم لا يسمح لهم بامتلاك أي شيء؟».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»