أمين عام الناتو في أول زيارة لموسكو لتهدئة مخاوفها الأمنية من توسع الحلف

تنفيذ معاهدة تقليص القوات والأسلحة في وسط أوروبا مرهون بانسحاب روسيا من جورجيا ومولدوفا

TT

في اول زيارة يقوم بها ياب دو هوب شيفر الامين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي «الناتو» للعاصمة الروسية ـ وهي الزيارة التي قدر لها ان تتم في اعقاب انضمام اعضاء جدد من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق للحلف الأطلسي ـ حدد الطرفان الملامح الرئيسية لعلاقاتهما المستقبلية من منظور التعاون في مواجهة الاخطار المشتركة بعيدا عن مناخ الحرب الباردة.

كشف عن ذلك وزير الدفاع الروسي، سيرغي ايفانوف، في اعقاب لقائه مع دو هوب شيفر حين قال ان بلاده «على استعداد للتعاون مع الناتو في مواجهة الاخطار والتحديات الجديدة»، وان موقعها الجغرافي «ليس في القارة الاوروبية. واشار إلى ان اوروبا ليست في حاجة إلى بنية عسكرية جديدة تشمل الفرق والجيوش والاساطيل الجوية لمواجهة هذه الاخطار نظرا لأن هذه الاخطار تتغير، مما يتطلب عمليا تغيير اساليب مواجهتها».

ومن جانبه قال الامين العام للناتو ان مصالح الطرفين «تقتضي التعاون في تطوير وتدعيم الشراكة بينهما استنادا إلى الاسس القائمة لمواجهة الكثير من المشاكل الراهنة». وشدد على استعداد الاعضاء الجدد في حلف الناتو من شرق اوروبا للانضمام إلى النص المعدل لمعاهدة تقليص الاسلحة والقوات في وسط اوروبا. واشار إلى ان ذلك يتطلب عددا من الاجراءات القانونية الدولية، بما في ذلك تنفيذ احكام اتفاقيات اسطنبول.

وأعرب الامين العام للناتو عن تفهمه لمخاوف روسيا التي قال انه جاء خصيصا للعمل من اجل تهدئتها. ولعل الاشارة إلى اتفاقيات اسطنبول تعني، ضمنا، ضرورة التزام روسيا بتنفيذ ما تنص عليه من اجلاء القوات والقواعد العسكرية الروسية من كل من جورجيا ومولدوفا. وقد سبق ان اشار ميخائيل بالويفسكي، النائب الاول لرئيس الاركان الروسية، إلى ان ذلك «يتطلب فترة زمنية لا تقل عن 11 سنة على اقل تقدير في ما يتعلق بجورجيا».

وكان امين الناتو قد قال في تصريحات صحافية انه لا يمانع في عودة قوات حفظ السلام الروسية إلى البلقان. وقال ان روسيا سبق ان شاركت في قوات حفظ السلام هناك وليس ثمة ما يمنع طرح هذه القضية ثانية على مستوى الامم المتحدة، مشيرا إلى وجود قرار مجلس الامن بهذا الصدد. واشار ايضا إلى خطأ اعتقاد ممثلي الغالبية من ألبان كوسوفو في امكانية تحقيق اهدافهم السياسية عن طريق القوة.

وكانت هذه القضايا في صدارة الموضوعات التي ناقشها الرئيس الروسي بوتين في أول لقاء له مع الامين الجديد، الذي قالت المصادر انه يرجو ان يقيم معه علاقات ثقة على غرار علاقاته مع الامين السابق جورج روبرتسون. وكان بوتين قد استهل لقاءه مع ضيفه بقوله ان موقف موسكو من توسع الناتو لم يتغير. وقال ان «الحياة اثبتت ان التوسع الميكانيكي للحلف لا يسمح بالتصدي على نحو فعال لاخطار اليوم التي تواجه المجتمع الدولي».

وأضاف بوتين ان توسع الحلف الأطلسي لم يمنع الاعمال الارهابية في مدريد ولم يساعد في اعادة بناء افغانستان. واعرب الرئيس الروسي عن امله في ان يعمل توسع الناتو على دعم الثقة في اوروبا والعالم بأسره. وتقول المصادر ان امين الناتو في موسكو طلب منه التدخل من اجل الحيلولة دون تمادي بعض بلدان البلطيق في انتهاكاتها لحقوق الاقليات الناطقة بالروسية، وهو ما تركز موسكو اهتمامها بشأنه طوال الاعوام الاخيرة. وفي مقابلة اذاعية قال الأمين العام ان ضم دول البلطيق الثلاث الى الحلف «لا يستند الى فكر مناهض لروسيا». وقال: «أرى أن من مسؤوليتي اقناع هؤلاء الساسة واقناع هؤلاء المواطنين الروس بأن الحلف ليست له دوافع خفية». وانضمت جمهوريات لاتفيا وليتوانيا واستونيا السوفياتية السابقة وأربع دول أخرى من دول شرق أوروبا الى الحلف في نهاية مارس (آذار). وقلل دو هوب شيفر من شأن التوسعة التي ستؤدي الى تنظيم طائرات الحلف دوريات جوية على مقربة من المجال الجوي الروسي. وأردف قائلاً: «من المنطقي أن تحرس الطائرات الروسية المجال الجوي الروسي وأن تحرس طائرات الحلف المجال الجوي للحلف. ليس هناك شيء غريب في ذلك وليس هناك معنى اخر وراء ذلك».

وقد ظهر ارتياب الشارع الروسي الشديد تجاه الحلف امس خلال استطلاع سريع للاراء أجرته محطة «ايهو موسكفي» الاذاعية الليبرالية. فقد قال نحو 71 في المائة من المستمعين أن توسعة الحلف تمثل تهديدا لأمن بلادهم.