ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض الدم الوراثية بين أطفال السعودية

الدكتور الجفري: 5 مرضى لكل 1000 نسمة ومريض «الثلاسيميا» يموت في سن الـ20

TT

أكد رئيس برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم الإنمائية «أجفند» خلال انعقاد ندوة «الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي، الحاضر والمستقبل» في مركز الملك فهد للأورام، أن كل يوم جديد يحمل للعالم 12 طفلا مصابا بمرض «الثلاسيميا» وفقر الدم المنجلي، وأن النسبة ترتفع في بعض مناطق السعودية إلى 30 في المائة.

وعبر الأمير طلال بن عبد العزيز عن قلقه فيما يختص بإمكانية السيطرة على أمراض الدم الوراثية التي تنتشر بصورة كبيرة بين الأقارب، مؤكدا على خطورة الدور المناط بالمرأة والمجتمع لتحجيم المرض الذي تؤدي مضاعفاته للإعاقة الكلية.

وأشاد الدكتور عبد الله الجفري رئيس شعبة أمراض الدم وأورام الأطفال ورئيس اللجنة التثقيفية، بقرار الفحص الإلزامي قبل الزواج، الذي سيساهم في تحجيم المشكلة إذ يقول: «تحت رعاية منظمة الصحة العالمية تواكب الندوة تطبيق الفحص الإجباري للكشف المبكر عن حاملي صفة مرض الثلاسيميا (أنيميا البحر الأبيض المتوسط) وفقر الدم المنجلي».

وتابع: «يعد صدور القرار من أبرز روافد الحد من انتشاره والقضاء على مشكلة صحية وراثية مستوطنة منذ القدم بسبب العادات والتقاليد». منوها، إلى أن القرار يوضح للمقبلين على الزواج مدى حملهم للمرض ودرجة خطورته ثم يترك لهما مسؤولية تقرير المصير.

ويشير الجفري إلى إحصائيات صدرت منذ 10 أعوام من منظمة الصحة العالمية توضح نسبة حمل صفة مرض فقر الدم المنجلي، حيث وصلت الى 25 في المائة في مناطق ذات كثافة سكانية عالية، وترتفع فرصة إنجاب طفل مصاب بالمرض لزوجين حاملين للمرض إلى 25 في المائة في كل حمل، بالإضافة إلى فرصة توريث الطفل للصفة الوراثية بنسبة تصل إلى 25 في المائة لكل حمل. وفيما يتعلق بفقر الدم المنجلي فإن هناك حسب الإحصائيات ما يقارب 2105 طفل يولد بهذا المرض سنويا، ونسبة المصابين بين السكان هي 5 مرضى لكل 1000 نسمة.

وعن أعراض المرض يوضح الجفري أنها تظهر منذ الأشهر الأولى على شكل آلام مبرحة يكون فيها المريض عرضة لمخاطر الالتهابات وفشل أجهزة وأعضاء الجسم نتيجة انسداد شرايين الدم بكريات الدم المنجلية، فيصبح المريض طريح الفراش بين المستشفى والمنزل مع تناول مسكنات الألم وتلقي وحدات الدم.

أما مرض «الثلاسيميا» فإنه منذ أشهره المبكرة في الحياة يعتمد على نقل الدم الدوري شهريا للبقاء على قيد الحياة، ويكون المريض في غضون ذلك عرضة لمخاطر محتويات الدم من الحديد، بالإضافة إلى احتمالات حدوث فشل في الأعضاء الحيوية ومنها القلب والكبد والغدد الهرمونية ويتطلب علاج المرض جهودا مضنية من المريض وذويه بإعطائه حقناً بصفة مستمرة تقلل من حدوث المضاعفات.

ويضيف الجفري: «قد تخفف العلاجات المتاحة من الآلام لكنها مازالت غير مرضية، ومريض «الثلاسيميا» إذا لم تجر له الجراحة فهو عرضة للوفاة بعد سن الـ20 ولا يمكن اكتشاف المرض إلا من خلال فحص عينة من دم الوالدين، أما الأجيال المصابة بالمرض فهي ستورثه للأجيال اللاحقة بنسبة 100 في المائة». وعن فرص الشفاء بزراعة النخاع العظمي، يقول الجفري: «قد لا تكون فرص الزراعة متاحة أو ممكنة من الناحية العلمية لكل المرضى، وذلك يعود لعوامل مختلفة، وتعد زراعة خلايا الدم الجذعية هي الطريقة الوحيدة للشفاء إذا توفرت الشروط الملائمة». من جانبها، أكدت الدكتورة هدى المنصور مديرة مشروع مكافحة أمراض الدم الوراثية في السعودية على أن صدور قرار الفحص الإلزامي يشكل حماية للمجتمع.

وتطرقت المنصور لأهمية وجود مراكز متخصصة بقولها «مريض الثلاسيميا بالذات وضعه حرج للغاية يستدعي وجود مراكز متخصصة لحاجته الماسة باستمرار لتغيير الدم كل 20 يوم بسبب ترسب الحديد وهو بحاجة لجهاز يزيل الحديد بغرز مضخة تحت الجلد بواسطة إبرة تبقي المريض لمدة 12 ساعة يوميا غير قادر على الحركة».

وعرضت المنصور صوراً لمرضى مصابين بالثلاسيميا وبالمنجلية وصل بهم اليأس والإجهاد من العلاج أن تركوه، وتذكر المنصور بقولها «إحدى الفتيات لم تتجاوز 14 من العمر هددت والديها بالانتحار قبل وفاتها بسبب ما تكابده أثناء العلاج، وقد تسبب ترك العلاج في ترسب الحديد في الدم وبالتالي وفاتها، إضافة إلى والد طفلين رفض أن يراهما يتعذبان كل يوم بسبب وضع المضخة فقطع العلاج عنهما وأدى ذلك لتعطل وظائف الجسم بترسب الحديد في الدم وبالتالي وفاتهما، ويعد ذلك من التداعيات النفسية التي تشكل عبئاً على كاهل الأسر».

وناشدت المنصور المعنيين في وزارة الصحة تخصيص مراكز تجمع «الثلاسيميين» وأهاليهم ودعمهم معنوياً حتى لا يشعروا بأنهم وحدهم من يعانون، فالعدد كبير ولا توجد إحصائية موثقة، لكن يقدر عدد الحالات التقريبي بـ200 ألف «ثلاسيمي» ومنجلي أغلبهم لم يتجاوزوا 14 عاما.

وعن الجهود التي بذلت لتفعيل القرار أشارت المنصور إلى دور أهالي «الثلاسيميين» و«المنجليين» في المطالبة بتفعيل قرار الفحص الإلزامي قبل الزواج بقولها: «المشروع كان قائما على متابعة هؤلاء الأهالي وهم من تابعوا قضية صدور القرار لحماية المجتمع مما عانوا منه. والآن دور المجتمع لدعمهم بتوفير مراكز خاصة تساندهم كما في الدول الأخرى». وتضيف المنصور «صحيح ان بعض المناطق يوجد بها بعض المراكز التابعة لمراكز أمراض الدم الوراثية، لكنها ليست متخصصة ومتابعتها للمريض في فترة الطفولة فقط ثم يتم تحويله بعد سن الـ 12 إلى مراكز الإسعاف، ومن هنا يجب أن يكون المركز مشيداً بجانب أكبر مستشفى تراها وزارة الصحة قادرة على تشغيل مركز اختصاصي بأمراض الدم الوراثية».

وتختتم المنصور حديثها بتأكيدها على أهمية تكاتف المجتمع لتطويق المرض قائلة «لا تنقصنا الامكانات، والمجتمع السعودي بطبيعته متعاون ومتكافل وجهود وزارة الصحة للقضاء على المرض ملحوظة، لكن عدم وجود مراكز متخصصة أدى لبقاء بعض الأهالي غير قادرين على السفر لمتابعة علاج أطفالهم بجانب ذلك لا توجد فرص أكبر للتبرع أو تكريس الحملات المتتالية والمشروع القائم في مدينة الإحساء تطوعي خيري يتبع للجنة خدمة المجتمع في الغرفة التجارية في الإحساء ونتمنى أن يتحول إلى جمعية ليعطي ثماره ويخدم أكبر عدد ممكن من المرضى في المنطقة الشرقية».