بطاقة «سوا» عجائب وغرائب في سوق عشوائي.. القصد منها التسهيل لكنها تحولت إلى مصدر ازعاج

مسؤول في شركة توزيع: التأكد من هوية طالب البطاقة لا ينفي وجود سوق سوداء لهذه الشرائح

TT

«إذا رن هاتفك الجوال لمرة واحدة ثم قفل الخط بشكل مفاجئ فلا تعتقد أن هناك عطلا في الجهاز أو الشبكة، لأن المتصل في هذه الحالة ما هو إلا أحد حاملي بطاقة «سوا» مسبوقة الدفع، ويريد منك أن تتصل به من جوالك لأن رصيده قارب على النفاد وهي رسالة استغاثة واستجداء». هذا ما قاله أحد العارفين بأمور أجهزة الاتصالات السعودية. فقد أدت الطفرة الكبيرة في وسائل الاتصالات في السعودية، خلال السنوات القليلة الماضية، إلى التخمة في هذه الوسيلة الحيوية والمهمة في عصرنا الحديث، منهية بذلك سنوات من المعاناة والركض بهدف الحصول على هاتف ثابت وليس الجوال بطبيعة الحال وبأية وسيلة كانت.

صحيح أن الوفرة الحالية في وسائل الاتصالات أنهت معاناة الكثيرين بعد أن وفرت الخدمة لطالبيها وجعلتها متاحة لمن له القدرة على دفع ثمنها الذي لا يتعدى 200 ريال، ما سهل انتشارها بعد أن طرحت شركة الاتصالات السعودية شرائح مسبوقة الدفع في كثير من المنافذ. «جلب هذا الوضع معه جملة من المشاكل أبطالها أصحاب الضمائر الميتة أو النائمة وضعاف النفوس».. بهذه الطريقة عبر عائض القرشي المدرس في ثانوية جدة عن استيائه، وقال «لقد استغلوا هذا الوضع لصالحهم وسخروا هذه الوسيلة الحيوية في القضاء على مضاجع الآخرين بدلاً من الاستفادة من ميزاتها المتعددة للصالح العام». ويبدو المشهد اليومي المأساوي لهذه الشريحة واضحاً وجلياً للعيان، وهي جملة من المشاكل التي لا تعد ولا تحصى، وعلى رأسها الاتصالات المجهولة التي تحمل في بعضها التهديد والتهجم وأقلها المعاكسات، التي تتم في الغالب ليلا ومعظمها إن لم تكن جميعها تتم من بطاقات «سوا» مسبوقة الدفع المنتشرة كانتشار النار في الهشيم بسبب سهولة الحصول عليها ولمرونة الضوابط المنظمة لها بخلاف الحال مع باقي خطوط الأرقام الهاتفية الثابتة منها والجوال.

ويرى البعض في شريحة «سوا» مسبوقة الدفع أنها تلبي حاجة محدودي الدخل خاصة بين الجاليات المقيمة، وهي شريحة لا يستهان بها رغم ضآلة مداخيلها، بعد أن أتيحت لها فرصة تملك وسيلة اتصال يمكن التحكم بها وفق الإمكانيات المادية المحدودة أصلاً، فبإمكان الفرد التحكم فيما يجريه من اتصال بحسب المتاح والمتوفر في البطاقة من دون تحمل مبالغ لا قدرة له بتسديدها كما هو الحال في الهواتف المفتوحة.

وفي المقابل يرى البعض الآخر أن وجود سوق سوداء لهذه الوسيلة الحيوية أحد أسباب تفاقم مشاكلها من نواح عديدة، وهو ما سهل وصول هذه الخدمة إلى من لا يستحقونها الذين لا تتوفر لديهم شروط شركة الاتصالات السعودية الخاصة بضوابط تنظيم العملية التي تضع مثلاً أمام المتقدم للحصول على البطاقة المسبقة الدفع إبراز الهوية للتأكد من أن المتقدم هو من المقيمين في البلاد بصورة نظامية، وكذلك للسعوديين قبل إصدار الشريحة، وأيضاً للتأكد مما إذا كان الشخص المتقدم ليست عليه مديونات مستحقة للشركة كإجراء متبع في مثل هذه الحالات.

وقال وليد. س، وهو متعامل في سوق الاتصالات الكائن في شارع فلسطين في جدة، «إن معظم المضايقات مصدرها شرائح «سوا» مسبوقة الدفع التي تباع في الغالب في السوق السوداء، وهي شرائح تطرح للبيع من قبل أفراد جوالين خارج السوق، وهي غير معروفة المصدر بالرغم من الضوابط التي تنظم هذه العملية وهي ضوابط معروفة للجميع، لذلك فهي تباع بطريقة غير شرعية وأثمان مرتفعة نسبياً عن سعرها المعروف».

ويضيف «سعر الشريحة في شركة الاتصالات السعودية محدد بـ200 ريال (53 دولارا) فقط بينما تباع في السوق السوداء بأسعار قد تصل إلى 280 ريالا (75 دولارا) تقريباً، وهي غير مضمونة ويمكن أن يفاجئ حاملها في أي لحظة بفصل الخدمة وبذلك يفقد الفرد ما دفعه من مبلغ من دون أن يحصل على أية ضمانات لان البائع شخص مجهول اختفى من مسرح الجريمة في ثوان».

ويقول «إن من يشتري هذه الشرائح من جهة مجهولة يعلم في الأصل أنها مجازفة محسوبة، وهناك ملاحقات من الجهات المسؤولة التي تتعقب هذه الشرائح للحد من انتشارها نظراً لما تمثله من مخالفة صريحة للوائح المنظمة لهذه العملية وذلك لدرء عواقبها».

ويتابع «البعض عند شرائه شريحة مغلفة من السوق السوداء يفاجئ، بعد كشطها وإدخال الرقم السري، بخلوها من أية مبالغ بعد أن سبق واستخدمت من شخص آخر». ويضيف «أعرف شخصا اشترى شريحة «سوا» من شخص مجهول وعند إدخاله للرقم السري اتضح له أنها استخدمت من قبل فسارع بالاتصال بشركة الاتصالات السعودية، وقال لهم ابتعت هذه الشريحة قبل ساعتين لأكتشف خلوها من أي مبالغ فبلّغ بأن الشريحة تم استخدامها من قبل شخص آخر قبل ساعتين تحديدا».

أما محمد (أبو عبد الله) فيقول «استخدام وسيلة الاتصالات في غير محلها لا يأتي إلا من إنسان ضعيف النفس وغير سوي». ويضيف «فيما يتعلق بمصدر الشريحة أو الجهة التي تصدر عنها هي شركة الاتصالات السعودية علاوة على موزعيها المعتمدين في السوق، وهي شركات تعمل في مجال الاتصالات ومعروفة في السوق، والحصول عليها يتطلب إثبات الهوية وبعض المعلومات عن الشخص المتقدم بهدف التأكد من هوية الشخص نفسه».

ويتابع «في بداية ظهور هذه الخدمة كان هناك بعض الشيء من التساهل، فكان بمقدور الشخص الحصول على الشريحة بدون تدقيق في هويته وهذا الوضع خلق انفلاتا كبيرا في العملية، وقد تمكن البعض من الحصول على الشرائح بنفس الطريقة لتجدها معروضة في السوق السوداء حتى وصلت أسعارها إلى ما يقارب الـ300 ريال خلاف سعرها الأصلي البالغ 200 ريال، مما استدعى في الوقت الحاضر التشدد عليها وضبطها حسب اللوائح المنظمة».

وعما اذا كان قد تعرض لمعاكسات أو مضايقات من هاتف جوال يحمل شريحة «سوا» المسبقة الدفع، قال «الحمد الله لم أتعرض لمضايقات من هذا النوع ولكنني أسمع الكثير من أشخاص تعرضوا لمعاكسات ومضايقات من هذا النوع، خاصة ان من يقوم بهذا العمل بالتأكيد يكون قد حصل على الشريحة من السوق السوداء وبالتالي لا أحد يتعقبه، لانها شرائح يتم استخراجها من الهاتف بأسماء أشخاص آخرين أو حتى بهويات مزورة أو بطرق ملتوية ومن ثم يتم بيعها في السوق بأثمان مرتفعة لآخرين لا يمكنهم استخراجها بالطريقة النظامية». وبطاقة «سوا» مسبقة الدفع ليست فقط مزعجة للآخرين بل تسهم بشكل كبير في تعطل الشبكات في المناسبات بسبب الضغط الكبير للمكالمات الهاتفية على الشبكة وما تسببه من ضغط نظراً للأعداد الضخمة الموزعة منها بين العمالة الأجنبية وهي شريحة كبيرة جدا، وقد استفادت من الخدمة الميسرة في مجال الاتصالات. ومن الطريف أن تجد الرقم الواحد يتنقل بين شخص وآخر في فترة وجيزة جدا، فهذا مثلاً يبيع الشريحة لآخر في حالة مروره بضائقة مالية، والثاني لم يحتفظ به كثيراً لنفس السبب وهكذا. من جانبه، قال مسؤول في إحدى الشركات المعتمدة لتوزيع شرائح «سوا» من قبل شركة الاتصالات السعودية، إنهم لا يصدرون الشريحة سوى بحضور الشخص المتقدم وبعد التأكد من هويته بموجب أوراقه الثبوتية. وأضاف «ان الضوابط لا تمنح الشريحة لشخص إذا كان مدينا بأموال مستحقة لدى شركة الاتصالات السعودية وأيضاً تمنع عنه الخدمة في ثبوت حصوله على شريحة من قبل حسب النظام الذي يمنع حصول ذلك».

ولم ينف المسؤول وجود سوق سوداء لشريحة «سوا» مسبوقة الدفع، ولكنه تحفظ في نفس الوقت عن كشف الجهة التي تساعد في بروزها، وقال «صحيح هناك سوق سوداء لهذه الشرائح ومن يبيعها ربما تحصل عليها بطريقة وأخرى لا يمكنني الخوض فيها، ولكنها سببا مباشر للعديد من المشاكل التي لا حصر لها وهو ما استدعى محاربتها من قبل الجهات المعنية».

ويستطيع أي زائر لمحلات بيع بطاقات «سوا» التأكد من انه من السهولة شراء البطاقة من دون ابراز اي وثائق ثبوتية، كما قال احدهم.