الصدر: لن أحل جيش المهدي والمهادنة مع الأميركيين لا تنفع

اشتباك محدود في الكوفة وممثل للسيستاني يحذر قوات التحالف من اجتياز خطوط كربلاء والنجف

TT

اعلن مقتدى الصدر زعيم ميليشيا «جيش المهدي» في الكوفة امس ان «المهادنة (مع القوات الاميركية) لا تفيد»، وانه لن يحل «جيش المهدي»، ودعا الدول التي لها قوات في العراق الى ترك الولايات المتحدة «تقارع وحدها» وطالب جنود الاحتلال ان يسلموا انفسهم واسلحتهم. وذلك بينما اعلن وسطاء عن تعثر المفاوضات بين الطرفين بسبب قيام قوات التحالف بوضع شرط اعتبرته المرجعية الشيعية في النجف «تعجيزيا».

وقال الصدر في اول خطبة جمعة له في مسجد الكوفة منذ اندلاع المواجهات بين ميليشياته وقوات التحالف ان «هذه الاحداث اظهرت القبيحة وميزت بين الحق والباطل وانا اقول انهم باقون لسنين طوال ويقومون بتعزيزات لمواقعهم ولن تنفع المهادنة معهم». واضاف ان «اميركا لم تفرق بين صغير وكبير تحت ذريعة الحرية والديمقراطية، فاية ديمقراطية هذه واي حرية، فلا تغرنكم الاقاويل حيث انهم يقولون اننا سنسلم السلطة او نشكل الحكومة». واشار «يتهمني البعض بأنني اخرت نقل السلطة الى العراقيين او تشكيل حكومة عراقية مؤقتة وانا اقول نعم لقد أخرنا بيع العراق وتنصيب حكومة عميلة». واوضح «لن نسمح بدخول هذه القوات الى مدينة النجف والى المقدسات لانها حرام عليهم». وخاطب الصدر المصلين بالقول «انا للشهادة طالب فأعينوني بالصبر والثبات واعلموا ان هذه الحرب هي حرب ضد المذهب وان السياسة هي غير ما تطلبون». واضاف «اريد ان اسجل اعتزازي الاستثنائي بجيش المهدي البطل».

وأعلن الصدر ان بعض المسلمين يطلبون منه حل جيش المهدي، واستطرد قائلا «لن احله تحت اي ظرف»، وقال انه لم يكوّن هذا الجيش وحده بل بالتعاون مع شعب العراق. ودعا الصدر الدول التي لها قوات في العراق الى «ترك الولايات المتحدة تقارع وحدها في العراق». وندد بالمشاركة اليابانية، وقال «اما تتعظون مما فعلته الولايات المتحدة في هيروشيما؟» في اشارة الى القاء قنبلة نووية اميركية على هيروشيما عام 1945. ودعا جنود الاحتلال الى ان «يسلموا انفسهم واسلحتهم» وقال «نحن لكم ضامنون».

وهزت سلسلة انفجارات مدينة الكوفة امس، ورأى شهود عيان عشرات من رجال الميليشيات المسلحين يندفعون نحو اطراف المدينة حيث افادت انباء بوقوع اشتباكات مع قوات اجنبية. وتوجهت اربع شاحنات على الاقل تكتظ بمسلحين من ميليشيات «جيش المهدي» الى الاطراف الشرقية للكوفة. وترجل اخرون حاملين بنادق وقذائف صاروخية. وبعد لحظات تراجع العشرات عابرين جسرا فوق نهر الفرات عائدين الى المدينة. وقال افراد في الميليشيا ان هجوما وقع في وقت سابق على قافلة أميركية كلل بالنجاح. وقال رجل يرتدي حلة سوداء ولف حول وسطه حزاما اخضر وهو الزي الخاص بـ«جيش المهدي»: «نصبنا كمينا وهاجمناهم. رأيت ما لا يقل عن شاحنتي همفي تحترقان وهاجمنا ايضا ناقلات جنود مصفحة. هاجمناهم مرة اخرى ولكن بعد ذلك بدأوا في قصف موقعنا بالمورتر لذلك تراجعنا». وتصاعدت عدة اعمدة من الدخان بعد الانفجارات. وكان افراد الميليشيا يحاولون نقل جريجين على الاقل من زملائهم عبر الجسر. وعززت القوات الأميركية الجنود الاسبان والبولنديين في المنطقة الواقعة حول النجف مستعدة لحملة محتملة للقضاء على الصدر وميليشياته.

وقال طبيب بمستشفى ان خمسة اشخاص على الاقل قتلوا واصيب 20 اخرون في اشتباكات دارت بين «جيش المهدي» والقوات الأميركية. وقال الطبيب سيف الدين يوسف في مستشفى الفرات المركزي «معظم المصابين اصابتهم خطيرة». واضاف «يعانون من اصابات بطلقات نارية في الصدر والاطراف او اصابات ناجمة عن انفجار قذائف المورتر. لدينا مدنيون بين الجرحى».

وافاد مصدر طبي محلي ان اثنين من عناصر الشرطة العراقية قتلا برصاص مسلحين صباح امس قرب مسجد يسيطر عليه انصار الصدر في كربلاء.

وتبدد الامل بتوصل المفاوضات لحل الازمة الى نتيجة وذلك مع تأكيد متحدث باسم الصدر اول من امس ان الصدر تخلى عن دخول مفاوضات مع قوات التحالف، وذلك على الرغم من تصريحات قدمت لبعض اجهزة الاعلام قالت غير ذلك. وقال احد الوسطاء في ان الادارة المدنية الاميركية وضعت شروطا تعتبرها المرجعية الشيعية «تعجيزية». وذكر خضير جعفر الخزاعي من الجناح المنشق عن حزب الدعوة الشيعي «عرضنا (اول من امس) وجهة نظر الاميركيين للمرجعية الدينية وللسيد الصدر وقد اعتبرت المرجعية احد الشروط الاميركية تعجيزيا». لكن الخزاعي رفض الكشف عن هذا الشرط. واشار من جهة اخرى الى ان الوسيط الذي اختارته المرجعية عبد الكريم العنزي التقى الصدر ونجل اية الله على السيستاني كما عقدت اجتماعات مع عدد من رجال الدين الشيعة في النجف.

ومع تزايد المخاوف من احتمال قيام القوات الاميركية باقتحام مدينتي كربلاء والنجف، اعلن الشيخ عبد المهدي كربلائي ممثل المرجع الشيعي اية الله علي السيستاني امس في كربلاء ان هاتين المدينتين «تعتبران من الخطوط الحمر التي لا يمكن لقوات التحالف تجاوزها»، ملمحا الى امكانية دعوة السكان الى العصيان وحمل السلاح. وقال الكربلائي في خطبته في الضريح الحسيني امام مئات المصلين «لقد بلغت الامور حدا خطيرا في الايام الماضية وتشير المعلومات الى ان قوات الاحتلال ستنتهك حرمة كربلاء والنجف وتراق فيها دماء كثيرة ويخرب ما بناه اهل هاتين المدينتين». واضاف ان «المرجعية الدينية استطاعت من خلال الظروف السياسية ان توقف وتمنع الاحتلال من انتهاك هاتين المدينتين وان التعامل بهذه الطريقة من قبل قوات الاحتلال سوف يؤدي الى نتائج وخيمة لان هاتين المدينتين خطوط حمر لا يمكن تجاوزها». واوضح الكربلائي انه «بعد ان مرت البلاد بسنوات عجاف قاست فيها اقصى انواع الارهاب والتجويع وازهاق الانفس لا بد من استنفار كافة الوسائل السلمية المتاحة والمتعددة الاشكال في اساليبها والتي ما تزال سلاحا يمكن استعماله لنيل الحقوق وتحقيق الطموحات والتي لا يستطيع العدو انكارها والانتقاص منها». واضاف انه «لا بد من استعمال هذه الوسائل لانهاء الاحتلال ونقل السيادة الى من فيه الكفاءة ويمثل الارادة الوطنية المستقلة». واوضح ان «المرجعية اذا شعرت انه لا بد من نزيف الدم وحمل السلاح وان السبل قد استنزفت وان الطرق قد اغلقت المنافذ فانها سوف لا تتردد في اتخاذ اساليب اكثر فاعلية واشد واعتى من اجل تحقيق اهدافها».