واشنطن تدفع لتعيين أميركي لرئاسة لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في اتهامات الفساد في برنامج النفط مقابل الغذاء

TT

كشفت مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة أن إدارة الرئيس جورج بوش تدفع باتجاه تعيين أميركي لرئاسة اللجنة التي يعتزم الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي انان، تشكيلها للتحقق في اتهامات الفساد والرشوة الموجهة إلى برنامج النفط مقابل الغذاء، وبالتحديد ضد مدير البرنامج وكيل الأمين العام، بينون سيفان. وذكرت المصادر ذاتها، التي رفضت الكشف عن اسمها، أن المرشح الأقوى لرئاسة لجنة التحقيق هو الرئيس السابق لاحتياط الحكومة الفيدرالية الأميركية، بول فولكر للتحقق في اتهامات الفساد والرشوة لبرنامج النفط مقابل الغذاء. وكان من المقرر أن يعلن أنان عن تشكيل اللجنة المستقلة في الأسبوع الماضي غير أنه أعلن يوم الثلاثاء الماضي قائلا «نحن ماضون في التحقق من هذه الاتهامات بصورة جدية بواسطة تحقيق مستقل». وأوعزت المصادر الدبلوماسية سبب تأخير إعلان انان تشكيل اللجنة المستقلة إلى الضغوط الأميركية التي تريد رئاسة اللجنة والإشراف على سير عملها. وباشر عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي الاسبوع الماضي التحقق من الاتهامات الموجهة إلى برنامج النفط مقابل الغذاء، الذي يخضع عمليا لإشراف الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وأعرب عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي عن شكوكهم الجدية في مدى قدرة الأمم المتحدة على إنشاء لجنة مستقلة للتحقق في اتهامات موجهة بصورة جدية إلى مسؤولين كبار في المنظمة الدولية، وعلى رأسهم مدير برنامج النفط مقابل الغذاء. وانتشرت فضيحة الفساد في نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي عندما نشرت الصحيفة العراقية «المدى» قائمة بأسماء 270 من المسؤولين السابقين في حكومات مختلفة ونشطاء سياسين وصحافيين في أكثر من 40 دولة، كانوا يستفيدون من الرشاوى التي كان يقدمها نظام صدام حسين من بيع النفط العراقي المسموح ببيعه وفق برنامج النفط مقابل الغذاء. وكان البرنامج قد خصص لتلبية الحاجات الإنسانية للعراق كإجراء مؤقت في ظل العقوبات الاقتصادية والتجارية التي فرضت على العراق بعد غزو الكويت عام 1990.

وكان مكتب الولايات المتحدة للحسابات العامة الذي يخضع لسيطرة الكونغرس الأميركي قد قدر أن حكومة العراقية السابقة بلغت عائداتها من النفط المهرب خلال الفترة الواقعة ما بين 1996 وحتى عام 2003 حوالي 5.7 مليار دولار. وقدرت العائدات التي حصل عليها النظام السابق من العلاوة الإضافية التي كان يفرضها على الشركات التي تقوم بشراء النفط العراقي بحوالي 4.4 مليار دولار. وشكلت اتهامات الفساد الموجهة إلى برنامج النفط مقابل الغذاء مصدر إحراج للأمم المتحدة خصوصا للأمين العام الذي طلب في بداية فبراير (شباط) الماضي تشكيل لجنة من داخل الأمم المتحدة للتحقيق في اتهامات الفساد والرشوة غير أنه قرر إلغاء تلك اللجنة بعد أن تعرض إلى هجوم شديد من قبل وسائل الإعلام الأميركية خصوصا من قبل صحيفة «وول ستريت جورنال».

وحصل أنان على إذن مجلس الأمن للمضي في تشكيل لجنة مستقلة وحيادية من خارج الأمم المتحدة لإجراء التحقيقات وللحصول أيضا على تفويض للتحقق من الاتهامات الموجهة إلى شركات أجنبية وشخصيات من الدول الأعضاء في المنظمة الدولية. وحصل أنان على مثل هذا التفويض في نهاية الشهر الماضي، بالرغم من تحفظات روسيا وفرنسا باعتبارهما من أكثر الدول التي كانت لديها عقود نفطية مع النظام العراقي السابق. وذكر القائم بأعمال البعثة الروسية، السفير جينادي كاتلوف، أن أنان أبلغ ستة من أعضاء مجلس الأمن بأنه اختار بول فولكر، الرئيس السابق لاحتياط الحكومة الفيدرالية الأميركية لرئاسة اللجنة. وفولكر البالغ من العمر 76 عاما كان ايضا رئيس البنك المركزي الأميركي خلال الفترة الواقعة ما بين عام 1979 وعام 1987، وهو الآن رئيس الحسابات الدولية وقد شارك في التحقيق حول الأموال المفقودة لضحايا «الهولوكوست» في البنوك السويسرية. واختار انان أيضا السويسري مارك مارك بيث، استاذ القانون الجنائي في جامعة بازل، وكذلك ريتشارد غولدستون، القاضي السابق في المحكمة الدستورية لجنوب أفريقيا، والمدعي العام السابق في المحكمة الدولية ليوغوسلافيا السابقة ولراوندا.

واللجنة التي ستباشر التحقيق في اتهامات الرشاوى والفساد الموجهة إلى برنامج النفط مقابل الغذاء تتكون من ثلاثة أشخاص وستباشر عملها عند الاعلان الرسمي عنها من قبل الامين العام للامم المتحدة.