شرودر ومبارك يحذران من تجاوز الفلسطينيين في تحديد مستقبلهم وفيشر يطالب بدور أكبر لأوروبا في عملية السلام

TT

حذر المستشار الألماني غيرهارد شرودر والرئيس المصري حسني مبارك امس من مغبة تجاوز الفلسطينيين في القرارات التي قد تتخذ في مسار عملية السلام الجارية في الشرق الأوسط. وقال شرودر في مؤتمر صحافي مشترك مع مبارك في هانوفر أمس ان «تجاوز الرؤوس الفلسطينية» لا يجوز أثناء اتخاذ القرارات الخاصة بعملية السلام. وعبر المستشار عن تشبثه بعملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وقال ان المسار الحقيقي يتجسد في انعاش خطة «خريطة الطريق» الدولية.

وطالب شرودر باشراك الفلسطينيين في كافة القرارات التي تتخذ بشأن عملية السلام، وهو ما اعتبر ردا مباشرا على تصريحات الرئيس الاميركي جورج بوش أثناء لقائه مع رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون. وكان بوش قد أعلن تأييده لخطة شارون الداعية إلى عدم تنازل اسرائيل عن كافة مستوطناتها بعد انسحابها من الأراضي المحتلة، والتي تحدد عودة فلسطينيي الخارج بمناطق الإدارة الذاتية. كما رحب المستشار الألماني باستعداد اسرائيل للانسحاب الجزئي من الأراضي الفلسطينية، لكنه اشترط أن يكون ذلك في إطار خطة دولية.

من ناحيته، اتفق الرئيس المصري حسني مبارك مع شرودر في المطالبة بضرورة اشراك الفلسطينيين في كافة القرارات التي تتخذ في إطار عملية السلام. وطالب مبارك بالتمسك بخطة سلام تتطلع لقيام دولة فلسطينية في المستقبل. ولاحظ مبارك في المؤتمر الصحافي أن المقاومة الفلسطينية لن تتوقف طالما استبقت اسرائيل بعضا من مستوطناتها في الأراضي التي ستنسحب منها لأن بقاء المستوطنات سيعني «استمرار الاحتلال». ورحب مبارك بانسحاب اسرائيل الجزئي من الأراضي المحتلة، لكنه طالب بدوره أن يتم ذلك بالتنسيق مع الفلسطينيين. وكان وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر قد وضع نفسه في تعارض ظاهر مع برنامج التحالف الحكومي ببرلين حينما تحدث عن «دور حاسم» لأوروبا في عملية السلام الجارية في الشرق الأوسط. وجاء حديث فيشر يوم أمس الجمعة بهانوفر (غرب) بعد لقاء رسمي مع الرئيس المصري حسني مبارك، سبق لقاء مبارك مع شرودر، وتركز على الوضع الجاري في العراق ومستقبل عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وذكر الوزير، وهو من حزب الخضر، «أن أوربا ستلعب دورا حاسما في الأشهر المقبلة في مسيرة السلام والاستقرار» في الشرق الأوسط. وأكد فيشر أن جلوس الفلسطينيين الى طاولة المباحثات كشريك كامل يتمتع بأهمية بالغة لإحلال سلام دائم بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وعن الخطة الدولية لحفظ السلام، التي يطلق عليها اسم «خطة الطريق» قال فيشر ان الخطة ينبغي أن ترتكز على أساس مسار واضح لإحلال سلطة فلسطينية في قطاع غزة.

وفي باريس، اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية امس ان الرئيس المصري حسني مبارك سيقوم بعد غد بزيارة عمل لباريس لاجراء مباحثات مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك. وقالت مساعدة المتحدث باسم الوزارة سيسيل بوتسو دي بورغو للصحافيين ان «هذه المباحثات تأتي في الوقت الذي تواجه فيه المنطقة وضعا بالغ الصعوبة في العراق وفي الشرق الاوسط». واكدت ان «مصر لاعب اساسي» في المنطقة و«تشارك بفاعلية في البحث عن حلول» لتحقيق استقرارها.

ورجح الرئيس المصري حسني مبارك أن يزداد العنف في الشرق الاوسط ما لم يتحرك الرئيس الأميركي جورج بوش سريعا لدعم الدور الأميركي كوسيط محايد في المسعى الفلسطيني ـ الاسرائيلي لتحقيق السلام. وأعرب مبارك في حديث أدلى به لصحيفة «هيوستن توونيكل» أمس عن شعوره بالصدمة من تأييد الرئيس بوش لمطالب اسرائيل بالاحتفاظ بأجزاء كبيرة من الضفة الغربية ومعارضته لحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة. وقال مبارك ان هذه القضية يجب أن تناقش بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني وأن يقبل بها الطرفان. وأضاف ان التحول الموالي لاسرائيل يثير التساؤلات حول قدرة الولايات المتحدة للعمل كوسيط محايد في محادثات السلام الاسرائيلية ـ الفلسطينية. وأوضح أنه لم يكن لديه أية فكرة تفيد بأن الرئيس بوش سيتبنى موقفا مواليا لاسرائيل بهذه الدرجة. وقال ان أحدا لا يعرف الان ماذا يمكن أن يحدث معربا عن مخاوفه من أنه سيكون هناك مزيد من التصعيد لحدة التوتر.

وحمل مبارك بوش بعض المسؤولية عن قراره بتأييد الخطة الاسرائيلية في محاولة منه للفوز بفترة رئاسية ثانية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل معربا عن أسفه أن تنتظر جهود السلام لما بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية.