أحزاب موالية تسعى لـ«تفاهم» بين الحريري ومعارضيه في انتخابات بلدية بيروت

سقوط خيار «المواجهة الشاملة» مع السلطة لدى المعارضة المسيحية

TT

تتضح بداية الاسبوع المقبل صورة التحالفات في الانتخابات البلدية في بيروت، كما يتحدد مصير التحالف بين تيار العماد ميشال عون ولقاء «قرنة شهوان» الذي يضم معارضين مسيحيين وترعاه البطريركية المارونية.

فيتوقع يوم الاثنين ان يتحدد مصير مبادرة «اللحظة الاخيرة» التي قامت بها ستة احزاب موالية للوصول الى توافق انتخابي بين رئيس الحكومة رفيق الحريري واللائحة المعارضة التي يدعمها الرئيس السابق للحكومة سليم الحص والنائب السابق تمام سلام.

وكان وفد من «حزب الله» وحركة «امل» وحزب الطاشناق الأرمني وحزب الكتائب والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث قد التقى امس كلا من الحص وسلام والحريري. ووصف سلام خطوة الاحزاب بأنها «جيدة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» ان الاحزاب تحركت من منطلق الحرص لايصال الامور الى توافق لتجنيب بيروت معركة، غير انه لم يبد تفاؤلاً كبيراً «لأن الأمر يحتاج الى جهد كبير».

وفي المقابل، قال عضو المجلس السياسي لـ«حزب الله» محمود قماطي بعد انتهاء الجولة من امام مكتب الرئيس الحريري ان «الجلسات الثلاث كانت في اطار معالجة الوضع الانتخابي في مدينة بيروت لجهة الاستحقاق البلدي. وكانت الامور تذهب في نقاش واسع تأخذ في الاعتبار ان يحفظ وجه بيروت متوازناً وممثلاً لكل الشرائح التي توجد في العاصمة ولكل الطوائف ولكل القوى السياسية. وهناك خوف من المجريات التي تسير على الارض من ان يكون التمثيل مبتوراً، لذلك كان حرص الاحزاب الستة المجتمعة ان يكون هذا التمثيل وهذا التوافق مكرسا،ً وان لا تطيح التحركات على الارض والتحركات الميدانية والتجاذبات المذهبية والطائفية بهذا التمثيل». وسئل ما اذا كان الوفد الحزبي يقوم بدور وساطة للتوافق بين لائحتين، فأجاب: «في الحقيقة نحن وسطاء بقدر ما نحن شركاء واصحاب مبادرة (...) نحن نحاول ان نكرس هذا الوجه البيروتي المتوازن من خلال هذه الزيارات التي سمعنا في نتيجتها من الشخصيات الثلاث الحرص ذاته، ولكن المشكلة التي يمكن ان نتوقعها هي في السياق الميداني على الارض». واعلن ان الاحزاب الستة والتي ستصبح سبعة، من خلال انضمام الحزب التقدمي الاشتراكي اليها، سوف تعقد اجتماعاً الاثنين المقبل للتباحث في نتيجة المشاورات. وفي ضوء هذا الاجتماع سوف نتخذ قراراً في هذا الصدد، مشيراً الى ان مواقف الحريري والحص وسلام «تؤكد على هذا التوافق في التمثيل لمدينة بيروت، وهناك خصوصيات لا نستطيع اليوم ان نتحدث بها».

وكان نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم قال امس ان الحزب «لم يحسم خياره في كيفية التعاطي مع الانتخابات في مدينة بيروت. ولا نقبل ان نكون جزءاً ممن جعل استحقاق بلدية بيروت استحقاق تصفية حسابات مهما كان عنوانها، ولندخل في جدل حول اهمية هذه الانتخابات والنجاح او الفشل. رؤيتنا لانتخابات بلدية بيروت كرؤيتنا لجميع الانتخابات في لبنان، انها يجب ان تكون انتخابات انمائية بالأصل وسياسية بالفرع». اما على الخط المسيحي، فقد سجل امس انسحاب تيار «القوات اللبنانية» المحظورة من لائحة الحريري من دون التوافق مع اللائحة المعارضة. وتحدثت مصادر في التيار العوني عن ضغوط مورست على «القوات» للانسحاب من اللائحة، لكن دون التوافق مع التيار. وعقد جو سركيس، عضو المجلس البلدي الحالي، مؤتمراً صحافياً حضره اركان في «لقاء قرنة شهوان» المسيحي اعلن فيه انسحابه من لائحة الحريري، معتبراً ان موقع تياره «الطبيعي في هذه المعركة في بيروت كما في مختلف المناطق هو في صلب الخط المعارض، وبالتالي فهو لن يدخل في تحالف ضمن اللائحة التي يرأسها رئيس المجلس البلدي الحالي او اي لائحة اخرى مدعومة من السلطة». وبدا من صورة التحركات والمواقف الاخيرة في ساحة المعارضة المسيحية ان الامور تتجه لتكرار صورة انتخابات قضاء بعبدا ـ عاليه الفرعية العام الماضي التي خاضها التيار العوني مع حلفائه في ظل تعذر التوصل الى اتفاق بين «التيار» و«قرنة شهوان» التي اتهمها عون بـ«غياب الرؤية». وتوقع الياس الزغبي، مسؤول الاعلام في «التيار» ان تتضح صورة الاتفاق الانتخابي مع اعضاء القرنة بـ«المفرق» بداية الاسبوع المقبل بعد سقوط احتمالات الاتفاق الشامل. وقال الزغبي لـ«الشرق الأوسط» ان «بعض قرنة شهوان يعمل لمصلحة الحريري في بيروت»، دون ان «يبرئ» ساحة انصار الرئيس السابق للجمهورية امين الجميل، معتبراً ان «البعض نجح في تفجير جبهة المعارضة ومنع قيام حركة شاملة ضد السلطة بفرعيها (رئيس الجمهورية اميل لحود والرئيس الحريري)». وحذر الزغبي من ان الجميل «يهدر الوقت لحسم خياره. والوقت بالنسبة الينا ثمين» آملاً الوصول الى نتائج جيدة في الاجتماع الذي سيعقد اليوم بين العونيين وأنصار الجميل للتنسيق في منطقة المتن الشمالي.

وخرج الاجتماع المنتظر لـ«لقاء قرنة شهوان» امس دون موقف واضح في ما يتعلق بالائتلاف مع عون او عدمه، واكتفى البيان الصادر عن اللقاء بالعموميات، متطرقاً الى الوضع الاقليمي و«المرحلة المصيرية التي يتقرر فيها مستقبل لبنان والمنطقة». اما بالنسبة الى استحقاق الانتخابات البلدية، فقد طلب اللقاء من اللبنانيين «الترفع عن صغائر الامور والتضامن في ما بينهم لتجاوز هذه المرحلة المشوبة بالأخطار، حفاظاً على سلامتهم وسلامة مجتمعهم». كما دعا الى «التعاطي مع هذا الاستحقاق بمسؤولية والالتفاف حول المعارضة ودعم مرشحيها للافساح في المجال امام تأمين تمثيل سليم على المستوى البلدي».

وبعد الاجتماع قال الرئيس الجميل «اننا نحاول تذليل هذه الاشكالات والنيات الطيبة عند الاطراف الذين نتحاور معهم. ونأمل في الوصول الى نتيجة. واذا لم نتوصل الى نتيجة، فلتكن معارك رياضية بين الاطراف المحلية التي لم تستطع التوافق». وسئل «هل انقطع التواصل مع التيار الوطني الحر؟ فأجاب: «لم ينفع التواصل معه وتقرر عقد اجتماع غداً (اليوم) بين بعض اطراف «لقاء قرنة شهوان» المعنية خصوصاً بموضوع المتن مع أعضاء من التيار العوني ونأمل خيرا». وقال: «يدنا ممدودة للجميع ولا مشكلة لدينا. ولا نريد الخصام مع أحد، ولا سيما في خطنا الوطني. واذا كانت للبعض بعض الحساسيات والاعتبارات، فهذا يتعلق به».