كوين: تفاهم شارون مع بوش ليس بديلا عن الاتفاق مع الأعداء

وزير الخارجية الآيرلندي : الحكومات الديمقراطية عاجزة عن الخوض في عرض بن لادن

TT

قال وزير الخارجية الايرلندي برايان كوين امس ان «التفاهم» الأخير بين رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون والرئيس الاميركي جورج بوش لا يعفي الاول من التفاوض مع الفلسطينيين والعرب للتوصل الى تسوية عادلة. وشدد المسؤول الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الاوروبي، على ان اوروبا لم تغير موقفها من «خريطة الطريق» التي اعتبر انها لا تزال «افضل آلية» لاحلال السلام في المنطقة. واذ اعرب عن ترحيب الاتحاد بأي انسحاب اسرائيلي من الاراضي المحتلة اوضح ان هذا الترحيب مشروط بان يكون الانسحاب منسجماً مع «خريطة الطريق». غير ان نظيره البريطاني جاك سترو اعتبر في وقت لاحق ان اقتراحات شارون، يمكن ان تكون منسجمة معها.

جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده كوين في تالمور بوسط جمهورية ايرلندا، حيث بدأ ظهر امس وزراء خارجية الدول الاوروبية (25) سلسلة من الاجتماعات غير الرسمية التي يختمونها ظهر اليوم. واشار كوين الى ان «التطورات الاخيرة بالنسبة لعملية السلام في الشرق الاوسط والوضع في العراق، فضلاً عن السعي لتطوير نهج اوروبي اكثر تماسكاً واستراتيجية حيال الشرق الاوسط وحوض المتوسط، ستكون كلها على رأس اجندتنا خلال المباحثات الحالية.

ونفى كوين تهمة «الانصياع» للموقف الاميركي الجديد، موضحاً ان الاتحاد الاوروبي وضع النقاط على الحروف حول «خلافات في النهج» والوسائل بنيه وبين الرئيس بوش. إلا انه لفت الى ان اوروبا اثنت في الوقت نفسه على بعض جوانب التصريحات التي ادلى بها بوش، حين وجدتها متفقة مع المواقف الاوروبية المبدئية من عملية السلام في الشرق الاوسط. وأضاف «ولهذا نرحب باعادة الرئيس بوش التأكيد على التزام الولايات المتحدة بخريطة الطريق»، وزاد «نحن متمسكون بوجهة النظر القائلة ان خريطة الطريق، كما وضعتها المجموعة الرباعية، هي الاساس لحل سلمي دائم وعادل للنزاع».

غير ان الوزير الايرلندي اردف، في تباين مع الطرح الاميركي الاخير، ان اي تسوية للصراع «يجب ان تتضمن حلا واقعياً عادلاً ونزيهاً لا يتفق عليه (بين الطرفين) لقضية اللاجئين الفلسطينيين». واضاف ان الحل يجب ان يكون ثمرة «مفاوضات واتفاقات بين الاطراف نفسها». كما سلط الضوء على نقطة تباين اخرى مع واشنطن، حين اكد ان الاتحاد الاوروبي غير مستعد لاقرار اي حدود جديدة لاسرائيل يتم رسمها من جانب واحد، واوضح «لن نعترف بأي تغيير على حدود ما قبل 1967 بدلاً الا في اطار باتفاق بين الجانبين».

وقال كوين ان على اسرائيل ان تقبل بالتفاوض مع الفلسطينيين، خصوصا ان «السلام يتحقق عادة بين الاعداء وليس الاصدقاء». واضاف ان «التوصل الى تفاهم مع الرئيس بوش يجب الا يعتبر بديلاً عن اتفاق مع الفلسطينيين». وزاد ان «الحقيقة واضحة لجهة انه لا يزال يترتب على اسرائيل ان تتوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين وبقية جيرانها العرب، وذلك في سبيل تحقيق امن وسلام دائمين».

واكد وزير الخارجية الايرلندي ان الاتحاد الاوروبي لا يزال ملتزما بتأييد حل الدولتين. وقال «ان الصراع لن ينتهي ما لم تتم اقامة دولتين تعيشان بصورة مستقلة الى جانب بعضهما البعض». وذكر ان الوضع الامني المتردي ليس العقبة الوحيدة في وجه تقدم ملموس على صعيد عملية السلام، موضحا «نحن في حاجة الى رؤية تحسن في الحالة الامنية وايضاً الى رؤية عملية سياسية».

وأقر كوين بالترابط بين الوضع في الاراضي المحتلة مع ما يشهده العراق، وقال «ان الازمتين متصلتان (خصوصاً) لجهة التهديد الامني الذي نتعرض له». وقال ان احراز تقدم في التعاطي مع الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني في ضوء «خريطة الطريق» من شأنه ان يكون «مساعدا على معالجة الحالة في العراق».

وعن العراق، الذي خطفت منه فلسطين الضوء في المؤتمر الصحافي، قال كوين ان ثمة حاجة لمعالجة «الحالة الامنية المتردية هناك والاثر الذي تحدثه في عملية نقل السلطة». واضاف ان اوروبا تجمع على وجوب «وضع حد للعنف واعادة السيادة في وقت مبكر للشعب العراقي». وزاد «ان الاتحاد الاوروبي ملتزم بصورة مطلقة بدعم عملية الانتقال الى عراق ديمقراطي يتمتع بالسلام، ودعم دور الامم المتحدة في هذه العملية».

وفي وقت لاحق، قال سترو لدى وصوله الى تالمور ان اقتراحات رئيس الوزراء الاسرائيلي لا تتناقض مع «خريطة الطريق». وشدد على وجوب ان تكون الانسحابات الاسرائيلية من اراض محتلة في اطار «خريطة الطريق». واكد رئيس الدبلوماسية البريطانية حرص بلاده وحليفتها الولايات المتحدة على نقل السيادة للعراقيين في موعدها المعلن سابقا. وقال «اننا ملتزمون تماماً بتسليم السيادة وانهاء الاحتلال في الثلاثين من يونيو (حزيران)». واعترف ان «الحالة في العراق خطيرة»، موضحاً «مصلحة العراقيين جميعاً اضافة الى المجموعة الدولية تقتضي احراز تقدم على صعيد بناء العراق الديمقراطي الآمن».

من جهة ثانية، سئل وزير الخارجية الايرلندي امس عما اذا كان الاتحاد الاوروبي سيعمد الى توقيع اتفاق الشراكة مع سورية في المستقبل المنظور، ام ان المعارضة البريطانية ـ الهولندية ـ الالمانية لا تزال تعرقل ذلك. واجاب كوين بقوله «لن نناقش هذا الامر هنا (في اجتماعات تالمور)»، مشيرا الى ضرورة «استمرار دراستنا للقضية التي نوقشت سابقا، واتخاذ موقف اوروبي موحد لطرحه بعد ذلك على السوريين». وتجنب الرد على سؤال آخر حول سعي اوروبا لفرض شروط تتعلق بأسلحة الدمار الشامل المزعومة، على دمشق قبل توقيع الاتفاقية، في الوقت الذي ابرمت فيه الاتفاقية نفسها مع تل أبيب من دون ان تثير موضوع ترسانتها من اسلحة الدمار الشامل.

الى ذلك، اصر كوين على عدم إمكان البحث في قضية الاستجابة لـ«عرض» اسامة بن لادن، زعيم تنظيم «القاعدة»، بالتفاوض مع اوروبا. واوضح في ردوده على عدد من الاسئلة ان «الحكومات الديمقراطية» عاجزة عن الخوض في مسألة العرض الذي قدمه «السيد بن لادن» لان «الحكومات الديمقراطية تتمسك بمبادئها التي تحظر التعاطي مع الارهابيين».