مصادر أميركية: معلومات استخبارية في ضوء تحقيقات مع مشتبهين تجريها السلطات السعودية وراء التحذير الأخير

دبلوماسيون أميركيون غير ضروريين يبدأون مغادرة السعودية

TT

قالت مصادر اميركية امس ان الامر الذي اصدرته الخارجية الاميركية مساء اول من امس بترحيل الدبلوماسيين الاميركيين غير الاساسيين وجميع افراد عائلات الدبلوماسيين في السعودية جاء في ضوء معلومات استخبارية خلال تحقيقات تجريها السلطات السعودية مع مشتبهين حول هجمات ارهابية مخطط لها ضد اهداف غربية واميركية.

وقال وزير الخارجية الأميركي كولن باول للصحافيين اول من امس نحن قلقون. زادت درجة الخطر.

وحسب مسؤولين اميركيين فان المعلومات الاستخبارية تشمل اكتشاف شاحنة وقنبلة انبوبية والقبض على شخصين مشتبه فيهما في الايام الاخيرة.

ونفت وزارة الخارجية الاميركية ان التهديد مرتبط مباشرة بالشريط الجديد من زعيم «القاعدة» اسامة بن لادن. ومن المتوقع مغادرة 200 اميركي على الفور. ورفضت وزارة الخارجية الكشف عن ارقام محددة لاسباب أمنية. وسيبقى السفير وفريق طوارئ في السفارة في الرياض وفي قنصليتين، في الظهران وجدة.

وعلى الرغم من هذا قرار ترحيل الدبلوماسيين غير الضروريين، فإن الادارة الاميركية قالت ان السعودية تحقق انجازات بخصوص الجماعات المتطرفة المسؤولة عن 3 هجمات في شهر مايو (ايار) الماضي على مجمعات سكنية اميركية في الرياض وفي الهجوم الذي وقع في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على مجمع يعيش فيه مسلمون بصفة اساسية. وقال لو فينتور المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية ان الاستخبارات السعودية قد تجنبت عملية ارهابية كارثة في 25 نوفمبر من العام الماضي عندما اكتشفت شاحنة معبأة بالمتفجرات تستهدف مجمعا سكنيا في الرياض. واضاف قائلا «نستمر في الثقة بأن السلطات السعودية تبذل كل ما في وسعها لحماية مواطنيها وغيرهم في المملكة من الهجمات الارهابية. كما يوجد ايضا مستوى متين من التعاون بين حكومتينا لمحاربة الارهاب في السعودية وحول العالم. وامتدح مسؤول آخر في وزارة الخارجية السلطات السعودية لكونها متشددة ولاتخاذها خطوات مهمة منذ تفجيرات الرياض. ولكنه اعترف ان التهديدات الاخيرة تشير الى ان الدول النفطية الغنية «تبقى ساحة معركة للارهاب». واضاف انه في الوقت الذي تعمل فيه السعودية على تفكيك هذه الشبكات، فإن المتطرفين يسعون الى تجميع انفسهم».

واضاف المسؤول الكبير «ان ذلك يعتبر دليلا على ان الجهود السعودية كان لها اثر محسوس. ولكن الشبكات لم تطوق بعد، ولا تزال توجد عناصر ناشطة تمثل تهديدا. ونريد ان نقدم لها هدفا محدودا بقدر الامكان».

وأوصى التحذير الجديد المواطنين الاميركيين الذين يفكرون في السفر للسعودية بتأجيل خططهم. كما يجب على أي شخص يبقى هناك تسجيل اسمه في السفارة. وربما تتأثر خدمات السفارة او تصبح غير متوفرة بسبب نقص الافراد او القيود الأمنية طبقا لبيان الخارجية.

واشار التحذير الى انه بالاضافة الى المناصب الدبلوماسية، فإن المجمعات السكنية للاجانب عرضة للخطر على وجه الخصوص. واضاف التحذير «على المواطنين الاميركيين في السعودية الانتباه، ولا سيما في الاماكن العامة المرتبطة بالجاليات الاجنبية».

واستجاب دبلوماسيون اميركيون في الرياض لأمر وزير خارجية الولايات المتحدة كولن باول، الذي جاء بصورة تحذير امني عاجل بضرورة مغادرتهم الاراضي السعودية «خشية التعرض لهجوم ارهابي وشيك».

وقالت كارل كيلن المتحدثة الرسمية باسم سفارة واشنطن لدى الرياض لـ«الشرق الأوسط» امس، ان القرار المتخذ بدأ مفعوله على مستوى الدبلوماسيين غير الضروريين، وافراد عائلاتهم في السفارة وقنصليتي الولايات المتحدة في كل من جدة (غرب البلاد) والظهران (شرق). وسيخضع قرار استمرار المغادرة لتقييم دوري في واشنطن كل 30 يوما.

وشددت كارل بالقول «علينا عدم تجاهل الاشادة الرسمية في بيان أمر المغادرة، حينما تطرق الى قيمة الجهد الذي تبذله سلطات الأمن السعودي لحماية المواطنين السعوديين والمقيمين على أراضيها بما في ذلك مواطني بلادنا المقيمين في المملكة». وأضافت القول«كما لا ننسى الاشادة (في بيان امر المغادرة) بمستوى التعاون المتين الذي يربط بين بلدينا». وقالت «بدأ الدبلوماسيون المعنيون في القرار بترتيب حاجياتهم استعدادا للمغادرة فور جاهزيتهم». وعلمت «الشرق الأوسط» ان كل رئيس قسم في السفارة او القنصليتين سيحددون من هم المستهدفون بأمر المغادرة. وسبق للولايات المتحدة ان أصدرت أمرين مماثلين منذ الحوادث الارهابية التي تعرضت لها ثلاثة مجمعات سكنية في الرياض في 12 مايو (ايار) الماضي. وكانت اميركا قد سمحت لدبلوماسييها المشمولين بقرار مغادرة الاراضي السعودية بعد حادثة مجمع «المحيا» السكني في رمضان بالعودة الى مكاتبهم في منتصف فبراير (شباط) الماضي. وهنا قالت كارل «ليس بالضرورة مغادرة دبلوماسيين سبق ان شملهم القرار السابق، هذا الامر متروك لتقدير مسؤولي السفارة». بدورهم قال دبلوماسيون اميركيون في العاصمة السعودية إنهم بدأوا فعلا بترتيب حقائبهم والحاجيات المنزلية الرئيسية «استعدادا لمغادرتنا الاراضي السعودية بعد التحذير العلني لنا في تصريحات باول» في ساعة متأخرة من مساء اول من امس. وقال بعض من شملهم الأمر «لم يحدد لنا مدة معينة للعودة، وفي هذه الحالة سنتعامل مع الأمر وكأنه مفتوح لمدة غير محدودة». وبسؤال «الشرق الأوسط» للمتحدثة الرسمية باسم السفارة عن المدة المفتوحة قالت «سيخضع مفعول هذا القرار الى التقييم الدوري من قبل المعنيين في واشنطن»، وعن فترة التقييم الدوري قالت« يخضع لتقييم كل 30 يوما»، لتحديد زوال مؤشرات صدور قرار المغادرة.

وفي الجانب السعودي، علق مسؤولون على قرار وزارة الخارجية الاميركية بالقول «القرار خاص بتقدير متخذ القرار الاميركي، وهذا لا يعني بأي شكل من الأشكال تقصيرنا في نشر الحماية الامنية المشددة على كافة المواقع المحتمل استهدافها من قبل المجموعات الارهابية».

وتحدثت كارل كيلن عن انه «تسلم جميع الاميركيين المقيمين في السعودية خطابات، الثلاثاء الماضي، تدعوهم الى الحذر الشديد على سلامتهم»، وقالت «التحذير ترك لهم حرية التقدير الشخصي لمستوى المخاطر المحيطة بهم»، وقالت ان التحذير بهذه الصيغة «يختلف عن الأمر الذي تلقاه دبلوماسيونا».