خبراء شؤون الشرق الأوسط: رسالة بوش.. مؤثرة في أيوا ولكنها غير مقنعة في العالم العربي

TT

تباينت ردود افعال خبراء الشرق الأوسط في الولايات المتحدة على التحرك الأميركي الرسمي لاحتواء مشاعر الغضب في العالم العربي والاسلامي حيال صور تعذيب الاسرى العراقيين فيما قال بعضهم ان ما تقوم به الادارة لا يمس القضايا الهامة بينما ذهب آخرون الى ان الادارة تفعل الشيء الصحيح.

وبدأ مسؤولو الادارة الأميركية في اعطاء اكبر قدر من اللقاءات مع وسائل اعلام عربية لتخفيف الغضب العربي ازاء صور التعذيب والاهانة الجسدية للمعتقلين العراقيين. وكان الرئيس الأميركي جورج بوش وصف حوادث سوء معاملة الجنود الأميركيين للسجناء في العراق بأنها «مقززة» في لقاءات مع محطتي تلفزيون «العربية» و«الحرة»، وقال «يجب أن يفهم المواطنون في العراق أنني اعتبر هذه الأفعال مقززة، ويجب أن يدركوا أيضا أن ما حدث في هذا السجن لا يمثل أميركا التي اعرفها». غير ان الخبراء قالوا ان الأمر يحتاج الى اكثرمن مجرد مقابلتين. وقال المرشح الرئاسي الديمقراطي جون كيري انه كان يتعين على بوش ان يعتذر في حديثه للمحطات العربية وقال «اعتقد ان العالم يحتاج لان يسمع من رئيس الولايات المتحدة الأميركية قوله انه يأسف لمثل هذا النوع من الاساءة لانه يجب ان نظهر للعالم اننا راغبون في ان نصحح اخطاءنا واننا مستعدون ان نكون مسؤولين عن الاشياء التي لا ترقى لافضل مبادئنا وعاداتنا... اعتقد انه من الهام ان تتحمل أميركا مسؤوليتهاعندما يكون الامر صحيحا».

وقال اسعد ابو خليل استاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية كاليفورنيا في ستينسلويس والاستاذ الزائر في جامعة كاليفورنيا في بيركلي «ان رسالة الرئيس بوش يمكن ان تكون مؤثرة مثلا في ولاية ايوا، ولكن في العالم العربي فان رسالته تثير المشاعر وتبدو مهينة. لكن تلك هي طبيعة البروغاندا الأميركية في الشرق الاوسط، فكلما حاولوا زادت مشكلة «صورة أميركا» هناك سوءا».

وقال ابو خليل «ان مجهودات الدعاية الأميركية وظهور آخر لحظة للرئيس بوش في الاعلام العربي، انما يزيد من متاعب أميركا. ان رسالة بوش تظهر البون الشاسع بين الادارة والرأي العام العربي».

واشار ابو خليل الى امثلة ذلك فقال ان بوش قال للشعب العربي ان حوادث التعذيب هي الاستثناء فيما يعتقد العرب انها هي النمط السائد، ويقول لهم ان أميركا تحقق تقدما، فيما يعرف العرب طبيعة الامور الفوضوية والدموية في العراق، وبوش يقول لهم ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون هو رجل سلام فيما يعتقد العرب وبعض الاوروبيين وبعض الاسرائيلين انه مجرم حرب. وتقول الولايات المتحدة لهم على لسان بوش انها تروج للحرية في العالم العربي بينما يرى العالم العربي انها تعيق الديمقراطية والانتخابات في بلادهم.

وقال ري هاننيا وهو كاتب عمود مستقل «بدلا من محاولة كسب عقول وقلوب العالم العربي، فان السياسات الأميركية تقوي كراهية ضد أميركا لانها تفشل في التعامل مع الشكاوى المشروعة الاساسية للعالم العربي».

وقال روجر نورمند المدير التنفيذي لمركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية «ان الكشف الاخير لسوء المعاملة في سجن ابو غريب هو مجرد اول الغيث فيما يتعلق بجرائم الحرب الأميركية. فعلى الرغم من البلاغة حول الديمقراطية وحقوق الانسان، فان الاحتلال الأميركي يعطي للعالم مثالا يحتذى به في كيفية انتهاك الحقوق المدنية الواسعة المؤكد عليها في اتفاقية جنيف بدءا من القتل بدون تمييز الى العقاب الجماعي الى الاعتقال التعسفي والعنف الجنسي الى التكسب من الحرب».

وقال انريز توماس كونتيراس ان الرسالة التي ارسلها بوش غير واضحة لسبب آخر هو ان الادارة قد رشحت جون نيغروبونتي ليكون سفير أميركا في العراق وهو الدبلوماسي الأميركي الذي ترددت اتهامات له بالتستر على انتهاكات لحقوق الانسان والتعذيب والقتل الجماعي حينما كان سفيرا لبلاده في هوندراس وقال معلقا حول التصديق المنتظر من الكونغرس الأميركي على تعيينه: «يمكن لمجلس الشيوخ الأميركي ان يتصرف كما لو كانوا مصدومين بعمليات التعذيب الان لكنهم لو وافقوا على نيغروبونتي فانهم يسهلون احتمال ان يتصاعد العنف والتعذيب بل ويتم التغطية عليهما».

وقال روبرت جنسن الاستاذ بجامعة تكساس ان التعذيب الجنسي الذي حاول بوش التصدي له امام العرب والمسلمين المصدومين يعكس الثقافة الأميركية وانه قد يستمر لفترة طويلة هناك لانه جزء من بنية الفكر الأميركي وقال «الكثيرون يعبرون عن صدمتهم ودهشتهم بسبب سوء معاملة السجناء بطريقة جنسية في سجن ابو غريب. ان الغضب في محله. لكننا لا يجب ان نكون مندهشين فالثقافة الأميركية مشبعة بالصور الاباحية والتي تزداد قساوة وسادية عاما بعد عام. ان الملايين من الرجال الأميركيين يشاهدون هذه المواد كل عام. ويجب ان نتوقع ان يتم تنفيذ هذه القيم والمبادئ المحملة في المواد الاباحية ذاتها في العالم الواقعي وخصوصا في العسكرية وخصوصا ان العنف هو الامر الطبيعي في الجيش والقسوة عامل هام لاداء الوظيفة».

وقال مارك ويزبروت الكاتب الأميركي من مركز الدراسات الدولية في واشنطن ان التحقيقات التي يجريها الجيش الأميركي قد لا تكون مجدية اذ انها من جهة غير مستقلة ومن جهة قد لا تصل الى كبار المسؤولين وقال «ما سنراه هو اذا ما كانت تلك التحقيقات ستفضي الى ادانات ضد المسؤولين على كل الاصعدة وان هذه الفضيحة الاخيرة ستؤدي الى تحقيق مستقل».