ماهر ردا على المقترحات الإسرائيلية الأخيرة: الفلسطينيون ليسوا بحاجة إلى وصاية والأهم هو وقف النار

TT

نفى أحمد ماهر، وزير خارجية مصر أن يكون نظيره الاسرائيلي سيلفان شالوم الذي التقاه أول من أمس في العاصمة الايرلندية دبلن، على هامش الاجتماع الأوروبي ـ المتوسطي، قد عرض عليه المقترحات الاسرائيلية الأخيرة، غير الرسمية، التي تروج لوضع غزة والضفة الغربية تحت وصاية مشتركة «مصرية أردنية أميركية» وعلى اعطاء الفلسطينيين 600 كلم مربع من أراضي سيناء مقابل تعويض مصر أراض اسرائيلية.

واعتبر الوزير المصري أن الفلسطينيين «شعب واع وقادر على أن يحكم نفسه وبالتالي فهو ليس بحاجة الى وصاية من أي طرف». وطالب ماهر الذي أكد أن بلاده ما زالت ناشطة في جهودها من أجل الوصول الى وقف لاطلاق النار بين اسرائيل والفلسطينيين، وطالب بضرورة وضع مثل هذا الاتفاق، اذا ما تم التوصل اليه، تحت «اشراف دولي مناسب».

وكان الوزير المصري يتحدث في باريس ظهر أمس عقب لقائه نظيره الفرنسي ميشال بارنيه الذي سبق واجتمع به في دبلن أول من أمس. وأكد الوزير الفرنسي الذي تحدث عن «قلق مشترك» بين مصر وفرنسا من تطور الأوضاع بين اسرائيل والفلسطينيين وفي العراق، أنه سيزور مصر ولكن من غير أن يحدد تاريخ هذه الزيارة.

وقال ماهر ان مجيئه الى باريس جاء بـ«تكليف» من الرئيس المصري حسني مبارك لمتابعة آخر التطورات في المنطقة بما في ذلك التباحث بخصوص الاجتماعات الدولية القادمة «التي ستبحث أوضاع الشرق الأوسط» في اشارة منه الى اجتماعات مجموعة الدول الصناعية الثماني والى القمة الأميركية الأوروبية وقمة الحلف الأطلسي نهاية يونيو (حزيران) المقبل في اسطنبول. وحرص الوزير المصري على القول انه شكر فرنسا وأوروبا التي «اتخذت موقفا مؤيدا وموحدا» بتصويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة الى جانب قرار تقدمت به المجموعة العربية يؤكد سيادة الشعب الفلسطيني على الأراضي التي احتلت العام 1967 كما يشدد على عدم شرعية الاحتلال. كذلك شكر فرنسا وأوروبا للموقف الذي التزمت به في اجتماع دبلن وهو ما اعتبره وزير خارجية اسرائيل «انحيازا» أوروبيا الى جانب العرب. وقال ماهر: «الواقع أن أوروبا اثبتت انحيازها للحق والعدل والقانون والشرعية»، معتبرا أن الموقف الأوروبي «يعكس الفهم الدقيق للوضع» في منطقة الشرق الأوسط.

وأعرب الوزير المصري عن أمله في أن يكون احياء خريطة الطريق وهو ما تم عبر اجتماع اللجنة الرباعية مؤخرا في نيويورك، «يحمل في طياته عنصرا ايجابيا». غير ان ماهر ربطه بضرورة اقترانه بـ«وقف الممارسات الاسرائيلية وبالاتفاق على أسلوب لوقف اطلاق النار والعنف» بين الفلسطينيين واسرائيل. وقال ماهر ان مصر «مرتاحة» لاستئناف اللجنة الرباعية نشاطها «بعد أن كان هناك اتجاه من البعض لتهميشها» في اشارة منه الى اسرائيل والولايات المتحدة. وبرأيه، فان بيان الرباعية «أكد على المبادئ الأساسية التي يجب أن تحكم التسوية وعلى أن المفاوضات، على أساس المرجعيات والثوابت، هي الأسلوب الوحيد للتوصل اليها وليس الخطوات المفروضة من جانب واحد». وطالب الوزير المصري بأن تكون كل خطوة، (في اشارة الى مشروع الانسحاب الاسرائيلي من غزة وبعض مستوطنات الضفة)، «في اطار التحرك نحو الحل الشامل وبالتفاوض والتنسيق مع ممثلي الشعب الفلسطيني والا ستصبح المسألة عملية استعراضية يمكن الشك بأهدافها».

وأعلن الوزير المصري أنه طلب من وزير الخارجية الاسرائيلي سيلفان شالوم الذي التقاه في دبلن «استئناف المفاوضات» مع الفلسطينيين رابطا ذلك بشرطين: توقف اسرائيل عن ممارساتها ضد الفلسطينيين بما في ذلك استخدام العنف والتهديد باللجوء اليه ضد القادة الفلسطينيين والتلويح باجراءات وتدابير أحادية الجانب. أما الشرط الثاني فيتمثل بالوصول الى وقف لاطلاق النار مع الفلسطينيين «تحت اشراف دولي». وأكد الوزير المصري أن اسرائيل «حاولت كل (هذه الأساليب) وانتهى ذلك الى لا شيء وبالتالي فالتفاوض هو الأسلوب الوحيد».

وسئل الوزير المصري عن تعليقه على آخر «المقترحات» الاسرائيلية التي كشفت عنها الصحافة الاسرائيلية أول من أمس والتي تنص على وضع غزة والضفة تحت وصاية مشتركة مصرية أردنية أميركية وعما اذا كان سيلفان شالوم أبلغه بها في دبلن فأجاب: «كلا لم يبلغنا هذه المقترحات ونحن نقول ان الشعب الفلسطيني شعب واع يستطيع أن يحكم نفسه والمطلوب أن نساعده على استرداد الأراضي المحتلة عام 1967 وألا تكون هناك محاولات لاضعاف السلطة الفلسطينية أو لبث جذور الفرقة بين الشعب الفلسطيني».

مقابل ذلك، أكد ماهر أن مصر التي سعت في الماضي الى التوصل الى هدنة بين الفلسطينيين واسرائيل «مستمرة في جهودها». غير أنه طالب اسرائيل بـ«اظهار حسن النوايا». وأكد أن مصر ستقوم بجهود «بالاشتراك مع فرنسا والدول العربية والأوروبية ليتم التحرك الايجابي باتجاه البدء بتنفيذ خريطة الطريق».

وتناول الوزير المصري مطولا الوضع في العراق فأكد أن الحديث عن مشاركة قوة عربية في القوة المتعددة الجنسيات التي يمكن أن ترسل الى هذا البلد بقرار من الأمم المتحدة «سابق لأوانه». وكرر ماهر رفض مصر ارسال قوات الى العراق. غير أنه بالمقابل أكد أن وزراء الخارجية العرب الذين سيجتمعون اليوم في القاهرة «سيبحثون كل هذه الأمور ولذا لا أريد أن أعلق عليها». وبحسب الوزير المصري الذي تهاتف مع نظيره الروسي وتحادث بخصوص العراق مع عدد من الوزراء الأوروبيين في دبلن، «فليس ثمة اتفاق حول مضمون القرار الجديد الخاص بالعراق في مجلس الأمن الدولي وهناك مشاورات تجري حول ما الذي سيحدث بعد الثلاثين من يونيو». وأضاف ماهر: «لذلك هناك أفكار كثيرة تطرح وهناك بالونات اختبار واشاعات وأود أن أقول ان كل ذلك سابق لأوانه.. لأنه ما زال في مرحلة المشاورات المبدئية». ودعا ماهر الى اجتماع دول الجوار العراقي موضحا أنه تناول الموضوع مع وزير الخارجية التركي ومع الوزراء العرب الذين كانوا في دبلن ومشددا على ضرورة أن يكون الهدف «واحدا بالنسبة للجميع، أي أن يكون الشعب العراقس سيدا في وطنه المستقل الموحد».

أما في ما خص مستقبل الحضور العسكري الأميركي في العراق، فأكد الوزير ماهر أن موقف القاهرة هو أنه «يجب أن يسترد الشعب العراقي سيادته وأن تكون هناك حكومة شرعية وأن يكون القرار عائدا لهذه الحكومة». واستطرد ماهر قائلا: «نحن نطالب بانسحاب القوات الأجنبية بأسرع ما يمكن. أما كيف يتم تنفيذ هذا الأمر وتوقيته، فهو موضوع يجب أن تتخذ فيه القرار الحكومة العراقية الشرعية».

ووصف الوزير المصري عمليات التعذيب التي يتعرض لها الأسرى العراقيون في السجون بأنها «جرائم شنعاء» مطالبا الولايات المتحدة الأميركية «الى جانب ابداء الأسف» باتخاذ اجراءات سريعة ورادعة «ليس فقط لمحاكمة ومعاقبة من ارتكب هذه الجرائم بل لمنع تكرارها». واعتبر ماهر أن ما حصل «أخطر من أن يكون مجرد خرق لحقوق الانسان لأنه يعكس فلسفة وسلوكا معينين». وسئل الوزير المصري عن مصير الاصلاحات الخاصة بالعالم العربي وعما سيصدر عن القمة العربية بهذا الخصوص فأكد أن الوزراء العرب سيستأنفون اليوم في القاهرة البحث في هذا الموضوع «من حيث انتهوا اليه في تونس» في اجتماعهم الأخير.