الأمم المتحدة وأميركا ومنظمات حقوقية تتهم الحكومة السودانية بالمسؤولية عن جرائم ضد الإنسانية في دارفور

TT

في تصعيد جديد ضد السودان اتهمت الامم المتحدة والولايات المتحدة ومنظمات حقوقية عالمية الحكومة السودانية بانتهاك حقوق الانسان في ولايات دارفور بالغرب، وقالت ان الخرطوم «مسؤولة عن جرائم ضد الانسانية». واتهم تقرير صادر عن الامم المتحدة، الحكومة السودانية بأنها تتعمد تجويع المدنيين في مدينة واحدة على الاقل من منطقة دارفور، مشيرا ايضا الى حملة للتطهير العرقي وانتهاكات خطيرة اخرى في هذه المنطقة.

وأشار التقرير الذي أعد استنادا الى ما جمعته وكالات عدة تابعة للمنظمة الدولية خلال زياراتها الى مدينة كيلك في جنوب دارفور في الخامس والعشرين من الشهر الماضي الى «عدة شهادات اكدتها ملاحظات على الارض» لهذه المعلومات.

وتحدث التقرير، خصوصا عن «منع وصول المواد الغذائية في اطار استراتيجية منهجية ومتعمدة فرضتها الحكومة السودانية وقواتها الامنية على الارض». وقال «من الواضح ان المسلحين الذين يحرسون النازحين داخل بلادهم منعوا تدفق المواد الغذائية بما في ذلك المبادرات التي قام بها النازحون للتوجه الى الغابات للحصول على مواد غذائية أساسية».

ونقل التقرير عن شهادات ان المسؤول المحلي في المدينة اكد ضرورة منع النازحين بالقوة من مغادرة كيلك ما لم يدفعوا مبالغ كبيرة لقوات الامن في المكان. وتابع ان مواد غذائية ارسلت في مارس (اذار) الى النازحين «صادرها مقاتلو ميليشيا الجنجويد (الموالية للحكومة) واستخدموها لانفسهم ولجمالهم». وأكد التقرير ان النازحين يؤمنون استمراريتهم في ضوء هذه الظروف، «بحصص غذائية قليلة جدا وغير ملائمة لتتطابق مع الحد الادنى من المعايير»، موضحا ان هذه المشكلة مستمرة منذ فترة طويلة.

واضاف ان عددا كبيرا من النازحين يعيشون من بقايا مواد غذائية يحصلون عليها من قرى مهدمة، مؤكدا ان «ما بين ثمانية الى تسعة اطفال يموتون يوميا في كيلك بسبب نقص التغذية».

وتحدث التقرير عن شهادات اشارت الى ان القوات الحكومية والميليشيا الموالية لها دمرت 23 قرية تقيم فيها اتنية الفور وأكدت ان «العرب» في هذه القرى لم يمسوا بأذى. ووصف مسؤولون في الامم المتحدة هذه العمليات بأنها حملة للتطهير العرقي.

واعترفت الحكومة السودانية بوقوع انتهاكات لحقوق الانسان في دارفور لكنها نفت وجود حملة للتطهير العرقي في المنطقة التي يطبق فيها وقف هش لاطلاق النار. وعبر معدو التقرير عن قلقهم من الظروف الصحية ووضع المراكز الطبية «المؤسف وغير الانساني وغير الملائم لأي سكن». كما اشاروا الى ان عددا من النساء في المدينة تحدثن عن تعرضهن لاعتداءات جنسية مستمرة. واضاف ان الجزء الاكبر من الخدمات الطبية الاساسية غير متوفر في المنطقة.

واكد التقرير ان «كيلك واحدة من بلدات عدة في دارفور يعيش فيها مدنيون في ظروف من هذا النوع بدون ان يكونوا قادرين على الحديث عن اوضاعهم لمنظمات انسانية». وعبر معدو التقرير عن أسفهم لأن الحكومة السودانية «خيبت أمل الامم المتحدة بنفيها باستمرار خطورة الوضع في كيلك ومقاومتها بشدة الحاجة الى تدخل عبر منع الامم المتحدة من الوصول الى المنطقة». وضم فريق الامم المتحدة الذي زار دارفور مندوبين من منظمة الامم المتحدة للطفولة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الاغذية والزراعة ومكتب تنسيق الشؤون الانسانية.

من جهة ثانية، قال تشارلز شنايدر مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون افريقيا ان «التراجيديا» الانسانية في دارفور بغرب السودان تستوجب اهتماما عالميا وحذر من ان الموقف هناك يؤثر سلبا على المجهودات العريضة للوصول الى اتفاقية سلام بين حكومة السودان وحركة تحرير شعب السودان الجنوبية. وقال شنايدر في جلسة استماع في الكونغرس حضرها عدد من كبار رجال الكونغرس والذين دأبوا على انتقاد حكومة السودان ومنهم توم لانتوس، الديمقراطي اليهودي الذي وقف وراء عدد من القرارات ضد الدول العربية والاسلامية بالمجلس وبرئاسة هنري هايد وهو جمهوري، والذين ابدوا غضبا شديدا في الجلسة ضد حكومة السودان وطالبوا باتخاذ اجراءات قاسية ضدها. واعرب شنايدر عن تفاؤله بأن المراقبين قد يكونون هناك في غضون «ايام قليلة» بما يضمن توقف المعارك. لكن شنايدر قال ان الخرطوم تعيق تدفق المساعدات على المناطق في دارفور عن طريق رفض اعطاء تأشيرات دخول لرجال المساعدات واتهمهم انهم يفضلون منظمات غير حكومية عن اخرى. من جهتها، قالت منظمة «هيومان رايتس وواتش» ومقرها الولايات المتحدة امس، ان الحكومة السوادنية مسؤولة عن جرائم ضد الانسانية وعمليات تطهير عرقي في غرب السودان الذي مزقته الحرب ودعت الى ارسال بعثة تحقيق للامم المتحدة.

ودعت المنظمة ايضا في تقرير يقع في 77 صفحة الاتحاد الافريقي الى ان ينشر سريعا مراقبين لوقف اطلاق النار في دارفور وحثت الطرفين كليهما على السماح للامدادات الانسانية بالمرور في امان. وأضافت ان قوات الحكومة «اشرفت وشاركت بشكل مباشر» في مذابح وعمليات اعدام للمدنيين من دون محاكمات عادلة وحرق بلدات وقرى واخلاء قسري لمناطق سكنتها لفترة طويلة قبائل من اصل افريقي.