وزراء الخارجية العرب يعتمدون الورقة التونسية كإطار للإصلاح السياسي

مشروع قرار فلسطين يدين العمليات التي تستهدف مدنيين «دون تمييز» وترحيب برسالة بوش إلى العاهل الأردني

TT

أكدت مصادر عربية بالقاهرة ان وزراء الخارجية العرب اتفقوا في اليوم الاخير من اجتماعاتهم التحضيرية على اعتماد المبادرة التونسية للاصلاح السياسي في العالم العربي كإطار عام لخطة الاصلاحات في المنطقة مع دمج الاوراق المقدمة من مصر واليمن والاردن وقطر فيها، كما اتفق الوزراء على مشروع القرار الخاص بفلسطين والذي تتضمن للمرة الاولى ادانة العمليات العسكرية التي تستهدف مدنيين «دون تمييز» ما اذا كانوا فلسطينيين او اسرائيليين. وحول العراق دعا الوزراء الى وضع جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال من الاراضي العراقية.

واشارت المصادر الى انه سيتم اعتماد وثيقة الاصلاح السياسي التونسية كاطار عام، بينما تترك التفاصيل لكل دولة على حدة وفقا لظروفها الداخلية وثقافتها وطبيعة تدرجها وتطوره الاصلاحي. ورجحت المصادر عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب يوم 21 مايو (ايار) الجاري في تونس وقبل القمة العربية بيوم لإقرار وثيقة الاصلاح السياسي بشكلها النهائي.

وكشفت مصادر داخل الاجتماعات ان مناقشات امس كانت عاصفة، حيث اشتدت حدة المداخلات على كل كلمة ومداولاتها. وبدأت سورية التحفظات على المشروع الذي قدمه العراق، حينما رفضت صدور قرار يشيد بانجاز الدستور العراقي ورأت انه شأن داخلي لا يجوز لوزراء الخارجية العرب ان يتصدوا له، ووصلت الخلافات الى القرار الخاص بعملية السلام، حيث عارضت سورية بندا يشيد برسالة الضمانات التي ارسلها الرئيس الاميركي جورج بوش الى العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، وقالت مصادر سورية ان الضمانات التي حصل عليها الاردن ضعيفة، وكان الاردن قد طالب بالاشادة بالخطوة الاميركية.

وفيما تم الاتفاق بسهولة نسبية على وثيقة العهد كأساس لإصلاح العمل العربي المشترك بعد تعديلات محدودة، كانت الخلافات اكثر حدة فيما يخص الاصلاح الديمقراطي في العالم العربي خاصة في ظل الطرح المغربي الخاص بضرورة صياغة تشريعات جديدة وكذلك النص الخاص بوضع المرأة.

واعلن وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بلخادم ان وزراء الخارجية العرب اتفقوا في القاهرة على وثيقة حول الاصلاح السياسي في العالم العربي سترفع الى القمة، وقال بلخادم للصحافيين امس «توصلنا الي توافق حول صياغة نهائية لمشروع البيان حول الاصلاح السياسي» الذي سيصدر عن القمة بعد اقراره من القادة العرب، وكان هذا البند قد تسبب بشكل اساسي في ارجاء القمة العربية التي كانت مقررة في مارس (اذار) الماضي. وأكد أنه «تم الاتفاق على وثيقة الاصلاح وهي وثيقة مهمة ستصدر في شكل بيان سيعرض على القمة». واضاف الوزير الجزائري ان اهم ملامح مشروع البيان هو «تطوير منظومة الحكم العربية ودعم دور المجتمع المدني في مجال تعميق الديموقراطية والتأكيد على استقلال القضاء والحريات العامة وحقوق الانسان وحقوق المرأة».

وأوضح أن هناك اختلافا بين الوثيقة العربية والرؤية الاميركية للاصلاح في المنطقة المعروفة باسم «مشروع الشرق الاوسط الكبير»، وقال ان المشروع العربي «ينبع من قناعات عربية ويأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الثقافية والدينية لمجموعتنا العربية». من جهة اخرى قال مصدر دبلوماسي ان الوزراء اتفقوا ايضا على «وثيقة العهد» التي تتضمن الخطوط العريضة لتطوير الجامعة العربية والتي ستقرها قمة تونس.

واقر الوزراء مشروع قرار سيرفع للقمة حول النزاع العربي الاسرائيلي يدعو الرئيس الاميركي جورج بوش الى الالتزام بتعهداته حول اقامة دولة فلسطينية قابلة للاستمرار ويدين عمليات اغتيال القيادات الفلسطينية من قبل اسرائيل كما يدين العمليات التي «تستهدف مدنيين دون تمييز» في اشارة غير مباشرة الى العمليات الانتحارية الفلسطينية، ولا يشير مشروع القرار الى الموعد الذي اعلنه بوش لاعلان هذه الدولة في 2005.

وحسب نص مشروع القرار «يطالب القادة الرئيس الاميركي بالالتزام بما ورد في رؤيته لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة بجانب اسرائيل والالتزام بمرجعيات عملية السلام المتمثلة في قرارات الامم المتحدة ذات الصلة ومبدأي الارض مقابل السلام وعدم جواز اكتساب الاراضي بالقوة واعتبار ان كل ما يتصل بالوضع النهائي يتم التفاوض عليه بين الطرفين».

ويرحب مشروع القرار بالرسالة الموجهة من الرئيس الاميركي الى العاهل الاردني والتي تؤكد ان «الولايات المتحدة لن تستبق نتائج مفاوضات الوضع النهائي». ويؤكد مشروع القرار انه «لا يحق لاي جهة مهما كانت ان تجري اي تعديل على اي من المرجعيات التي قامت عليها العملية السلمية لغايات التنصل من التزاماتها او التراجع عما وقعت عليه من اتفاقيات». كما يشدد مشروع القرار على ان القادة «يدينون جميع العمليات العسكرية الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية والاراضي العربية والعمليات التي تستهدف المدنيين دون تمييز وكذلك العمليات التي تستهدف القيادات الفلسطينية والتي لا تخلف الا العنف والعنف المضاد» في اشارة الى اغتيال القيادات الفلسطينية.

كما اتفق الوزراء على مشروع قرار بشان الارهاب يؤكد «ادانة القادة الكاملة للارهاب بكل اشكاله واستعدادهم الكامل للتعاون والمساهمة في كل جهد لمحاربته تحت مظلة الامم المتحدة ويطالبون بضرورة عقد مؤتمر دولي في اطار الامم المتحدة لبحث موضوع الارهاب». واكد مشروع القرار «ضرورة التمييز بوضوح بين الارهاب الذي يدينه القادة وبين الحق المشروع للشعوب في مقاومة الاحتلال الاجنبي رفضا له ودفاعا عن النفس وفقا لمبادئ الشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة ذات الصلة».

وقد ناقش الوزراء امكانية ارسال قوات عربية الى العراق بعد انتقال السيادة الى العراقيين في مطلع يوليو (تموز) المقبل، ولكن وجهات النظر تباينت حول هذا الموضوع خاصة ان دور الامم المتحدة لم يتضح بعد، حسب مصادر شاركت في الاجتماعات.

وسئل الامين العام للجامعة عما اذا كان هناك اجماع على رفض ارسال قوات عربية الى العراق فاكتفى بالقول ان القمة العربية ستتخذ قرارا بشان كل ما يتعلق بالعراق، واتفق الوزراء على تشكيل ترويكا من وزراء خارجية البحرين وتونس الجزائر، وهي دول رئاسة القمة الحالية والسابقة والمقبلة، لمتابعة الوضع في العراق.

وشهدت الاجتماعات اعتراضاً سورياً على طلب العراق «تأييد الدستور العراقي» الذي تم اقراره مؤخرا، ورأت سورية ان هذا الموضوع شأن داخلي لا يستدعي صدور قرار عربي بشأنه.

وركزت بنود القرار الصادر على ضرورة وضع جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال من العراق وتوسيع دور الامم المتحدة وتشكيل لجنة عربية لمتابعة تنفيذ هذه البنود. وقال الامين العام للجامعة العربية في ختام الجلسة المسائية للوزراء اول من امس انه تم الاتفاق على عقد القمة في الموعد المقترح من تونس وهو 22 و23 مايو (ايار) المقبل.