المتهمة الرئيسية بالانتهاكات: هناك من يريد تقديمي كبش فداء للتجاوزات

الجنرال جانيس كاربينسكي تؤكد أن لديها ما تدافع به عن نفسها وأنها ليست مجرد «غبية شقراء»

TT

البريغادير جنرال في قوات الاحتياطي جانيس كاربينسكي لديها ما تدافع به عن نفسها. فهي تقول ان هناك من يريد تقديمها كبش فداء للتجاوزات التي ارتكبها الجنود الأميركيون في حق السجناء العراقيين بسجن أبو غريب. وهي التجاوزات التي حدثت عندما كانت هي مسؤولة عن 16 سجنا بالعراق والتي ارتكبها جنود كانوا تحت إمرتها. وتعتقد كاربينسكي أن مسؤولين كبارا يحاولون أن يجعلوها وجها علنيا يرمز إلى فشل القيادة.

عندما كانت طفلة تعيش بمدينة راهواي بولاية نيو جيرسي، حاولت جانيس بيم أن تقفز من نافذتها في الطابق الثاني لأن الأرض بدت لها قريبة جدا. ولكن أمها أسرعت إليها عندما رأتها إحدى جاراتها وهي تجلس على حافة النافذة. ولكن تلك الطفلة تحولت حاليا إلى جنرال أميركي بنجمة واحدة، وحققت حلمها الطفولي بالقفز من علو لا يقاس ببعد الطابق الثاني من الأرض، فقفزت بالمظلات أكثر من 110 مرات. أما عملها اليومي فهو وضع التنفيذيين الذين ترسلهم إليها الشركات قبل توظيفهم لاختبار مقدراتهم على التصرف في المواقف البالغة الصعوبة. وقالت انها لا تنحني تحت الضغوط وأن الجيش سيكتشف ذلك عما قريب. وقالت «أعتقد أنهم أخطأوا عندما أعتقدوا أننى هذه المرأة الشقراء الغبية التي لا تستطيع مواجهتهم».

وقالت كاربينسكي انها لم تكن تعلم شيئا عن المعاملة السيئة في السجون إلا عندما بدأت التحقيقات، وانها لا تتحمل أي قدر من المسؤولية مهما كانت هذه التجاوزات. وقالت ان زملاءها من العسكريين المحترفين كانوا يعاملونها على أساس أنها قابلة للاستغناء عنها ونبذها والتضحية بها وأنها عوملت من قبل هؤلاء وكأنها «مجذومة» يجب تفاديها. وقالت ان الناس الذين يتعاملون معها يعرفون أنها لا يمكن ان تفعل ذلك، ولذلك فإن ساعي البريد وقائد الطائرة، وغيرهما يأتون إليها ويقولون لها: نحن نثق فيك يا جنرال كاربينسكي.

وقالت كاربينسكي ان حقيقة أنها تكون في أفضل حالاتها عندما تتعرض للضغوط والتوتر، هي التي جعلتها قائدة ممتازة للواء 800 التابع للشرطة العسكرية. ولكن التقرير الذي يتكون من 53 صفحة، والذي كتبه الميجور جنرال أنتونيو تاغوبا، حول الانتهاكات التي حدثت في سجن أبو غريب، يوحي بغير ما تقوله كاربينسكي عن نفسها. فالتقرير يصورها كقائدة تفتقر إلى مهارات التواصل مع مرؤوسيها، وتبصم فقط على التقارير التي ترفع إليها حول هروب المعتقلين، وتقوم بزيارات قليلة جدا إلى سجن أبو غريب نفسه والذي قالت انه يبعد حوالي 35 ميلا عن رئاستها. ويقول التقرير انها قللت عدد الموظفين العاملين بالسجن، وكان إشرافها ضعيفا على ما يجري داخله، كما أنها فشلت في تذكير جنودها بما تقوله اتفاقيات جنيف حول حماية السجناء. ويوصي التقرير بإعفائها من منصبها. وقد جاء في التقرير حول مقابلة أجريت معها: «كانت البريغادير جنرال عاطفية جدا طوال الفترة التى كانت تدلي فيها بشهادتها. وما أقلقني أكثر في شهادتها هو عدم استعدادها الغريب، لتفهم أن أغلب مشاكل اللواء 800 نتجت عن، أو تفاقمت بسبب، الافتقار للقيادة الجيدة، كما نتجت أيضا عن فشل القيادة في فرض مستويات محددة، ومبادئ واضحة تحكم التعامل مع السجناء وفرضها على الجنود».

ولكن كاربينسكي ترفض هذا التقييم. وتساءلت عما إذا كان ممكنا وصف أحد الرجال بهذه الطريقة. وقالت انها تتأثر حقيقة عندما تتحدث عن جنودها وأن من حقها أن تفعل ذلك. وهي تقول انها لا تدافع فقط عن سمعتها، بل تدافع عن سمعة الآلاف من الجنود الممتازين، الذين يعملون في السجون دون أن توجه إليهم أية اتهامات أو يرتكبوا أية أخطاء.

وقالت انه في سبتمبر (أيلول) طلب بعض ضباط الاستخبارات العسكرية الإذن من سلطة التحالف بتولي الإشراف على أقسام معينة من سجن أبو غريب. وقد كانت المنطقة التي حدثت فيها هذه الانتهاكات من بين تلك الأقسام. وقالت انها ساندت ذلك الطلب من الإستخبارات العسكرية. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) قامت الإدارة العسكرية الاميركية في العراق بتحويل الإشراف على كل السجن إلى اللواء 205 التابع للاستخبارات العسكرية، ولكن جنود كاربينسكي واصلوا الإشراف على السجناء. واعترفت كاربينسكي أنها قامت بزيارات أقل بعد تلك التطورات، وذلك لأنها لم تعد قائدة للسجن ونسبة لأن لديها الكثير من الأماكن التي كان يتوجب عليها زيارتها.

ويقول تقرير تاغوبا ان الانتهاكات حدثت ما بين أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول).

وتقول كاربينسكي انها وجدت السجون مكتظة وانه لم يكن لديها أعداد كافية من الجنود لتأدية واجبها على خير وجه وأن رؤساءها تجاهلوا شكاواها حول هذا الامر عندما رفعت لهم تلك الشكاوى. وقالت «لا أستطيع أن أحصي عدد المرات التي قال لي فيها أشخاص يحملون على أكتافهم نجوما أكثر مني: «عليك أن تتصرفي يا كاربينسكي»».

وقالت كاربينسكي انه عندما كشفت الانتهاكات في سجن أبو غريب، من خلال نشرات الأخبار قرر بعض الضباط الكبار أن يقذفوا بها إلى الذئاب. وقالت «أعتقد أنهم كانوا ينصبون لي الشراك كل هذا الوقت. ويمكن أن يتضح في نهاية المطاف أن تقرير تاغوبا به ثغرات كثيرة. ولكنهم لا يعبأون مطلقا بما إذا كانت سمعتي قد دمرت تماما قبل أن تكشف هذه الأخطاء. وربما يرجع ذلك إلى كوني قابلة لأن الفظ لفظ النواة، لأنني من الجنود الاحتياط بينما هم الضباط المحترفون».

وتصر كاربينسكي على أن أحداث أبو غريب يجب ألا تنهي وظيفتها العسكرية. ولكن موقفها حاليا غير معروف. فقد تلقت رسالة توبيخ، قالت عنها انها لا تنهي خدمتها في الجيش، لأن ذلك مقصور على رسائل التأنيب الشديد. وكانت وسائل الإعلام قد أعلنت على نطاق واسع أن كاربينسكي قد أوقفت الخدمة. ولكن كاربينسكي تنفي ذلك، ويؤكد قولها هذا الميجور بيرند زولر، رئيس شعبة الشؤون العامة بقيادة الاستعداد الإقليمي رقم 77، والتي تشرف على مراقبة واستدعاء اللواء 800 عندما لا يكون في حالة التعبئة. ويقول ان كاربينسكي لم تسرح أو تجمد وأنها ما تزال قائدة اللواء 800 الذي أعيد جنوده إلى البلاد عندما انتهت فترة خدمتهم في فبراير (شباط) الماضي. ولكن لم تصدر تأكيدات لهذه الأقوال من الناطقين باسم كل من رئاسة احتياطي الجيش بواشنطن، أو المركز الإعلامي لسلطة التحالف أو من رئاسة الجيش الأميركي.

وقال الليفتنانت جنرال المتقاعد وليام أودوم، المدير السابق لوكالة الأمن القومي «لأ ارى سببا يبرئها من المسؤولية. فإذا كانت قائدة للسجون فإنها تكون مسؤولة عما يحدث في السجون».

ولكن شقيق كاربينسكي، غاي بيم، الذي عمل لمدة 12 سنة بالجيش، ينظر إلى المسالة بصورة مختلفة «إن هذا سيكون بمثابة القول ان مدير ديزني لاند، اسمه آيزنر أليس كذلك؟، يعرف ما يفعله كل مشرف على أي من ألعابه العديدة! ولكن الحقيقة أنك تعين الإدارة على المستويات المتوسطة لهذا السبب وتحملهم المسؤولية، إذ أن عليك أن تثق في مرؤوسيك».

وتعرف كاربينسكي أن جنودها هم الذين ارتكبوا تلك التجاوزات والانتهاكات. وقالت أثناء حديثها الأخير «إذا كانت لدي معلومات عن هذه الانتهاكات وأغمضت عنها عيني، فإنني كنت سأتحمل المسؤولية كاملة عن ذلك. ولكني لم أكن أعرف عنها أي شيء. لم يخبرني الجنود عن ذلك. فهل الأفضل أن تستوعب الدروس وتتحرك إلى الأمام أم الأفضل أن تزيح الناس بكل ما لديهم من خبرات متراكمة ومفيدة؟».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»