لبنان: الحريري و«حزب الله» الفائزان الكبيران في الانتخابات والخاسران الأبرز «أمل» وتيارات المعارضة المسيحية

TT

أظهرت النتائج الأولية غير الرسمية للانتخابات البلدية اللبنانية في مرحلتها الثانية التي اجريت اول من امس في محافظتي بيروت والبقاع، ان القوى المسيطرة سياسياً وانتخابياً حافظت على مواقعها التي احتلتها في الانتخابات البلدية عام 1998. وحملت هذه النتائج ثلاثة منتصرين بارزين هم رئيس الحكومة رفيق الحريري في بيروت ووزير الصناعة ايلي سكاف في زحلة (البقاع اللبناني) و«حزب الله» في بعلبك. كما حملت خاسرين بارزين هما رئيس مجلس النواب نبيه بري والمعارضة المسيحية.

ففي بيروت استطاع الرئيس رفيق الحريري ان يوصل مجلساً بلدياً كاملاً لم يخترق من قبل المعارضين خلافاً للانتخابات الماضية في العام 1998 عندما اخترق لائحته المرشح عبد الحميد فاخوري الذي انسحب هذا العام من الانتخابات. ويعتبر الفوز في بيروت للحريري وحلفائه من الاحزاب مؤشراً مهماً رغم السلبية الكبيرة التي تجلت بضعف اقبال الناخبين على صناديق الاقتراع، اذ لم تتجاوز نسبة المقترعين الـ23 في المائة من عدد الناخبين، خصوصاً في الشارع المسيحي الذي شهد شبه مقاطعة. وهذه السلبية توضع في خانة الفائزين والخاسرين على السواء. فكما لم ينجح الحريري في استقطاب الناخبين رغم كثافة الحملات لماكينته الانتخابية والتي شارك فيها شخصياً عبر حضوره العديد من المهرجانات واللقاءات الانتخابية، كذلك لم تستطع المعارضة ـ خصوصاً «التيار الوطني الحر» المؤيد للعماد ميشال عون ـ ان تجذب الناخبين المسيحيين الى صناديق الاقتراع والذين اعتبروا ان «المعركة لا تعنيهم» كما صرح العديد من المقاطعين.

وقد وصف رئيس الحكومة السابق سليم الحص الذي اعلن قبيل الانتخابات عزوفه عن المشاركة فيها ما حدث في بيروت بأن «الشعب قال كلمته في الانتخابات البلدية في بيروت»، معتبراً ان «الصوت الاعلى كان فيها صوت الذين لم يصوتوا. اما الذين اقترعوا، وهم القلة، فكان بينهم بالطبع من حكّموا ارادتهم الحرة، ولكن اكثرهم كانوا من الذين حملوا الى اقلام الاقتراع حملاً، إما بوسائل النقل او بالمال او بالاثنين معاً». وختم هازئاً «عاشت الديمقراطية».

ورأى رئيس حزب الكتائب اللبنانية وزير التنمية الادارية كريم بقرادوني ان ضآلة مشاركة اهل بيروت في الانتخابات البلدية «تدل على استيائهم من طريقة تركيب لائحة رئيس الحكومة، وعدم تمثيل الفعاليات والأحزاب السياسية المسيحية فيها»، في اشارة الى رفض الحريري دخول ممثل للكتائب في اللائحة.

يذكر ان نتائج فرز 500 قلم انتخاب من اصل 780 في بيروت اظهرت ان اول الفائزين من لائحة الحريري نال فيها 30 الف صوت، فيما نال الاول في لائحة «الكرامة والتغيير» التي يدعمها التيار العوني والحزب الشيوعي اللبناني والنائب السابق نجاح واكيم 9 آلاف صوت، فيما نال الاول في لائحة «اهل بيروت» 6 آلاف صوت.

وفي زحلة (البقاع اللبناني) رجحت المدينة اللائحة المدعومة من النائب الياس سكاف على اللائحة المدعومة من الرئيس السابق للجمهورية الياس الهراوي التي لم تحصل إلا على عضو واحد من اصل 21. وبذلك اكدت زحلة ذات الغالبية الكاثوليكية استمرار الولاء لزعامة آل سكاف التاريخية والتي لم يستطع الرئيس الهراوي (الماروني) اثبات حضوره فيها رغم سنواته التسع في سدة الرئاسة.

ولم تستطع قوى المعارضة المسيحية التي اعتمدت في لائحة واحدة ضمت «العونيين» و«القوات اللبنانية» المحظورة وحزب «الوطنيين الاحرار» احداث اي خرق رغم ضراوة المنافسة بين اللائحتين الكبيرتين.

وفي بعلبك (البقاع الشمالي) ثأر «حزب الله» من حركة «امل» التي يرأسها الرئيس بري وفرض لائحته كاملة في المدينة التي شهدت اقسى المعارك الانتخابية. وأعلن «حزب الله» عن فوزه في 28 بلدية من اصل 30 خاض الانتخابات فيها. فيما كان نصيب «امل» اربع بلديات.

ودخل «حزب الله» المدينة امس على طريقة الفاتح المنتصر، اذ جال مناصروه على متن اربع جرافات كبيرة مزينة برايات الحزب وصور قيادييه.

ولم يبتعد «حزب الله» في شرحه لابعاد فوزه عن الجانب السياسي، اذ اعتبر الانتخابات رداً على الضغوط الاميركية الموجهة ضده. وقال نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في مؤتمر صحافي عقده في بعلبك امس: «وجهت هذه الانتخابات رسالة واضحة للدوائر الاستكبارية في مستوى الالتفاف حول «حزب الله» وما يمثله من مشروع للاستقلال والحرية».

وأورد نتائج انتخابات بعلبك التي قال انها اعلنت في السراي الحكومي وفيها ان اول فائز في لائحة ابناء بعلبك التي يدعمها «حزب الله» نال 7851 صوتاً، وآخر فائز في اللائحة نال 7103 اصوات. فيما نال اول خاسر في اللائحة المنافسة (لائحة قرار بعلبك) 5312 صوتاً.

وحول العلاقة مع «امل» قال قاسم: «تنافسنا في البلدية. وتنافسنا ليس ضد الخط المقاوم، وهو شأن عادي وداخلي وعادة ما يختلف الاب مع ابنه ويستمر في الحياة».

وقال: «اتفقنا على ان نتنافس وقد نجحنا في التوافق في سحمر ولبايا ومشغرة وكانت مشاركة لـ«امل» واتفقنا مع المسيحيين والقوى الفاعلة والحزبية ونجحت اللائحة بكاملها. والتنسيق ما زال قائماً وستطبق الاتفاقات (بين الحركة والحزب) في الجنوب وحين لا يتم الاتفاق سينظم الاختلاف والبلديات اذ ليس المجال لإظهار القدرات السياسية».

وأضاف: ليست البلديات مكاناً لإبراز الاحجام وبعد ان انتهت الانتخابات سنجدد العلاقة مع «امل» من كل المواقع ومع من نستطيع ان نتعاون معه من القوى السياسية.

وعن اسباب نجاح الحزب قال قاسم: «اتصفت الانتخابات السابقة بالشحن المذهبي بين السنة والشيعة فيما اتسمت انتخابات أمس باللحمة».