وزير الدفاع الإسرائيلي يطالب بأن يتسلم الجيش صلاحية إعداد خطة الفصل المقبلة بدلا من شارون

TT

توجه وزير الدفاع الاسرائيلي، شاؤول موفاز، امس، بطلب الى رئيس وزرائه، ارييل شارون، بأن يسلمه وهيئة رئاسة اركان الجيش صلاحية صياغة خطة فصل جديدة عن الفلسطينيين وسحب هذه الصلاحية من مجلس الامن القومي، تحت قيادة الجنرال غيورا ايلاند، التابع للحكومة ورئيسها.

وادعى موفاز ان منح هذه الصلاحية للجيش سيخرج الخطة من ساحة النقاش السياسي الجماهيري وسيجعلها خطة امنية مهنية، ذات مصداقية بين الجماهير. بينما الخطة الصادرة عن مجلس الامن القومي، سينظر لها على انها خطة سياسية نابعة من حسابات رئيس الحكومة، التي لا تخلو عادة من الحسابات السياسية الحزبية. لكن اوساطاً في مكتب شارون اثارت شكوكا حول نوايا موفاز والجيش. فكان بينهم من قال ان «موفاز فزع من سقوط خطة شارون في الاستفتاء في حزب الليكود في الاسبوع الماضي فارتدع». وقال آخر ان «موفاز يحاول الالتفاف على الليكود بواسطة توريط الجيش في الموضوع السياسي». بينما يرى خصومه انه يحاول خداع الجمهور والجيش لاقحامه في خطة سياسية حزبية لا تخدم الا مصالح ارييل شارون الشخصية، وبذلك يعزز موفاز مكانته كمنافس قوي لورثائه في قيادة الليكود.

ويريد شارون ان يكون القرار في يد مجلس الامن القومي، اولا لانه خاضع لسيطرته المباشرة، وثانيا لان المجلس يأخذ في الاعتبار كل المصالح الاسرائيلية، المدنية والسياسية والخارجية والاقتصادية وليس فقط العسكرية كما هو حال الجيش. لكنه يحاول في الوقت نفسه ارضاء كل وزرائه، قدر الامكان، خصوصا بعد فشله في الاستفتاء. فهو لا يريد تكرار الفشل وينوي الآن وضع خطة، «تأخذ بالاعتبار النقاط التي اثارت غضب اعضاء الليكود» ليعرضها على حكومته بعد ثلاثة اسابيع. واصبح الآن يحتاج وزراءه اكثر من اي وقت مضى ليساندوه ويقروا الخطة في الحكومة ويمررها فيما بعد في الكنيست. فمن دون اكثرية في مجلس الوزراء، لن يستطيع التقدم بها.

وينوي شارون، حسب المقربين منه، ان يأتي بصياغة اخرى لخطة الفصل يبدو فيها انه قام بتغيير بعض البنود من دون ان يغير في جوهرها. وامر مجلس الامن القومي بأن ينتهي من اعداد الصياغة النهائية لخطته، في غضون اسبوعين، حتى يتمكن من انجاز المفاوضات مع وزرائه. ويركز شارون جهوده على الوزراء الثلاثة: بنيامين نتنياهو (المالية) وسيلفان شالوم (الخارجية) وليمور لفنات (التعليم). فهؤلاء كانوا يعارضون الخطة في الاصل. لكنهم غيروا رأيهم وايدوها، بعدما سمعوا الضمانات الاميركية لاسرائيل التي تسمح بعدم العودة الى حدود 67 او هدم الكتل الاستيطانية وتسقط حق اللاجئين بالعودة. ومع ذلك فانهم لم يشاركوا في حملة شارون الدعائية ولم يخفوا فرحتهم بفشله.

واليوم يريد شارون ان يضعهم امام مسؤولياتهم تجاه تصويتهم الاول وسيسألهم بصراحة «انتم اعلنتم عن تأييد الخطة. فهل قررتم التراجع؟!». وسيعرض عليهم النص الجديد، الذي يعتبره البعض في اسرائيل «مخففا» او حتى مقزما للخطة السابقة.

وكان نتنياهو قد رفض الخطة اول من امس مبدئيا بالقول: «المبدأ الذي يسيِّر شارون خاطئ من اساسه. فالمبادرة السياسية والخطط ليست جرابين، تحتذيهما او تبدلهما كل يوم». اي انه يرفض البحث في خطة شارون بشكل مطلق. ويستعد بذلك الى المعركة المقبلة معه.

ويدير شارون جهوده لاقرار الخطة الجديدة، حاليا، على اساس انه يريد الحفاظ على الضمانات الاميركية لانها مشروطة بتقديم خطة شبيهة بالخطة السابقة. ويقول: «اذا لم نتقدم بخطة سريعة الى الادارة الاميركية، فانها ستتراجع عن هذه الضمانات». ورفض المقربون من نتنياهو هذا المنطق وقالوا ان الادارة الاميركية تتخذ مواقفها من اسرائيل على اساس رؤية المصالح المشتركة بين البلدين والمصلحة الاميركية بشكل اساسي. ومن هذه الناحية لا يوجد خطر نشوب ازمة بينهما، على خلفية رأي مخالف لهم في اسرائيل.

يذكر ان شارون ينوي القيام بخطوات سريعة في الاسابيع القليلة اي قبل الانتخابات الاميركية التي ستجري في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وحسب معلومات صادرة من الجيش الاسرائيلي، فان قواته ستبدأ هذا الاسبوع ـ ولاول مرة بهذه الجدية وبهذا الزخم ـ في ازالة البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية، التي اصبح عددها 150، حسب تقرير لحركة «سلام الآن» الاسرائيلية.

وكانت «الشرق الاوسط» قد انفردت، امس، بالنبأ عن ان الغاء زيارة شارون المقررة ليوم الاحد المقبل جاء نتيجة الموقف الاميركي غير المتحمس. فكانت تلك رسالة اميركية الى الحكومة الاسرائيلية بان عليها ان تتخذ خطوات جدية باتجاه تحريك المسيرة السلمية.

من جهة ثانية لفت النظر تصريح ادلى به موفاز، حول اخلاء المستوطنات اليهودية في الضفة.

وكان موفاز يتكلم في افتتاح مؤتمر لنقابة المحامين الاسرائيليين فقال: «في نهاية المطاف، سوف تنسحب اسرائيل من قطاع غزة. فهذه ليست ارض الآباء والاجداد والمستوطنات. على الغالب، لن تكون قائمة هناك بعد خمس سنوات ولا اقصد فقط مستوطنات غزة، بل حتى بعض المستوطنات في مناطق اخرى».

واكد اهمية طرح مبادرة سياسية اسرائيلية بسرعة قائلا: «في المستقبل المنظور، لا يبدو اننا سنغير بشكل جوهري سياستنا ضد الارهاب. ولكننا مرغمون على إحداث تغيير في الوضع السياسي. فاذا لم نتقدم، نحن، بخطة سياسية سينشأ فراغ، وستكون هناك مبادرات اخرى لملئه. ومثل هذه المبادرات لن تكون في صالح اسرائيل».

وفي السياق نفسه، اعلن رئيس الاتحاد اليميني (تجمع 3 احزاب من اليمين المتطرف)، افيغدور ليبرمن، انه طرح خطة سياسية جديدة على رئيس الحكومة تقضي باجراء تبادل سكاني كبير بين اسرائيل والفلسطينيين «ترحيل الفلسطينيين من اسرائيل (يقصد المواطنين العرب) في اسرائيل، فلسطينيي 48، مقابل اخلاء بعض المستوطنات.

والترحيل، حسب ليبرمن، هو للاردن اولا ثم لبعض مناطق الضفة الغربية التي تظل بأيدي الفلسطينيين. ولكن بشرط ان يتم تحطيم السلطة الفلسطينية اولا والتخلص من قيادتها واقامة قيادة بديلة مستعدة للتجاوب مع اسرائيل للتفاهم معها حول الخطوات وشكل ومضمون الكيان الفلسطيني الجديد الناشئ.