الإرهاب يحد من تجاوزات المتهاونين و«المفحطين» ويقلل من امتعاض السعوديين من نقاط التفتيش الأمنية

TT

بخلاف الاستنكار والتنديد بالاعتداءات والعمليات الارهابية التي شهدتها السعودية اخيرا، وجد السعوديون انفسهم منساقين مع متغيرات ايجابية انسجاما مع الاوضاع الراهنة، وتحول ضجرهم وامتعاضهم من نقاط التفتيش الأمنية، التي تسبب عرقلة المرور، الى حاجة ضرورية باعتبارها الوسيلة الافضل للقبض والقضاء على الهاربين من عناصر الخلايا الارهابية.

وبخلاف الدعوات المتكررة لأسر عدد من المطلوبين بتسليم انفسهم، والتي عكست عدم القناعة والقبول بتصرفات وأفعال فئة وقعت تحت تأثير تيارات متطرفة، فقد كشف حجم المكالمات الهاتفية مع الرقم الذي خصصته وزارة الداخلية للتبليغ عن المطلوبين حجم الوعي لدى المواطنين، كما ان رجل الأمن الذي كان موضع لا مبالاة لدى البعض اصبح يحظى بالتقدير والاحترام.

وعلق مطلق البقمي على ذلك قائلا «المجتمع شعر بصدمة بعد ظهور عدد من أبنائه بثوب جديد لم يألفه بعد ان خلعوا عباءة الطيبة والاعتدال والتوسط وارتدوا عباءة الارهاب والعنف والغلو والتطرف وقتل الابرياء وترويع الآمنين. وبعد تكشف هذه الحقائق لم يعد هناك مجال للاستغراب من تثمين المواطنين لدور رجال الأمن بعد التضحيات الكبيرة التي قدموها من اجل الوطن والمواطن لاقتلاع الارهاب من الجذور ودفن الفئات الشاذة في الجحور».

وأكد عبد الله قدري ثقته الكاملة في الاجهزة الأمنية بقوله «الخارجون عن القانون ليس امامهم سوى خيارين: الموت او التراجع. والفرصة لا تزال مواتية امام بقية المطلوبين لتسليم انفسهم، من اجل صالحهم واستجابة لدعوات وزارة الداخلية المتلاحقة بالتراجع والتسليم واستثمار الفرص الممنوحة، لأن الأكيد وما يلمسه الجميع هو ان السلطات الأمنية السعودية ستواصل بقوة وحزم جهودها لضبط جميع الخلايا الارهابية وكل من يساهم بدور في تكوينها او تمويلها او التستر عليها».

وقال البقمي «من دون شك فقد ساهمت الاحداث الاخيرة في رفع الوعي الأمني لدى الناس واصبح الجميع يتحلون بروح وطنية حقة وحس أمني اصيل، وكما كان للأعمال الارهابية والتفجيرات التي شهدتها السعودية وقع مؤلم واستنكار كبيرين، فقد فزع المواطنون ايضا لما اصاب أبناءهم من رجال الأمن».

الطريف هنا هو ان الوعي الأمني شمل ايضا المتهاونين في احترام الانظمة المرورية و«المفحطين»، حيث اعترف الشاب خالد الدوسري ان التطورات الاخيرة اجبرته على التخلي عن ممارسة «التفحيط» التي كان يجد في مزاولته متعة كبيرة، قائلا «التفحيط وان كان يرى البعض انه تصرف خاطئ كان يعتبر بالنسبة لي هواية ممتعة، وكنت اتلذذ في الفرار من الدوريات الأمنية طوال الاعوام السابقة، وفي الآونة الاخيرة ادركت ان الهروب وعدم التوقف في حال طلب الاجهزة الأمنية يعني انني سأكون موضع اشتباه وعرضة للملاحقات العنيفة المختلفة التي لم يكن لأزيز الرصاص فيها حضور، واصبحت من اكثر المتقيدين بالانظمة المرورية والتعليمات».

ويضيف «أستذكر هنا حادثة طريفة تعكس مدى التزامي واحترامي للأجهزة المرورية وقعت قبل ايام اثناء جولة ليلية بسيارتي مع الاصدقاء في أحد شوارع الدمام، حيث راودتني المخاوف بعد ان لمحت في المرآة العاكسة ضوء وصوت انذار سيارة أمنية، وتوقعت ان الامر يتعلق بمخالفة او تعميم يخص مخالفاتي السابقة، وعلى الفور لم اتردد في التوقف، وتنبهت على ضحكات مجلجلة من رفاقي بعد ان تكشف للجميع ان السيارة تابعة للهلال الأحمر وليس للشرطة او المرور، حيث اطلقت صفيرها لتشق طريقها بين السيارات».

وقال مبارك محمد الودعاني، انه لم يعد يفكر اطلاقا فيما كان يقوم به من تصرفات مراهقة في الفرار من الدوريات الأمنية، وتجاوز الاشارات المرورية من دون اكتراث كما كان في السابق واضاف: «الوضع الأمني الراهن لم يعد يحتمل المزاح فقد ودعت الطيش بلا رجعة، واذا لم اقدم العون والمساعدة لرجال الأمن فعلى الاقل عليّ تثمين جهودهم والكف عن القيام بما يمكن ان يلحق بي الضرر ويسبب المتاعب للآخرين».