سعوديات يأملن في مقاعد ثابتة في مجلس الشورى

TT

«البرلمانات العربية يوجد فيها عدد قليل من النساء لكن لماذا لا نسير مع التيار فماذا ينقص المرأة السعودية؟»، هكذا تتساءل الكاتبة الدكتورة ليلى زعزوع، الأستاذ المشارك في جامعة الملك عبد العزيز، وهي تتأمل مشاركة المرأة السياسية بالدولة، فمنذ سنوات والمرأة السعودية تحلم بالانضمام الى مجلس الشورى، وهو حلم نابع من ضرورة مشاركتها في مناقشة قضاياها وقضايا المجتمع السعودي مما يتم نقاشه على طاولة المجلس. وتقول «حقا ان المرأة دعيت غير مرة للمشاركة في بعض القضايا التي تخصها إلا أنها كانت مشاركة متواضعة أمام إمكاناتها وطاقتها الفكرية والعلمية التي وصلت إليها، فلماذا تأخرت حتى الآن خطوة انضمامها الى مجلس الشورى رغم مشاركاتها الفعالة في المؤتمرات العالمية». وتضيف الدكتورة ليلى ان «دخول المرأة ضرورة ملحة ولها حق كالرجل وما الفرق بين حضورنا للندوات والمؤتمرات العلمية والثقافية ولا نناقش في مجلس الشورى.. أتعجب لذلك».

وترى الدكتورة ليلى أن الحاجة الاجتماعية لدور المرأة الفعال أصبحت لا بد منها، وقالت «اعتقد أن بدء ظهور مؤسسات المجتمع المدني وآخرها هيئة حقوق الإنسان يدفعنا إلى تفعيل دور المرأة في معقل القرار»، مشيرة الى ان مجلس الشورى هيئة تناقش مختلف القضايا في المجتمع بما فيه قضايا المرأة.

وفي السياق ذاته ، قالت الدكتورة فاطمة إلياس، الأستاذ المشارك بكلية التربية للبنات في جدة، «ان للمرأة الحق في أن تدلي بدلوها في شتى جوانب النقاش، وأن يكون لها ثقل ووزن في ترجيح كفة جميع الحلول المطروحة أو رفضها مثلها مثل الرجل، فمن غيرها لا يمكن أن يُناقش في تفاصيل قضاياها التي قد لا يستوعبها الرجل ولن يكون ذلك إلا بعضوية شرعية في مجلس الشورى». واوضحت الدكتورة فاطمة «هذا لا يأتي إلا من خلال اعتراف ضمني بحتمية حضورها وتفاعلها مع الأحداث والقضايا المطروحة على طاولة النقاش».

واضافت قائلة «مع وصول المرأة السعودية للمناصب المسؤولة والدرجة العلمية والخبرة العملية والقدرة الفكرية يتزايد طرح هذا المشروع مع اقتراب الحوار الوطني الثالث الذي سيعقد في المدينة المنورة لمناقشة قضايا المرأة والتعليم».

وتساءلت الدكتورة فاطمة الياس عن الأسباب التي جعلت المرأة مستبعدة من عضوية مجلس الشورى والمشاركة الفعلية فيه كل هذه السنوات رغم إقرار التاريخ الإسلامي بهذه الأحقية لها، وتمثل ذلك في مشاورة الرسول صلى الله عليه وسلم لأم سلمى في يوم الحديبية، واستشارة عمر بن الخطاب للنساء، وجوابه عند سماعه رأي امرأة قائلا «أخطأ عمر وأصابت امرأة»، واضافت متسائلة «أيمكن أن يكون ذلك بسبب التفكير السائد القائم على عدم قدرتها في تحمل المسؤولية الذي انطلق مع تعزيز العادات والتقاليد لإقصائها في المجتمع؟».

ومن جهته قال الكاتب والأديب سعد البواردي، المسؤول السابق عن الملحق الثقافي الإعلامي في كل من لبنان والقاهرة، إن «المرأة كالرجل تماما لا أحد يميز أحدهما عن الآخر إلا في التركيبة الفسيولوجية، فكلاهما يمتلك الإحساس بالمسؤولية والمشاركة في بناء المجتمع، ولأن الأمر شورى فإن إسهام المرأة في نشاطات مجلس الشورى مهمة ومرغوبة بالذات لا سيما ازاء الاشياء التي لها خصوصية تتعلق بشؤونها وشجونها لأنها الأقدر من الرجل في تناول كل ما له علاقة بالأسرة والمجتمع والطفولة واحتياجات الجيل القادم. أليست هي الأم والمربية الأولى والمدرسة؟».

لكن الدكتورة فاطمة إلياس لا ترى دخول المرأة لمجلس الشورى فقط من منطلق المشاركة الفعلية في قضاياها الخاصة أو أن يتم تهميشها في جوانب مفصولة عن المجتمع، وقالت «دخولها ضرورة لمجلس الشورى ولكن لا أن يهمّش دورها لينحصر في قضايا الزواج والطلاق وغلاء المهور، فهذه في نظري مشاكل هامشية طارئة تطال مساوئها كل أفراد المجتمع وليس هي فقط». ويرفض الكاتب نبيل زارع أن يكون المبرر لدخول المرأة لمجلس الشورى، وحصولها على عضوية شرعية فيه، نابعا من ضرورة مشاركتها في قضايا الأسرة والطلاق والقضايا الاجتماعية التي تخصها وإنما «هناك مواضيع مهمة وعامة تصبح بها المرأة عضوا فعالا، مثل القضايا التجارية والاقتصادية والتخطيط. فنحن لا ننسى أن هناك سيدات أعمال ولديهن منشآت سواء صغيرة أو كبيرة تعليمية أو غيرها وهذه المشاريع بطبيعة الحال لها مساهمة اقتصادية فعالة في بلادنا».

وترى الدكتورة ليلى زعزوع أن مشاركة المرأة في مجلس الشورى كانت ستتم لو فتح لها المجال كما هو حاصل الآن في هيئة الصحافيين، والسماح للمرأة في المشاركة الفعلية فيه. وتذهب الدكتورة فاطمة الياس إلى القول «أتمنى ألا يكون دخول المرأة مجلس الشورى دخولا صوريا مثله مثل تسليمها بعض القيادات في إدارة التعليم للبنات، إذ يجب التحرر من هذه النظرة الأحادية للمرأة وأن يكون حضورها ودورها مرهونا بأهليتها للقيادة ووطنيتها وصدقها. فالمرأة مثلها مثل الرجل من حيث وضوح الأهداف والكفاءة» لذلك ترى الدكتورة فاطمة أن المعيار الأساسي للمفاضلة بين المرأة والرجل لا ينبغي أن يخضع «لإشكالية الذكر والأنثى بل للمؤهلات الشخصية والعلمية والفكرية حتى نصل في شتى مجالات حياتنا الى نتائج رائدة». أما الدكتورة ليلى فطموحها وطموح الكثيرات من المثقفات والفاعلات في المجتمع السعودي يصل إلى التفاؤل في إمكانية وصول المرأة لأن تكون وزيرة وذلك من خلال نظرتها الاستشرافية لمستقبل المرأة السياسي خاصة بعد وصول الدكتورة ثريا العبيد الى أكبر منصب تصل إليه امرأة سعودية عربية في العالم. وتقول «أتوقع أن تكون المرأة وزيرة، وبالذات في وزارة التربية والتعليم وفي القطاعات المختلفة التي تشغل المرأة النسب الكبرى فيها».

فهل يمكن أن يحقق الحوار الوطني الثالث بالمدينة المنورة آمال وطموحات المرأة السعودية في مجتمعها وفق قدراتها وإمكانياتها، أم ستظل تبرز صوتها فقط في حدود المطالبة بحقوقها؟

هذا ما سيجيب عنه الحوار الوطني المقبل.