ندوة «العولمة وأولويات التربية» في الرياض تطالب باستراتيجية لتطوير المدرسة وتطبيق التعليم الشامل

TT

«العولمة ليست كلها شر»، هذا أبرز ما خلصت اليه ندوة عقدت أخيراً في الرياض عن العولمة وأولويات التربية، نظمتها كلية التربية في جامعة الملك سعود بالتزامن مع اجتماع عمداء كليات التربية في العالم العربي.

وفتحت الندوة آفاقاً ايجابية وميادين للتنافس ويسرت وسائل للوصول إلى الآخر، ومكنت من فتح آفاق ومجالات للحوار، وقدمت فرصاً وإمكانات سوف توقظ الكثيرين من رقادهم وتمكن من الاستجابة للتحدي والنهوض.

وشددت الندوة على أن العولمة واقع لا يجدي معه أسلوب الرفض التام، فهي تيار بدأ بالمجال الاقتصادي وامتد إلى مجالات أخرى منها المجال السياسي والثقافي، وهي واقع يعد حقيقة ماثلة أمامنا لا مجال لإنكارها.

ولفتت الندوة إلى عدم وجود تأثير مباشر للعولمة بمفاهيمها وقيمها على المناهج التعليمية، وأكدت الدور الفاعل للشبكة العالمية للمعلومات لتوفير المعلومات المختلفة للمتعلمين والباحثين لغرض تعزيز التعليم والتعلم، وهي المعلومات التي تساهم في خلق الأفراد المبدعين القادرين على الابتكار في المجالات المختلفة.

ودعت الندوة إلى تطبيق التعليم الشامل في المنهج التربوي، وهو نمط من الإصلاح التعليمي يهدف إلى أن يبث في داخل المقررات الدراسية نفسها منظوراً عالمياً في التربية لمواجهة الظواهر السلبية في العالم، وذلك كاستراتيجية تربوية في مواجهة تأثيرات العولمة في العصر الحديث.

وبينت أن التربية هي خط المواجهة الأول لتفادي آثار العولمة التي تنشط الأدبيات إليها باعتبارها هيمنة غربية ومشروعاً أميركياً تحديداً يراد من خلالهما فرض الهيمنة الكاملة على العالم العربي والإسلامي باسم العولمة.

وأوصت الندوة بأهمية إبراز عالمية الإسلام في أخلاقه وقيمة والعمل على دفع الشبهات عنه، وتطوير المناهج التعليمية لمساعدة الطلاب على فهم أكبر للعولمة وكيفية التعامل معها، وتطبيق فكرة التعليم المتوائم الذي يمكن بواسطته تحقيق التكامل بين الخصوصية الثقافية ومتطلبات المنظومة العالمية، وتزويد المناهج الدراسية بأنشطة تكنولوجية تكسب القدرة على الاستخدام المفيد للمعلومات في غرس سلوكيات حب الاستطلاع العلمي لدى الطالب، وتنمية الفكر الناقد من خلال المناهج التعليمية لتحقيق التفاعل الايجابي مع ثقافات الآخرين قبولاً أو رفضاُ، مع ضرورة تأكيد المناهج الدراسية على طرح مفاهيم التعليم الذاتي ودعم إجراءاته من خلال التركيز على الطالب والاهتمام بدوره الفاعل ومشاركته المباشرة في التعليم، وإعطاء مساحة مناسبة في المناهج الدراسية، وفي مختلف التخصصات لدراسة التاريخ والفكر الإنساني بصفة عامة والعربي والإسلامي بصفة خاصة وعن طريق أسلوب الحوار والعقلية الناقدة النافذة.

ولفتت التوصيات إلى أهمية إدراج موضوع العولمة ضمن الموضوعات التي تُدرس لطلاب الجامعة، مع العمل على محو الأمية التكنولوجية لطلاب التعليم العالي.

وشملت التوصيات ايضا ضرورة إعداد المعلمين وتدريبهم لمواجهة التحديات بمختلف أشكالها، وعقد ورش عمل لتدريب المعلمين حول توظيف عصر العولمة وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في مجالات التعليم المختلفة، وتنمية فهم أعمق للمجتمع والمتغيرات العالمية المعاصرة التي أحدثتها العولمة، مع تشجيع المعلمين على الابتكار والتجديد في عمليات التعليم والتعلم، وتوفير البرامج التدريبية التي تساعدهم على التحول من كونهم ناقلين للمعرفة إلى مشاركين ومطورين لها، قادرين على التفاعل مع تحولاتها.

وشددت الندوة على ضرورة توفير الخدمات التي تقدمها تقنية الاتصالات والمعلومات في الفصول الدراسية، وما يتطلب ذلك من إعادة تنظيم وتجهيز قاعات الدراسة والمكتبات بحيث تتاح الفرص أمام الطلاب للاستفادة من تلك الخدمات في دراستهم.

وأشارت توصيات ندوة «العولمة وأولويات التربية» إلى أهمية الاهتمام في المدارس السعودية بمهارات التفكير الإبداعي باعتباره عنصرا رئيسيا في منظومة الثقافة الدينية الإسلامية، وذلك عن طريق توفير بيئة تعليمية إبداعية، وتبني استراتيجية بعيدة المدى لتطوير المدرسة تنطلق من تحليلات دقيقة ومن فهم لمتطلبات مجتمع المعرفة والمعلومات يشارك في صياغتها مختلف أطراف العملية التربوية ومؤسسات المجتمع ذات العلاقة تعتمد على إعادة هيكلة البنية المعرفية للمدرسة ووسائل إيصالها، ويرتبط تطويرها باعتماد التقنيات والوسائط والبرمجيات الحاسوبية، وتطبيق استراتيجية التعليم الشامل، وتوحيد المرجعية للمؤسسة التربوية والإعلامية، مع التأكيد على دور مؤسسات المجتمع المدني في تحصين الشباب ضد آثار العولمة.