«التفحيط» ظاهرة تغزو شوارع المدن السعودية وروادها يروّجون لأنفسهم إعلاميا عبر شرائط الفيديو

TT

بات من غير المستغرب احتشاد جموع غفيرة من الشباب السعودي كل نهاية أسبوع في شوارع معينة في المدن السعودية لمشاهدة «التفحيط»، وهي عملية التلاعب بالمركبة، والدوران أو التماوج بها يمينا أو يسارا بعد الانطلاقة بسرعة جنونية مميتة. وتكثر هذه المناظر بشكل جلي في شوارع «البراميل» و«الفروسية» و«الغروب» في العاصمة السعودية الرياض، التي تعد من أشهر الأماكن التي يمارس فيها «التفحيط». ومن المؤلم أن ينتهي هذا التجمهر غالبا بوقوع ضحايا سواء بين المشاهدين أو المفحطين.

وتكمن الخطورة في قيام المفحطين بالترويج لأنفسهم إعلامياً بالاتفاق مع محلات الفيديو لترويج أفلام ممارستهم للتفحيط مما يزيد من شهرتهم وكذلك استفادتهم ماديا. من جانبه استطلعت «الشرق الأوسط» عددا من المستثمرين في مجال الفيديو والتصوير والتقت بعض الشباب من محبي مشاهدة «التفحيط»، وقال مدير أحد محلات الفيديو «نعلم أن الترويج لمثل هذه الأفلام مخالف للأنظمة، ومع ذلك تجد أغلب محلات الفيديو أن لم يكن جميعها، تبيع أفلام التفحيط التي تشهد إقبالا واسعا من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و35 عاما»، مشيرا إلى أن أسعار الأشرطة تباع بمبلغ 40 ريالا ( 10.6 دولار) للفيلم.

وعن أشهر هذه الأفلام أوضح مدير الفيديو أن هناك أفلاما كثيرة لاقت نجاحا باهرا أبرزها فيلم «الإرهابي» بجزأيه الأول والثاني، وأيضاً شريط التفحيط «عزوز» الذي وصلت اجزاؤه إلى 6.

وتباينت آراء بعض الشباب السعوديين حول الترويج لأشرطة «التفحيط» من قبل محلات الفيديو بين مؤيد ومعارض لها، وقال مشعل بن جريس إن مثل هذه الأفلام ستؤثر على المراهقين سلباً مما يجعلهم يمارسون التفحيط، وبالتالي تفاقم مشكلة انتشار «التفحيط»، الامر الذي يزيد من كثرة حوادث السيارات المميتة كما حدث لأحد المفحطين الذي فقد السيطرة على السيارة ليدهس سبعة أشخاص.

وعزا سبب مشاهدة غالبية الشباب لـ«التفحيط» الى عدم وجود أماكن يذهب إليها الشباب في ظل اقتصار المنتزهات على العوائل فقط، وعدم وجود أماكن ترفهية للشباب.

بينما خالفه الرأي تركي فهد، الذي قال إن بيع أفلام «التفحيط» يعتبر شيئا إيجابيا بالنسبة له ذلك انه يتعلم فنون التفحيط من خلال مشاهدة أفلام للمفحطين المشهورين حيث يأمل أن يكون أحدهم في المستقبل.

واعتبر ان من يطالب بمنع هذه الأفلام يعتبر مخطئا حيث أن محلات الفيديو ملئية بأفلام «الأكشن»، التي توجد بها مطاردات بالسيارات ولم نسمع أحداً طالب بمنعها.

وقال عبد الرحمن العريفج إن كثيرا من أصدقائه يقتنون أفلام التفحيط، ويعزون ذلك الى ما تتضمنه الافلام من إثارة خاصة أنها واقعية، مما يجعل الشباب يقبل على شرائها نافيا تحفظه على مثل هذه الأفلام كون التفحيط له أضرار كبيرة على الشباب سواء من الناحية الأخلاقية أو الاقتصادية، مشيرا الى أن السيارات المستخدمة في «التفحيط» غالبا ما تكون مسروقة أو مستأجرة من أحد شركات تأجير السيارات، ونادرا ما تكون السيارة ملكا للمفحط. ويتذكر العريفج حادثة مفجعة وقعت في إحدى ليالي «التفحيط» عندما اصطدم شاب بسيارة قادمة فنتج عنها وفاة ثلاثة اشخاص بينهم طفلان.

وقال أحمد البدر إنه يقضي غالبية وقته في مشاهدة «التفحيط» سواء في مواقع «التفحيط» المشهورة أو عن طريق الأفلام.

واضاف أن أشقاءه الصغار يتابعون أفلام «التفحيط»، مستبعدا أن تؤثر هذه الأفلام سلبا عليهم كونها لا تدعو إلى الرذيلة، معتبراً أنها أفضل من الافلام السينمائية التي تدعو غالبيتها إلى ما يفسد الاخلاق ومليئة بالعري. من جانبه، يقول البروفيسور سعيد دبيس، أستاذ علم النفس بجامعة الملك سعود إن «التفحيط» نوعان: الأول يحدث داخل المدينة قرب مدارس البنات والأسواق، والهدف منه هو لفت انتباه الجنس الآخر. مشيرا الى ان هذا النوع من «التفحيط» غير أخلاقي ويجب محاربته لأنه يمثل هدما للاخلاق وقيم المجتمع، حيث تحصل من خلاله مفاسد كبيرة لعل أولها الخلوة غير الشرعية وأيضاً اختطاف الفتيات.

وأضاف الدبيس «هناك تفحيط يمارسه الشباب في أماكن بعيدة عن المدينة ويجتمع الشباب لممارسته أومشاهدته»، معتبرا ان هذه العملية رياضة إذا ما هذبت».

وبشأن تحليله لسلوك المفحطين قال:«إنهم فئة تحاول أن تثبت ذاتها للفت النظر لموهبتها في التعامل مع السيارات»، ونبه الجهات المسؤولة للاستفادة من المفحطين المشهورين للتعاون مع رجال الأمن في مطاردة الخارجين عن القانون.