مصادر لبنانية تؤكد أن الطيار الإسرائيلي آراد قتله محتجزوه انتقاما لغارة الكومندوز على ميدون

TT

يتأكد المؤكد، بنهاية الاسبوع الحالي، بإعلان اسرائيل تحققها من وفاة طيارها المفقود في لبنان منذ العام 1986، رون آراد، اثر اسقاط طائرته فوق مدينة صيدا بجنوب لبنان.

ومن شأن الاعلان الاسرائيلي المتوقع بنهاية الاسبوع ان يمهد الطريق لاجراء عملية تبادل ثانية بين اسرائيل و«حزب الله» تشمل عميد الاسرى اللبنانيين سمير القنطار وأسرى عرباً وفلسطينيين في اسرائيل في ضوء «رغبة متبادلة» بين رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون و«حزب الله» في اتمام عملية التبادل.

وكان الوسيط الالماني ارنست اورلاو قد حمل معه الى اسرائيل عظاماً قيل انها تعود لآراد. وتردد ان نتائج فحص الحمض النووي (دي. إن. آي) كانت ايجابية وهو ما يحسم الجدل حول مصير هذا الطيار الذي انتقل بعد اسره من يد تنظيم لبناني الى آخر حتى فقد أثره تماماً في يونيو (حزيران) 1989.

فما هي قصة رون آراد؟

سقطت طائرة رون آراد، وهي من طراز «إف ـ 14»، خلال إغارتها على مواقع فلسطينية في محيط مدينة صيدا بجنوب لبنان عام 1986. وقيل آنذاك ان الطائرة اسقطت بطريقة «بدائية»، إذ اصابتها قذيفة صاروخية اطلقها مقاتلون فلسطينيون من التلال المشرفة على المدينة، بينما كانت تحلق على علو منخفض جداً.

وقد قفز ملاحا الطائرة بالمظلات في منطقة تسيطر عليها حركة «امل» التي كانت تخوض حربا ضروسا مع الميليشيات الفلسطينية. وفيما استطاعت الطائرات الاسرائيلية ان تضرب طوقاً نارياً حول الطيار الثاني وتمكنت من انقاذه، كان نصيب آراد الوقوع في أيدي مقاتلي الحركة الشيعية الذين نقلوه الى بيروت على عجل بسيارة اسعاف، حيث وضع في عهدة «جهاز الأمن المركزي» الذي كان يرأسه مصطفى الديراني. واللافت ان آراد لم يحتجز في سجن عادي، بل في منزل «ابو علي»، وهو الاسم الذي يعرف به الديراني، حيث عولج من اصابة طفيفة في كتفه لحقت به جراء هبوطه بالمظلة وحيث تمكن من «اللعب مع ابن الديراني والتحدث مع زوجته زينب» فيما بقي الحراس على مداخل المنزل.

وبعد اقل من سنة كان آراد على موعد مع الانتقال من عهدة «امل» الى عهدة «حزب الله» القوة الشيعية الناشئة آنذاك والمتأثرة بافكار الثورة الايرانية والتي كان يتزعمها الشيخ صبحي الطفيلي. وكان من نتيجة الصدام بين الطرفين سقوط معظم الضاحية الجنوبية لبيروت في يد الحزب بعد معارك سريعة عام 1987. وسقطت المنطقة التي يسيطر عليها الديراني من دون قتال، كما انه انشق عن «امل» وانشأ «المقاومة المؤمنة»، حيث حظي برعاية الحزب من دون ان ينتقل اليه كما فعل بعض كوادر «امل». ونقل آراد الى البقاع في صندوق سيارة لعناصر من اتباع الديراني وذلك بعد تنويمه.

وبعدها بعام اختفت آثار آراد. وفيما نقلت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية عن الديراني من سجنه قوله ان «حراس الثورة» الايرانية «خطفوه» منه، اطل الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ حسن نصر الله ليقول ان اخبار آراد انقطعت منذ معركة ميدون التي حصلت عام 1988. وميدون هي بلدة صغيرة في البقاع الغربي (شرق لبنان) اصطدمت فيها قوة كوماندوز اسرائيلية مع مجموعة من 19 مقاوماً من «حزب الله»، مما أدى الى مقتل عدد من ضباط وافراد القوة بينهم المراسل العسكري للاذاعة الاسرائيلية. وقد دارت اثر العملية معارك واسعة استخدمت فيها اسرائيل قوة نارية كبيرة أدت الى سقوط 18 مقاوماً وأسر واحد وتدمير بيوت القرية السبعين.

وذكرت معلومات ان هناك مخاوف جدية من ان يكون آراد قد قتل على ايدي بعض حراسه بعد «فورة دم» سببها مقتل انسباء لهم في معركة ميدون. وأفادت بأن الشبان الذين «تسببوا» بمقتل آراد عمدوا الى دفنه في جرود بلدة النبي شيت في البقاع، حيث كان محتجزاً واخفوا آثاره كلياً.

واشارت المعلومات الى ان مسؤولي الحزب أوهموا بأن المخابرات الايرانية «اخذت» آراد للتحقيق معه واستعماله ورقة مساومة في قضية اختطاف اربعة دبلوماسيين ايرانيين من قبل «القوات اللبنانية» عام 1982 وتسليمهم الى اسرائيل، لكن الحقيقة تبينت لمسؤولي الحزب لاحقاً عندما اتى وفد ايراني لزيارة امين عام الحزب آنذاك، الشيخ صبحي الطفيلي، للبحث في قضية آراد بعد احراز تقدم في مفاوضات كانت ايران تجريها مع أطراف غربية. ولم يمكن بعدها التحقق من مكان دفن آراد لأن حراسه المفترضين لم يعودوا في متناول قيادة الحزب لأسباب لم تتضح.

ومع عودة الحديث عن مفاوضات التبادل باشرت قيادة الحزب الحالية عملية بحث واسعة عن موقع دفن جثة آراد تمهيداً لاستخدامها في المفاوضات. وقد استمرت عملية البحث ـ وفق المعلومات ـ لأكثر من شهرين وتكللت بالنجاح، على الاقل في انتظار تحقق اسرائيل من هوية صاحب العظام.