في ما يبدو أنه تطبيق للسياسة المتشددة ازاء الائمة المشتبه في علاقاتهم بمجموعات متطرفة او ارهابية، اعتقلت أجهزة الأمن الفرنسية إمام مسجد «السلام» في أرجنتيل، الضاحية الشمالية الغربية لباريس، العراقي علي يشار. وكانت وزارة الداخلية قد أصدرت في فبراير (شباط) الماضي قرارا بإبعاد علي يشار، رغم تمتعه بوضعية لاجئ سياسي. وأكدت أمر الطرد محكمة إدارية فرنسية في نهاية مارس (آذار) الماضي. ويأتي احتجاز الإمام العراقي المتهم بالانتماء الى التيار الأصولي السلفي وتوجيه تهمة التمرد وعدم تنفيذ أوامر المحكمة كتمهيد لإعادة تفعيل أمر إبعاده عن الأراضي الفرنسية. ومع هذا التوقيف، تعود مسألة الأئمة المسلمين في فرنسا الى الواجهة وتتأكد أكثر رغبة السلطات في اللجوء الى حلول «جذرية»، فبعد الإمامين الجزائريين عبد القادر بوزيان الذي طرد الى الجزائر في 21 أبريل (نيسان) الماضي وفيصل عياشي الذي أوقف الأربعاء المنصرم تمهيدا لطرده مرة ثانية بعد أن أبعد عن فرنسا مرة أولى العام الماضي، ثم الإمام التركي مدحت غولر الذي رفض المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية طلب لجوئه السياسي الذي كان قد تقدم به، أملا في تعطيل أمر الترحيل الصادر عن وزارة الداخلية بحقه، تبدو حالة علي يشار مندرجة في سياق النهج الجديد الذي تتبعه وزارة الداخلية الفرنسية.
وكان وزير الداخلية دومينيك دو فيلبان قد جعل من معالجة مسألة الأئمة أولى أولويات وزارته التي هي، في الوقت عينه، وزارة الشؤون الدينية والعبادة. وأنشأ وزير الداخلية «لجنة من الخبراء» كلفها مهمة التفكير بالحلول الممكنة لدرء الواقع الحالي المتمثل بالحاجة الى «استدعاء» أئمة أجانب تأتي غالبيتهم من الجزائر والمغرب وتركيا بسبب النقص الحاصل في الأئمة الذين درسوا وتدربوا في معاهد موجودة في فرنسا.
وأمس، عقدت هذه اللجنة، وفق ما نقلته صحيفة «لوموند»، اجتماعها الثاني في ضاحية سانت أوان، الواقعة شمال باريس. وتضم «لجنة الخبراء» جامعيين فرنسيين معروفين مهتمين بالشؤون الإسلامية ونائب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد بشاري وعضو آخر في المجلس اسمه أريك جوفروا ناهيك عن شخصيات إسلامية تمثل مسجد باريس الكبير الذي يشرف عليه الدكتور دليل بوبكر، رئيس مجلس الديانة الإسلامية واتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا وهو أقوى أطراف المجلس وأوفرها حضورا في كل المناطق الفرنسية. ويرأس الاتحاد المغربي الحاج تهامي بريز فيما يشغل أمينه العام فؤاد علوي منصب نائب رئيس مجلس الديانة الإسلامية.