الحرب في دارفور تهدد تجارة الصمغ العربي في السودان وأكبر المتضررين الولايات المتحدة

TT

القرويون هم اكثر من عانى من الحرب الحالية في دارفور بغرب السودان. ولكن على الرغم من بعد هذا النزاع جغرافيا، فإن المسلحين الذين ينهبون ويحرقون القرى ويروعون السكان المحليين قد اثاروا قلق بعض الاعمال التجارية في الولايات المتحدة. هذه الهجمات، التي تعتبر جزءا من نزاع اندلع في اقليم دارفور بغرب السودان منذ مطلع العام الماضي، باتت تهدد جمع محصول الصمغ العربي الذي يعتبر مكونا رئيسيا للكثير من المنتجات ابتداء من المشروبات الباردة مرورا بمنتجات التجميل وحتى الأدوية. يستخدم الصمغ العربي في منع مكونات المشروبات الغازية من التركز في القاع، كما يستخدم ايضا في ضبط درجة تماسك الشامبوهات فضلا عن استخدامه في تغليف الاقراص الطبية بالاضافة الى عدة استخدامات اخرى. يشار الى ان الولايات المتحدة ظلت تفرض عقوبات اقتصادية على السودان منذ العام 1997 بسبب ارتباطه بإرهابيين. وبسبب ندرة الصمغ العربي وأهمية استخدامه في بعض المنتجات حث بعض قادة قطاع الاعمال التجارية في الولايات المتحدة الجهات المختصة على استثنائه من العقوبات التجارية المفروضة على السودان، الذي ينتج حوالي ثلثي الانتاج العالمي من الصمغ العربي، كما يحتل الصمغ السوداني المرتبة الاولى من ناحية الجودة. إلا ان المشكلة الآن في جنوب دارفور تكمن في ان السكان الفقراء الذين يعملون في جمع الصمغ العربي من اشجار الهشاب لا يريدون المخاطرة بحياتهم في ظل النزاع المسلح الحالي الذي يدور في هذه المنطقة مما ادى الى نزوح ما لا يقل عن مليون شخص. يضاف الى ذلك ان اشجار الهشاب، التي تنتج محصول الصمغ، باتت تتعرض للقطع بواسطة النازحين بسبب الحاجة الى حطب الوقود والأخشاب لبناء الاكواخ. ويقول مدير مصلحة الغابات بمنطقة جنوب دارفور، محمد الحسن علي، ان ثمة مشكلة حقيقية تتمثل في تراجع حصاد الصمغ العربي العام الماضي، كما ابدى قلقا واضحا ازاء محصول العام الجاري. وكان انتاج الصمغ السوداني قد تراجع بنسبة 60 في المائة في الموسم الذي انتهى في الاسابيع الاخيرة، اذ يعزو مسؤولون في قطاع انتاج الصمغ السبب في ذلك الى الجراد وتراجع كميات الامطار، ويرون ان انعدام الأمن يفاقم فقط من هذه المشكلة. ويعني تراجع كميات الصمغ التي ينتجها السودان ان الكثير من الشركات التي تعتمد عليه في منتجاتها، مثل كوكا كولا وفايزرن ستدفع ثمنا مرتفعا للحصول عليه. اذ يقول كريس بيرلاينر، نائب رئيس «شركة خدمات الموردين» في جيرزي سيتي، وهي شركة تعمل في استيراد الصمغ العربي من السودان ومعالجته وتسويقه، ان هناك تراجعاً في كميات الصمغ المنتجة وارتفاع في اسعاره يقدر بنسبة 100 في المائة. وبسبب اهمية الصمغ العربي كعنصر اساسي في الكثير من المنتجات اتجه بيرلاينز ورجال اعمال اميركيون آخرون الى متابعة آخر التطورات في محادثات السلام في السودان. نسبة لتدني الانتاج ارتفعت بصورة حادة الاسعار المعروضة على السكان المحليين الذين يعملون في جمع الصمغ من اشجار الهشاب. ويجري جمع الصمغ في الغالب بواسطة سكان محليين يعملون في هذا المجال وذلك قبل بيعه الى وسطاء يبيعونه بدورهم الى «شركة الصمغ العربي المحدودة» التي تملك الحكومة 30 بالمائة من اسهمها. ويصل سعر 100 كيلوغرام من الصمغ (حوالي 220 رطلا) في الاحوال العادية الى 40000 جنيه سوداني (حوالي 150 دولاراً اميركياً). وقال مسؤولون ان سعر الطن المتري من الصمغ المكرر يكلف حوالي 1500 دولار، بيد ان هذا السعر تضاعف الآن.

وكان موردو الصمغ العربي في الولايات المتحدة قد عانوا ازمة قبل عدة سنوات عندما ارتبط اسم اسامة بن لادن، خلال اقامته في السودان بالعمل في هذا القطاع. إلا ان مسؤولا بوزارة الخارجية الاميركية صرح بأنه لا يوجد الآن ما يشير الى وجود هذه العلاقة. يعتبر النفط اكبر مصدر للعملات الصعبة في السودان، إلا ان السودان يعتبر في الاساس بلدا زراعيا ورعويا يعمل ثلثا سكانه في هذين القطاعين، فيما تضمن قائمة المحاصيل النقدية الاخرى القطن والفول السوداني والصمغ العربي.