لبنان: الانتخابات البلدية في طرابلس سياسية تتجاذبها سيناريوهات «التوافق» و«المعركة»

TT

في نهاية مايو (ايار) الجاري تحط الانتخابات المحلية اللبنانية رحالها في محافظة الشمال من اجل اختيار اعضاء المجالس البلدية والمخاتير. وفي حين يفترض ان تكون اهداف هذه الانتخابات تنمية المناطق الشمالية في لبنان التي طال معظمها الحرمان من جراء الحرب، يبدو ان السياسيين عزموا على تحويلها الى معارك سياسية من اجل تكريس مقولة يتداولها اللبنانيون باستمرار، وهي ان السياسة تدخل في كل شيء في لبنان... من دون استثناء.

مدينة طرابلس (عاصمة محافظة الشمال)، التي يقدر عدد الناخبين فيها بنحو مائتي الف ناخب، تعيش ـ كغيرها من المدن والبلدات والقرى التي تنتظر الانتخابات البلدية ـ ارتفاع حرارة الاتصالات السياسية من اجل تحديد مسار مجلس بلديتها المؤلف من 24 عضواً موزعين عرفاً على الطوائف كالآتي: 18 عضواً مسلماً سنياً، وثلاثة اعضاء علويين وعضوان مسيحيان من طائفة الروم الارثوذكس ومسيحي ماروني واحد.

فقبل اسبوعين فقط من موعد اجراء الانتخابات وقبل خمسة ايام على اقفال باب الترشيح لمحافظة الشمال، لم تعلن الا لائحة واحدة غير مكتملة في عاصمة الشمال ضمت 13 مرشحاً. بيد ان الخطوة الاهم هي التي ستلي ذلك، اذ تشير الاجواء الى امكانية اعلان «لائحة توافقية» يبقى معها رئيس المجلس الحالي والعميد المتقاعد من قوى الامن الداخلي سمير الشعراني في رئاسة البلدية، او «لائحة معركة» تعلن ايضاً من مكتب الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي برئاسة العميد الشعراني نفسه لتواجه لائحة الـ 13 المدعومة، كما تردد، من نواب «التكتل الطرابلسي» ووزير الاشغال العامة والنقل نجيب ميقاتي ووزير التربية سمير الجسر (المسؤول عن تيار رئيس الحكومة رفيق الحريري في الشمال).

وعلمت «الشرق الأوسط» ان التوزيع سياسياً وطائفياً في حال حصول التوافق سيكون كالآتي: النسبة الاكبر من الاعضاء السنة سيكونون من حصة الرئيس كرامي، ويراوح عددهم بين 8 و10 اعضاء مع الرئيس الذي هو العميد الشعراني. وسيكون بين هؤلاء ثلاثة فقط من اعضاء المجلس الحالي. اما الاعضاء الباقون فسيتوزعون كما يأتي: عضوان لـ«التكتل الطرابلسي» يمثلان النائبين محمد كبارة ومحمد الصفدي، وعضوان يمثلان الوزير نجيب ميقاتي، وعضو واحد لتكتل الرئيس الحريري، وثلاثة اعضاء للقوى الاسلامية («الجماعة الاسلامية» و«التوحيد»)، وعضو واحد للاحزاب الوطنية. ويخضع ذلك للمد والجزر في الاتصالات السياسية وغير السياسية القائمة على قدم وساق.

اما في ما يخص الطائفة العلوية فسيجري التوزيع على الشكل الآتي: واحد يمثل النائب احمد حبوس وآخر يمثل النائب السابق علي عيد، بينما يكون الثالث من حصة الاحزاب. وعلى صعيد الاعضاء المسيحيين فانهم سيتوزعون كالآتي: العضو الماروني يسميه وزير الخارجية جان عبيد، والعضوان الارثوذكسيان يمثل أحدهما النائب موريس فاضل (احد اعضاء «التكتل الطرابلسي») والآخر يمثل النائب السابق سليم حبيب.

يبقى القول ان مبدأ «التوافق» هذا الذي تشدد عليه مجموعة كبيرة من القوى المؤثرة على الساحة الطرابلسية هو من اجل ايصال المرشحين المسيحيين والعلويين الى المجلس بشكل كامل، على اعتبار ان انتخابات العام 1998 اقصت العلويين بشكل كامل واوصلت ممثلاً واحداً فقط عن الروم الارثوذكس. هذا بالنسبة لـ«التوافق». اما في حال رجحان كفة «المعركة» فإن مكتب كرامي سيشهد خلال الساعات المقبلة اعلان لائحة مكتملة ستخوض المعركة في وجه الباقين وتضم معظم الاعضاء السنة في المجلس الحالي المحسوبين على التيار الكرامي مع تبديل في الاسماء العلوية والمسيحية. وقد يجر هذا الى تحالف مع القوى الاسلامية (من «جماعة» و«توحيد»).

واذا كانت الساعات المقبلة ستكشف حقيقة التوجهات الانتخابية في عاصمة الشمال فإن ما يتداوله الطرابلسيون يفيد بأن العاصمة الثانية ستتشبه بالعاصمة الاولى بيروت بحيث تتكرر «ظاهرة (عبد المنعم) العريس» رئيس البلدية البيروتي الذي اعيد انتخابه، بحيث يبقى الشعراني أيضاً رئيساً لبلدية طرابلس.