الهند: انتخاب سونيا غاندي رئيسة للكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر... على الطريق لرئاسة الحكومة

TT

كما كان متوقعاً على نطاق واسع، انتخبت الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الهندي أمس زعيمة الحزب سونيا غاندي رئيسة لها، ممهدة بذلك الطريق لتوليها رئاسة الحكومة الجديدة في الهند. غاندي (57 سنة)، الايطالية الاصل وأرملة رئيس الوزراء السابق راجيف غاندي، انتخبت فعلياً بالتزكية بعدما امتنع أي من قادة الحزب الآخرين عن ترشيح نفسه ضدها. وبدا واضحاً ان القادة والحركيين الحزبيين يشعرون بالامتنان والاعجاب ازاء الزعيمة التي خاضت حملة انتخابية مضنية ضد حزب «بهاراتيا جاناتا» الهندوسي المتطرف وحلفائه في الائتلاف الحكومي المهزوم. وزاد في حجم الرضى الشعبي في صفوف مناصري حزب المؤتمر، الذي كان حزب السلطة على امتداد عقود قبل ان يخسر مواقعه للمتشددين الهندوس في السنوات الخمس الأخيرة، نجاح سونيا غاندي خلال الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية في قلب توقعات فوز «بهاراتيا جاناتا» رأساً على عقب، عبر استنهاضها ولاء الأرياف والأقليات العرقية والدينية والطبقات الفقيرة التي كانت دائماً تشعر بالأمان في ظل حكم حزب المؤتمر العلماني والاشتراكي الميول. واعتباراً من اليوم، بعد انتخابات امتدت من 20 ابريل (نيسان) الماضي الى 10 مايو (ايار) الجاري، ستبدأ سونيا غاندي مشاورات مع زعماء الأحزاب الحليفة، وكذلك القوى الاشتراكية والشيوعية التي حققت أحزابها أيضاً نتائج طيبة في الانتخابات لتشكيل حكومة يسار وسط تتولى حكم أكبر دولة ديمقراطية في العالم.

* ارقام وحسابات حزب المؤتمر وحلفاؤه حصلوا وفق آخر النتائج الرسمية على 217 مقعداً من أصل مقاعد مجلس النواب (اللوك سابها) الـ539، مقابل حصول «بهاراتيا جاناتا» وحلفائه على 185 مقعداً، وحصول القوى الأخرى على 137 مقعداً. ويذكر ان عدداً كبيراً من هذه المقاعد يزيد على 60 مقعداً يعود للاشتراكيين وللشيوعيين الأقوياء تقليدياً في معقليهما التاريخيين ولايتي البنغال الغربية (الشمال الشرقي) وكيرال (أقصى الجنوب الغربي). وبالتالي يتوقع الا تواجه غاندي اي مشكلة في جمع الاغلبية المطلقة من المقاعد اي 272 مقعداً عبر عقد تحالف عريض يمثل يسار الوسط وبعض القوى الاقليمية المتوافقة مع هذا الاتجاه.

وأمس اعلن قياديون في حزب المؤتمر انه تم التوصل الى توافق مع الحلفاء المحليين والشيوعيين حول تولي غاندي رئاسة ائتلاف حكومي، ومن المرتقب عقد عدة اجتماعات اليوم الأحد للتفاهم على برنامج «اهداف مشتركة»، كما سيكون على الشيوعيين خصوصاً ان يقرروا ما اذا كانوا سيشاركون في الحكومة فعلياً ام سيكتفون بدعمها برلمانياً فقط.

هذا، وكانت الاداء القوي للاحزاب اليسارية في الانتخابات قد أثار قلق الاسواق بشأن مستقبل سياسات الخصخصة والتغييرات الاقتصادية الاخرى في ما يعتبر ثالث اضخم اقتصاد اسيوي. وتراجعت اسعار الاسهم وقيمة الروبية (العملة الوطنية الهندية) الى ادنى مستوى خلال اشهر يوم أول من أمس الجمعة بعد يوم من التصريحات التي ادلى بها الزعماء الشيوعيون.

غير ان سونيا غاندي تعهدت بمواصلة سياسة التحرر الاقتصادي التي بدأتها حكومة حزب المؤتمر السابقة قبل اكثر من عقد. كما وعد مانموهان سينغ، القيادي البارز في حزب المؤتمر ووزير المالية السابق عند اطلاق سياسة التحرر الاقتصادي في اوائل التسعينات ـ وهو مرشح لاستعادة المنصب ـ «المستثمرين بان تواصل الحكومة المركزية الجديدة العمل بالسياسات من اجل تهيئة اجواء مواتية لنمو المدخرات والاستثمارات من اجل نمو سريع في الانتاج». ولكن رغم الالتزام بالتغيير فان المحللين يتوقعون ان يعمل المؤتمر على تطوير صيغه بعدما تخلى مئات الملايين من الهنود الفقراء عن «بهاراتيا جاناتا» لفشله في توسيع نطاق الدائرة التي استفادت من ثمار الطفرة الاقتصادية. ويتوقع المحللون اعادة حكومة المؤتمر وحلفائه تخطيط التغييرات بحيث تستفيد المناطق الريفية ايضا من هذه الثمار بدلاً من ان تظل محصورة في نطاق الطبقات العليا بالمناطق الحضرية.