أول مصنع نسائي لإنتاج الملابس الداخلية تديره 90 فتاة سعودية

العاملات في المصنع طرزن بفرح عبارة «صنع بأيد سعودية» ومعظمهن حاصلات على مؤهلات جامعية

TT

بعد 9 أشهر من العمل المتواصل، لا تسع الفرحة قلوب 90 فتاة سعودية وهن يطرزن عبارة «صنع بأيد سعودية» على منتجات أول مصنع نسائي متخصص في الملابس النسائية في السعودية.

المصنع الذي سيدشن باكورة إنتاجه مطلع الأسبوع المقبل في الأسواق المحلية تحت علامة تجارية مسجلة باسم «ليلك» يعد الأول من نوعه في صناعة الملابس الداخلية والقمصان القطنية في السعودية. وتبلغ تكلفة المصنع 13 مليون ريال سعودي ( 3.46 مليون دولار). ويقول محمد سليمان الباشا مالك المصنع «الطاقة الإنتاجية للمصنع حاليا بحدود 6 ملايين قطعة سنويا لتلبية طلبات الأسواق المحلية. ونسعى خلال الثلاث سنوات المقبلة الى توظيف نحو 600 فتاة سعودية لإكمال مراحل التشغيل والطاقة الإنتاجية بحدود 10 ملايين قطعة سنويا وسنقوم بتصدير منتجاتنا الى الأسواق العربية والخليجية».

وتقول فاطمة سعيد المولد وهي إحدى العاملات في المصنع الجديد «الأعمال الكبيرة تبدأ بحلم صغير». وتضيف «أحب الأشغال اليدوية والتطريز رغم أنني أحمل مؤهلات جامعية. وعندما سمعت بإنشاء هذا المصنع، انحزت الى موهبتي، وقررت أن أنضم الى أول دفعة تدير هذا المشروع المبتكر في السوق المحلي، خصوصا أنه يوفر تدريبا عاليا تتولاه شركة عالمية، ويتمتع بظروف عمل تراعي خصوصية الفتاة السعودية». وتعبر فاطمة عن سعادتها وهي تشارك زميلاتها في فتح آفاق جديدة لعمل المرأة السعودية وفي مهن لم يسبق العمل فيها قائلة «علينا أن نكسر القاعدة التي تحصر الوظائف النسوية في قطاعي التعليم والصحة. نحن هنا لنؤكد أننا قادرات على المشاركة في مجالات التنمية المختلفة، وأن نثبت أننا أعضاء فاعلات في المجتمع، وقادرات على أن نحقق طموحاتنا وأحلامنا وخدمة وطننا، طالما توفرت لنا ظروف العمل المناسبة». وأضافت «الصعوبات التي تواجهها الفتاة السعودية في حياتها العملية كبيرة نظرا لمحدودية فرص العمل المتاحة فيها».

وتؤكد نورا حسن الجراح، التي تعمل منذ 9 اشهر في المصنع، أن المجتمع السعودي «أصبح واعيا ويدرك ضرورة عمل المرأة وبات يتفهم أن لها دورا يجب أن تقوم به في مختلف المجالات. اعتقد أننا بدأنا نتجاوز هذه المرحلة ونصبح افضل».

وتضيف «لم أواجه أية صعوبات في مجال عملي الجديد حتى الآن. وجميع زميلاتي يعملن من أجل نجاح هذه التجربة، خاصة أن هذا المصنع هو الأول من نوعه لعمل المرأة، وعملنا يحمل تحديا لإظهار قدرة وإنجاز الفتاة السعودية، وهي مسألة مهمة بالنسبة لنا جميعا، فلم يسبق لنساء سعوديات العمل في مصانع بهذا الحجم تعتمد على الإنتاج والتوريد والتصدير وبكميات ضخمة للأسواق المحلية والخارجية».

وتحكي فاطمة المرحبي، وهي تحمل شهادة بكالوريوس آداب في علم الاجتماع، قصة انخراطها في العمل بالمصنع بقولها «كنت في السنة الأخيرة في الجامعة عندما سمعت عن هذا المصنع وسعيه لاستقطاب فتيات سعوديات للعمل فيه، وبالفعل تقدمت بأوراقي وتم قبولي كمتدربة لحين انتهاء دراستي الجامعية. وبعد التخرج التزمت بالعمل بشكل متفرغ، وأنا سعيدة بالعمل الجديد الذي أمضيت فيه حتى الآن نحو 8 اشهر». وختمت المرحبي بتأكيدها،«أخيرا وجدت نفسي!». وتؤكد السيدة «قابيرا»، وهي خبيرة إيطالية تولت الإشراف على تدريب العاملات السعوديات في المصنع ،أنها سعيدة بتجربتها مع الفتيات طوال التسعة أشهر الماضية. وتقول «لقد تركن في نفسي انطباعا جميلا عن الفتاة السعودية، ولقد أظهرن ذكاء لافتا في اكتساب المهارات الخاصة بالخياطة والحياكة وصناعة الملابس بسرعة كبيرة، ووجدت منهن تعاونا كبيرا، ورغبة صادقة في العمل والإنتاج».

وأضافت «فوجئت بالتميز والدقة في العمل والحضور الجيد لدى الفتيات السعوديات وكذلك التزام الكثير منهن بكل التعليمات والتمتع بروح العمل كفريق واحد».

من جانبه، يؤكد الباشا أن الأمر لم يكن سهلا عند اختيار العاملات في المصنع، فمعظم من تقدمن بطلب العمل حاصلات على مؤهلات جامعية، ويملكن الرغبة الجادة في العمل والاستمرار فيه. ويضيف الباشا «لقد اعطينا الاولوية الى عملية تدريب وتأهيل العاملات خلال الثمانية الأشهر الماضية الى شركات متخصصة، ووجدت من الأغلبية انضباطا كبيرا في العمل والإنتاج».

ولا ينفي الباشا أنه كانت تتملكه المخاوف من أن يعلق مصير استثماره على الفتيات السعوديات بسبب ما يشاع عن عدم التزامهن بالعمل بسبب الظروف الأسرية والعادات والتقاليد الاجتماعية، لكنه قرر أن يكسر تلك القاعدة. وقال: «نعم كانت لدي مخاوف من العمل مع السعوديات، إلا أنها تلاشت مع مرور الأيام حينما شاهدت العمل الدؤوب الذي يقوم به معظمهن، والتميز الذي يعملن به، والذي بدد كل المخاوف وأشعرني بالطمأنينة والنجاح مقدما».

وتعلق فاطمة المرحبي على ملاحظة مالك المصنع بقولها «في أحيان كثيرة تضطر الفتاة السعودية الى ترك العمل في القطاعات التي لا توفر ظروفا تراعي العادات والتقاليد، أو ظروف حياتهن الاجتماعية والأسرية، ومتى ما توفر المناخ المناسب فإن الفتاة السعودية قادرة على الاجتهاد وقبول التحدي كي تثبت نجاحها، وقدرتها على تتجاوز كل الظروف المعيقة لأداء وظيفتها بأفضل وجه، ونحن هنا من اكبر الشواهد على ذلك». ويبدأ عمل الفتيات السعوديات في المصنع من الساعة الثامنة صباحا وحتى الرابعة يوميا باستثناء الإجازة الاسبوعية. ويوفر المصنع حافلات خاصة بتوصيل العاملات الى منازلهن بعد انتهاء فترة دوام العمل. وتتقاضى كل عاملة راتبا شهريا يتراوح ما بين 1500 الى 2000 ريال، إضافة الى توفير التأمين الطبي لها. وتقول فاطمة المرحبي «ساعات الدوام مناسبة وتراعي ظروفنا الأسرية لذلك لا نجد ما يمنع من استمرارنا في العمل».

من جهته عبر الأمين العام للمشروع الوطني للتدريب والتوظيف بمنطقة مكة المكرمة عبد العزيز بن محمد الهزاع عن سعادته بنجاح هذا المشروع واستقطاب الكوادر النسائية السعودية للعمل فيه بشكل كامل. وطالب الهزاع رجال الأعمال والمستثمرين في السعودية بالمضي قدما في فتح مجالات جديدة لعمل المرأة السعودية، وقال «هذا المصنع ثمرة تعاون بيننا وبين مجموعة الباشا التجارية، والهدف الرئيسي منه هو توفير وظائف للخريجات السعوديات والاهتمام بعملية التأهيل والتدريب لمواكبة التنمية الاقتصادية ومتطلباتها في السعودية».