قوات التحالف تقر لائحة أساليب جديدة للتحقيق مع المعتقلين في العراق

الجنرال سانشيز يمنع حرمان السجناء من النوم أو تهديدهم باستخدام الكلاب ويحظر أي اتصال جسدي معهم

TT

منع الجنرال ريكاردو سانشيز قائد القوات الأميركية في العراق المحققين العسكريين استخدام أساليب الاكراه المتاحة لهم في الماضي ضد المعتقلين في السجون العراقية، موضحا ان الطلبات الهادفة الى استخدام اجراءات ضد المعتقلين لن يجري النظر بها.

وتأتي توجيهات سانشيز في غمار ضجة سياسية حول الكشف أوائل الأسبوع الحالي عن أن محققين اميركيين قد سمح لهم بطلب اذن من الجنرال سانشيز لاستخدام طائفة من أساليب التحقيق القاسية على أساس معالجة كل قضية بمفردها.

وقال مسؤولون اميركيون انه منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي صادق سانشيز على عدد من هذه الاجراءات وكلها ترتبط بمنع عزل المعتقلين لفترات طويلة. وقال المسؤولون ان المحققين كانوا أحرارا بموجب السياسة السابقة في السعي الى تفويض من أجل اتخاذ اجراءات أخرى اشد، بما فيها الحرمان من النوم، وتغيير واستغلال برنامج التغذية، وممارسة الضغوط النفسية، واستخدام الكلاب لتهديد المعتقلين.

وقال المسؤولون ان ثلاثة طلبات لوضع المعتقلين في أوضاع نفسية ضاغطة لارغامهم على التحدث قد قدمت ولكنها رفضت، ولكنهم لم يشيروا الى أسباب الرفض.

وفي ايجاز لوزارة الدفاع كرر المسؤولون الحجج من أن مثل هذه الاجراءات المكثفة في التحقيق متوافقة تماما مع معاهدات جنيف التي تقضي بالمعاملة الانسانية مع المعتقلين. ولكن ذلك القرار جرى تحديه بقوة الأسبوع الحالي من جانب مشرعين وخبراء في مجال حقوق الانسان وآخرين، بعد أن نشرت لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ وثيقة للجيش كانت قد وضعت على جدار في سجن أبو غريب وفيها تسعة من أساليب الضغط الشديد في التحقيق التي يمكن استخدامها اذا ما جرت المصادقة عليها من جانب سانشيز. وبموجب الأمر الجديد الذي اصدر الخميس الماضي لن يقوم سانشيز وموظفوه بالنظر في أية طرق تحقيق استثنائية غير وضع السجناء وحدهم في زنازين أو مجموعات صغيرة بعيدا عن نزلاء السجن العام لأكثر من 30 يوما. وستبقى أساليب التحقيق الاعتيادية مثل الاستجواب المباشر للمعتقلين بدون ضغط جسدي مسموح بها دونما حاجة الى مصادقة خاصة.

وقال ضابط كبير في الجيش مشترطا عدم الاشارة الى اسمه ان «ما قيل هو ببساطة أننا لن نقبل طلبا لممارسة ما أكثر قسوة من العزل أو السجن الانفرادي. ولهذا فانه لا يتعين ارسال مثل هذه القضايا لغرض اعادة النظر فيها.

وأصدر سانشيز التوجيه في اليوم ذاته الذي التقى فيه وزير الدفاع دونالد رامسفيلد معه في زيارة مفاجئة الى العراق. ولكن لاري ديريتا، كبير المتحدثين باسم رامسفيلد، قال اول من أمس ان وزير الدفاع لم يوجه الجنرال بشأن اعادة النظر في السياسة المتبعة. واعترف ديريتا، تحت ضغط من ممثلي الصحافة حول سبب التغيير، بأن «التدقيق المشدد خلال الأسبوعين الأخيرين» ربما لعب دورا. ولكنه أشار ايضا الى «عملية نشيطة» لمراجعة دورية بدأت قبل وقت طويل من انكشاف الفضيحة الحالية الخاصة بانتهاكات المعتقلين على يد جنود أميركيين ومقاولين خاصين في سجن أبو غريب الواقع خارج بغداد. وجسد الايجاز الصحافي المقدم أول من أمس أيضا أول تقرير تفصيلي حول بداية سياسة التحقيق التي يتبعها الجيش الأميركي في العراق. فحتى الخريف الماضي كانت القوات الأميركية في البلد تفتقر الى سياسة محددة لاستجواب المعتقلين.

وقال أحد ضباط الجيش «انهم كانوا يعتمدون على الطرق التي تضمنتها كراسة حول التحقيقات التي تقوم بها قوات الجيش في الميدان».

وقد تغير ذلك بعد زيارة الى العراق قام بها في أغسطس (آب) وسبتمبر (ايلول) الماضيين الجنرال جيفري ميلر الذي كان حينئذ آمر معسكر اعتقال غوانتانامو الأميركي بكوبا، الذي جاء لتقييم ممارسات التحقيق. وكانت من بين توصياته أن يتبنى القادة العسكريون في العراق سياسة تحقيق واضحة، وكنموذج لذلك ترك ميلر نسخة من السياسة المتبعة في معتقل غوانتانامو.

وقد تضمنت تلك السياسة بعض الاجراءات الأكثر اكراها وقسرا مما يمكن أن تستخدمه القوات الأميركية في العراق، التي اعطيت اوامر للتمسك الشديد بما تضمنته معاهدات جنيف. وقال المسؤول العسكري «استخدمنا جزءا منها واستثنينا أجزاء أخرى. وكان ذلك اساس سياسة التحقيق الأولى التي وضعت في سبتمبر الماضي».

وبعد مراجعة لاحقة من جانب القيادة الوسطى الأميركية جرى تحديد سياسة معدلة يوم 12 أكتوبر الماضي. وفي احد فصول هذه السياسة هناك الطرق المقرة للتعامل مع جميع المعتقلين، مثل تكرار توجيه الأسئلة، والبقاء في حالة صمت، واللعب على اعتداد المعتقل بنفسه، وابلاغ المعتقلين أنه يمكنهم الحصول على معاملة أفضل اذا ما تعاونوا مع المحققين. وحدد فصل آخر «اجراءات وقاية» بما في ذلك نص قانوني يقضي بمعاملة جميع المعتقلين بطريقة انسانية.

وأوضحت الوثيقة أيضا ان استخدام أي أسلوب غير محدد بوضوح في التعليمات يتطلب مراجعة من جانب ضابط استخبارات كبير ومحام عسكري من العاملين مع سانشيز ومصادقة سانشيز نفسه.

وقال المسؤول انه في يوم 18 أكتوبر قام عسكري لم يعلن عن اسمه من لواء الاستخبارات العسكرية الخامس والعشرين، العامل في أبو غريب، بتقديم خلاصة من صفحة واحدة عن تلك السياسة. وكانت تحمل عنوان «قواعد التحقيق في الاشتباك»، وعلقت الصفحة على جدار مركز التحقيق المشترك.

وهذه هي الصفحة التي نشرتها لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء الماضي. وعلى الجهة اليسرى منها أظهرت قائمة طرق التحقيق المقرة عموما، وعلى اليمين كانت الطرق التي تستدعي مصادقة سانشيز. وتضمنت هذه «تغيير واستغلال برنامج التغذية واستغلال البيئة والحرمان من الاحساس والضغوط النفسية وارباك النوم الطبيعي لمدة تصل الى 72 ساعة، والعزل لمدة تزيد على 30 يوما، واستخدام الكلاب للتهديد».

وكانت هذه الأساليب الاستثنائية قد ظهرت في سياسة سبتمبر ولكنها انتهت الى الغائها من سياسة أكتوبر. وعندما سئل المسؤول عن توضيح سبب التغيير أشار الى أن ذلك يعكس التحفظات سواء في القيادة الوسطى أو في مواقع اخرى ذات علاقة بعملية اعادة النظر بشأن امكانية قبول الاجراءات الأكثر شدة أو النصح في تحديدها. وقال «هناك أشخاص عقلانيون وأشخاص أذكياء وبارعون تماما يمكن أن يختلفوا مع ما يجري اقراره ومع ما هو مسموح به، بموجب معاهدات جنيف، خصوصا في سياق المعتقلين لأسباب أمنية». غير أنه تكهن بأنه بسبب كون الاجراءات كانت قد ظهرت في السياسة الأولى وفي مسودات أخرى، فانها موجودة في الخلاصة الشهيرة في الوقت الحالي التي عرضت على جدار مركز التحقيق.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»